توقيت القاهرة المحلي 20:14:28 آخر تحديث
  مصر اليوم -

عقلانية القمة... ووحشية السلاح... وخطاب «الممانعة

  مصر اليوم -

عقلانية القمة ووحشية السلاح وخطاب «الممانعة

بقلم - نديم قطيش

 

في النسيج المعقد لسياسات الشرق الأوسط، تقاطعت 3 تطورات، يسلط كل منها الضوء على تعقيدات اللحظة الراهنة في مسار الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي، والديناميات الإقليمية الأوسع المرافقة له. فمن ناحية هناك القمة العربية الإسلامية، ببيان ختامي لافت؛ لا سيما في حضور الرئيس الإيراني، ومن ناحية ثانية هناك التقدم العسكري الإسرائيلي في غزة الذي خالف التوقعات بخصوص كلفته الإسرائيلية، وثالثاً هناك التهافت المريع الذي بدا عليه خطاب محور المقاومة، ممثلاً بحسن نصر الله، في ضوء المآسي النازلة بالمدنيين الفلسطينيين.

نجحت القمة العربية الإسلامية في إقرار بيان ختامي يعكس إلى حد بعيد أولويات محور التعقل والاعتدال العربي، في مقاربة القضية الفلسطينية، على الرغم من حضور الرئيس الإيراني شخصياً إلى المملكة. اللافت في البيان الختامي، بعيداً عن النقاط الأساسية والكلاسيكية في مواجهة تطورات أمنية وعسكرية مماثلة، أن البيان أدان بلغة واضحة «قتل المدنيين»، وأن «لا فرق على الإطلاق بين حياة وحياة، أو التمييز على أساس الجنسية أو العرق أو الدين». فهذا الموقف عدا كونه موقفاً مبدئياً متجذراً في القيم الإنسانية والقانون الدولي، فإنه ينطوي على إدانة ولو غير مباشرة لعملية «حماس» يوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، والتي أدت إلى سقوط عدد كبير من الضحايا المدنيين الإسرائيليين. ويعد هذا الموقف المتقدم رافداً مهماً للموقف العربي الذي يؤكد الحاجة إلى التدخل الفوري لحماية المدنيين الفلسطينيين.

الخلاصة الرئيسية الثانية التي خرجت بها القمة هي إعادة التأكيد على «منظمة التحرير الفلسطينية» باعتبارها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني. تؤكد هذه النقطة ضرورة توحيد الفصائل الفلسطينية جميعها تحت مظلة «منظمة التحرير الفلسطينية»، بغية إنتاج جبهة فلسطينية متماسكة، لا بديل عنها لتحصين الموقف الوطني الفلسطيني. مهما بدا هذا الكلام مملاً، فإنه يبقى المسار الوحيد المثمر للفلسطينيين، والنقيض الموضوعي لمسار الانقسام بين غزة والضفة بمآلاته المأساوية الراهنة.

أما النقطة الثالثة في البيان فهي التأكيد على الالتزام بالسلام خياراً استراتيجياً للعرب، مع التركيز بشكل خاص على حل الدولتين والمبادرة العربية للسلام 2002 أساساً لجهود السلام الشامل والعادل.

أهمية هذه النقاط الثلاث أنها تسترد قيادة الموقف من الصراع الإسرائيلي- الفلسطيني، وتحميها من أفخاخ المزايدات؛ لا سيما أنها أُقرت في ظل إجماع عربي وإسلامي، وبالارتكاز إلى مرجعيات موقف الاعتدال العربي الذي حاولت إيران وغيرها ضربها لحساب موقف يعتمد أكثر على خطاب المقاومة والكفاح المسلح.

وفي هذا السياق، بدا خطاب المقاومة ممثلاً بخطاب حسن نصر الله شديد الارتباك حيال تطور الأحداث الدموية في غزة. فبينما الفلسطينيون يُقصفون بأعنف ما شهدته الحروب السابقة مجتمعة، ويُفرض عليهم النزوح عن ديارهم، بشكل مهين، تسلح حسن نصر الله، نيابة عن المحور، بسيل من الكلام المكرر حول «الإنجازات» المتمثلة بصاروخ هنا ومُسيَّرة هناك، بينما الدبابات الإسرائيلية تسرح في وسط شمال غزة.

لقد أدخل هذا الخطاب الفلسطينيين في دوامة دمار ورعب لا يمكن تخيلهما، نتيجة التجاهل المَرضي لاختلال توازن القوى مع إسرائيل، وعدم تهيئة الساحة الفلسطينية وتزويدها بما يعينها على تحمل أكلاف الحرب. وقد أدى هذا النهج إلى مشاهد الدمار والتهجير، مما سلط الضوء على عواقب الاستراتيجية التي يبدو أنها تفتقر إلى البصيرة والواقعية.

أما على الجانب الإسرائيلي، وخلافاً للتوقعات التي رجحت فشل التوغل العسكري في غزة، والحديث عن احتمال ارتفاع التكاليف البشرية في صفوف الجيش، حقق الأخير تقدماً كبيراً داخل القطاع، واستعاد كثيراً من السمعة التي تبددت نتيجة عملية 7 أكتوبر الماضي. بيد أن هذا النجاح العسكري الإسرائيلي، حتى الآن، يبدو فاقداً بالكامل لأي أفق سياسي أو دبلوماسي يحدد ماهية المسار المستقبلي من وجهة نظر إسرائيل.

أمام هذه الوقائع الثلاث: مقررات القمة العربية الإسلامية، والموقف الإسرائيلي، وخطاب محور المقاومة، يرتسم موقف معقد يعاني من 3 انسدادات خطيرة.

فالقمة العربية الإسلامية تمتلك خطة سياسية واضحة ومتماسكة؛ لكنها تفتقر للأنياب الضرورية لفرضها مساراً واقعياً وعملياً لإنهاء النزاع. أما الموقف الإسرائيلي لحكومة بنيامين نتنياهو فكله أنياب؛ بلا أي ليونة سياسية أو مخيلة براغماتية قادرة على تطوير شيء مشترك، مع الفلسطينيين أولاً ومع الدول العربية ثانياً، بغية وضع حد لهذه السلسلة المتوالية من الأزمات. ويبقى خطاب محور المقاومة الذي يأسر المخيلة الشعبية مستفيداً من هول العذابات الفلسطينية، من دون أن يمتلك القدرة على المقاومة التي ترد عن الفلسطينيين جحيمهم الراهن، أو النبل لتنقية المناخ السياسي من المزايدات والانفعالات والميدانيات التي تعطل الحلول السياسية وتؤجل وقف المعاناة الفلسطينية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عقلانية القمة ووحشية السلاح وخطاب «الممانعة عقلانية القمة ووحشية السلاح وخطاب «الممانعة



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:42 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة
  مصر اليوم - أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة

GMT 10:08 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد
  مصر اليوم - وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 09:50 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل
  مصر اليوم - نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل

GMT 19:23 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

خروج مسلسل ظافر العابدين من موسم رمضان 2025 رسمياً
  مصر اليوم - خروج مسلسل ظافر العابدين من موسم رمضان 2025 رسمياً

GMT 10:53 2024 الثلاثاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

مدبولي يترأس اجتماع المجموعة الوزارية الاقتصادية

GMT 00:06 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

الأمير ويليام يكشف عن أسوأ هدية اشتراها لكيت ميدلتون

GMT 13:01 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

شام الذهبي تعبر عن فخرها بوالدتها ومواقفها الوطنية

GMT 01:05 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

النيابة العامة تُغلق ملف وفاة أحمد رفعت وتوضح أسباب الحادث

GMT 15:39 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

"المركزي المصري" يتيح التحويل اللحظي للمصريين بالخارج

GMT 15:07 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الزمالك يتأهل لربع نهائي دوري مرتبط السلة علي حساب الزهور

GMT 10:59 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

أبرز اتجاهات الديكور التي ستكون رائجة في عام 2025

GMT 22:30 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

5 قواعد لإتيكيت الخطوبة

GMT 14:43 2024 الثلاثاء ,17 أيلول / سبتمبر

أحمد مالك وطه دسوقي يجتمعان في "ولاد الشمس" رمضان 2025
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon