توقيت القاهرة المحلي 10:28:59 آخر تحديث
  مصر اليوم -

اعترافات خامنئي

  مصر اليوم -

اعترافات خامنئي

بقلم: نديم قطيش

مشكوراً قدم المرشد الإيراني علي خامنئي اعترافه بطبيعة الدور الذي تلعبه بلاده في المنطقة العربية. ففي سلسلة تغريدات على حسابه العربي على منصة «تويتر»، قدم خامنئي تصوراً لمؤامرة غربية أحبطتها إيران، وفي تفاصيلها أن الغربيين يرون أن «العمق الاستراتيجي لإيران 6 بلدان، كان يجب أن تسيطر عليها أميركا والاستعمار، ثم يأتون إلى إيران، فكان لا بدّ من الإطاحة بحكومات هذه الدول الست (العراق، وسوريا، ولبنان، وليبيا، والسودان، والصومال)». ويضيف: «في الدول الثلاث (العراق، وسوريا، ولبنان) نجحت سياسة إيران وأخفقت أميركا. إنّ نتيجة دخول إيران هي هزيمة أميركا في هذه البلدان الثلاثة».

يُبطل مثل هذا الاعتراف كل مساعي تبرئة إيران من التدخل في شؤون لبنان وسوريا والعراق، وغيرها من الدول (الساحات، حسب التعبير الإيراني)، وينفي مزاعم قادة الميليشيات التابعة لإيران والعاملة في هذه الدول، أن إيران تدعم تطلعات الشعوب، لا أجندتها الخاصة.
بيد أن المثير في كلام خامنئي أمران: أولاً أنه يقيم تناقضاً صارخاً بين تبني نجاح الاستراتيجية الإيرانية علناً، وبين التبرؤ الدائم من كل الأفعال التي يفترض أنها أفضت إلى هذا النجاح؛ لا سيما حين تكون هذه الأفعال ذات طابع إجرامي. وثانياً أنه لا يتوقف ولو لهُنيهة عند الأثمان المهولة للنجاح المفترض لاستراتيجية بلاده، والتي دفعتها شعوب لبنان وسوريا والعراق.
فلو أخذنا لبنان مثلاً؛ حيث حكمت محكمة خاصة على عدد من المتهمين بجريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، ممن هم أعضاء في خلايا النخاع الشوكي لميليشيا «حزب الله»، جاز لنا أن نسأل إن كان اعتراف خامنئي هو اعتراف غير مباشر بقتل الحريري أيضاً.
فبحسب منطق خامنئي، ما كان الحريري إلا تعبيراً سياسياً من تعبيرات الاستعمار ومشروعه، وأداة ضمن عدة الشغل الغربية التي تفضي في النهاية إلى خدمة المشروع الاستعماري الغربي ممثلاً بـ«الكيان الصهيوني». ولئن قتل الحريري، ثم انتصر المشروع الإيراني -حسب خامنئي- بات من غير المفتعل القول إن مقتل الرجل كان المقدمة الضرورية للانتصار، ويصب بالتالي رصيد شطبه في رصيد خامنئي وإيران.
أما لو نظرنا إلى الأحوال العامة في لبنان، والعراق، وسوريا، فسيتيسر لنا استنتاج أن ما حل باللبنانيين والسوريين والعراقيين (والإيرانيين بالتأكيد)، أثمان زهيدة لا بد منها بغية تدبير الانتصار على مؤامرة الغربيين، أكانت هذه الأثمان هدم الدولة اللبنانية، أو سحق النسيج الاجتماعي السوري، أو نهب وتفتيت العراق، وإلحاقه بمنظومة حكم المافيا والميليشيا.
بيد أن هذا الطرح التبسيطي على لسان خامنئي لطبيعة الدور الإيراني، كدور مناوئ لمؤامرة الغربيين، ثم الاستنتاج المتسرع بالانتصار، يحتاج هو أيضاً للوقوف عنده.
فلا يخبرنا خامنئي لماذا لم تشمل هزيمة المؤامرة الغربية، إنهاء إسرائيل، بوصفها درة تاج المؤامرة، حسب الفهم الإيراني للعالم. وكيف يحصل أن تكون أحوال إسرائيل الاقتصادية والمالية والعلمية والعسكرية على هذا النحو من التقدم الصاروخي، في مقابل الأحوال المزرية للمنتصرين عليها! ولا يخبرنا كيف يُحسب ضمن ديناميات مواجهة المؤامرة، التحالف والتآزر مع الأميركيين في العراق، والتنسيق معهم لإسقاط صدام حسين، ثم ترتيب تكوين وتقاسم السلطات فيه، حتى يومنا هذا.
كل هذا مما لا يدخل في حسابات منطق علي خامنئي هذه الأيام. فمنطق الآيديولوجيا المأزومة لا يتوقف كثيراً عند دقة الأدلة، أو ما تفصح عنه الأرقام والمعادلات الحسابية الصارمة. منطق علي خامنئي هو منطق المأزوم والموجوع في آن.
لم تأتِ تغريدات خامنئي من فراغ. فهي امتداد لعدد من السلوكيات التي تصدر عن جهة سياسية يائسة في مواجهة أخطر انتفاضة داخلية تواجهها، حتى ولو قُيض لليد الحديدية أن تقمع الحراك الشعبي. فإيران فكرة قبل أن تكون أي شيء آخر، وهذه الفكرة تُسحل في شوارع المدن والبلدات الإيرانية. الباقي من الفكرة هو القدرة على البطش، وإرغام الناس على تجرعها بالعنف العاري والصلف، واستدعاء الهيبة بالبلطجة في وجه العالم.
من تهديدات «الحرس الثوري» للسعودية، إلى العدوان على سفينة تجارية في بحر عمان، إلى رفع مستوى تخصيب اليورانيوم في إيران، إلى زيادة الدعم العسكري لروسيا في أوكرانيا بالمُسيَّرات والصواريخ، إلى الأنباء عن نشر إيران منظومة صواريخ أرض جو، تهدد خطوط الملاحة الجوية في شرق آسيا، وغيرها الكثير الكثير من تعبيرات الاستنفار، تصب جميعاً عند حقيقة بسيطة يرفض النظام الإيراني الاعتراف بها، وهي أن كل الانتصارات في الخارج، الوهمية والفعلية، لا تغطي على هزيمة الفكرة الإيرانية في الداخل.
يمكن لخامنئي عبر ميليشياته أن يفرض رئيساً في لبنان، أو أن يطيح معادلة عراقية سياسية يقلقه ارتفاع منسوب العروبة فيها، كتلك التي شكَّلها رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي، ويمكنه أن يفتح باب الابتزاز للدول الخليجية في المياه الدولية، كما على تراب اليمن، أو أن يهدد أمن أهداف مدنية إسرائيلية.
كل هذا ممكن بمنطق القوة والقمع. ما لا يمكنه فعله هو أن يعيد إلى فكرة الجمهورية الإسلامية في إيران ذرة احترام واحدة فقدتها، في صرخة امرأة تدافع عن شعرها.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اعترافات خامنئي اعترافات خامنئي



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب
  مصر اليوم - النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 09:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام
  مصر اليوم - ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام

GMT 10:25 2021 الأربعاء ,05 أيار / مايو

فساتين أنيقة بتصاميم مختلفة لربيع وصيف 2021

GMT 17:19 2021 الأربعاء ,14 إبريل / نيسان

طقس الأربعاء حار نهارًا ولطيف ليلًا في أسوان

GMT 04:30 2021 الثلاثاء ,30 آذار/ مارس

أفضل وجهات سفر لعشاق المغامرات

GMT 11:54 2021 الأحد ,07 آذار/ مارس

طريقة عمل مكرونة بصدور الدجاج

GMT 10:40 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

محمد شريف يحتفل ببرونزية كأس العالم للأندية

GMT 01:06 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

تلميذات يتخلصن من زميلتهن بالسم بسبب تفوقها الدراسي في مصر

GMT 21:22 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

مرور 17 عام على انضمام أبو تريكة للقلعة الحمراء

GMT 09:42 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

كرات اللحم المشوية

GMT 06:57 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

جماهير أرسنال تختار محمد النني ثاني أفضل لاعب ضد مان يونايتد

GMT 18:47 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تغيير اسم نادي مصر إلى "زد إف سي" بعد استحواذ ساويرس

GMT 07:26 2020 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

سعر الدولار في مصر اليوم الأربعاء 21تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:31 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

لعنة الغيابات تضرب بيراميدز قبل مواجهة الطلائع في الكأس

GMT 07:46 2020 الأحد ,11 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الأسماك في مصر اليوم الأحد 11 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:43 2020 الجمعة ,09 تشرين الأول / أكتوبر

فنانة شابة تنتحر في ظروف غامضة

GMT 21:14 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

مؤشرا البحرين يقفلان التعاملات على ارتفاع
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon