توقيت القاهرة المحلي 10:02:34 آخر تحديث
  مصر اليوم -

{حليفنا} علي خامنئي!

  مصر اليوم -

حليفنا علي خامنئي

بقلم:نديم قطيش

لم تحتج أطقم وزراء الخارجية العرب والمضيف الإسرائيلي، ممن التقوا وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، في النقب، إلى الكثير من التحضير لإقناعه بمخاطر السياسة الأميركية الساذجة في الملف النووي الإيراني.
ولم تكن هناك حاجة للعودة إلى تفاصيل التغول الإيراني الذي رافق توقيع الاتفاق الأول عام 2015، وكيف جعلت إيران من الاتفاق وعائداته المالية منصة لمفاقمة التحرش العسكري والأمني في دول المنطقة، وصولاً إلى التبجح العلني بأن طهران تحكم أربع عواصم عربية...
كل الجهد الذهني لإعادة ترتيب الأحداث وفرز الوقائع وإقامة الحجج، اختصرها المرشد علي خامنئي عبر قصف «الحرس الثوري» العلني لأربيل وقصف ميليشيا الحوثي لجدة. كان بلينكن بلا شك بلا دفاعات كثيرة، خلال اجتماعات النقب، بإزاء السلوك الإيراني الذي تشهد له أحداث متزامنة مع تلك الاجتماعات، لا يمكن تغييبها ولا القفز فوقها تحت أي اعتبار.
وقد أبرز الإعلام السعودي، لا سيما عبر قناتي «الحدث» و«العربية»، ما جرى في جدة وفي بث مباشر، وذلك ببث صور ألسنة النيران وسحب الدخان المتصاعدة وزحمة أضواء سيارات الشرطة والأمن والإسعاف والمطافئ... تكاملت الصورة مع نص سياسي واضح يقول إن المملكة غير مسؤولة عن أي نقص في إمدادات النفط قد ينتج عن اعتداءات مماثلة، في لحظة تبدو فيها السوق النفطية أحوج ما تكون إلى كل قطرة نفط تبدد مناخات التشاؤم في الأسواق!
تخيلوا لو أن اجتماع العقبة وما سبقه من حملة سياسية تحذر من مخاطر اتفاق نووي ضعيف، كان يحصل في مناخ من التهدئة وضبط النفس الذي تمارسه ميليشيات إيران وحرسها الثوري، أو لو أن الربط بين الاتفاق النووي ونشاطات إيران المزعزعة كان فقط عبارة عن مجهود ذهني وتحذيرات مجازية.
في مكان ما أطلقت إيران الرصاص على قدميها حين اختارت التوقيت الذي اختارته للتصعيد، فيما الخليج العربي يدعو بصوت واحد لإعادة الحوثي إلى قوائم الإرهاب، وفيما واشنطن تدافع بوجه حلفائها التقليديين عن إبرام اتفاق نووي ترى بسذاجة أنه مقدمة للاستقرار في الشرق الأوسط.
يستدعي كل ما تقدم السؤال التالي: لماذا خدمنا علي خامنئي؟ لماذا قدمت إيران مطالعة إدانة نفسها عبر صواريخ أربيل وجدة، نيابة عن الجميع؟ لماذا نفّذ الحوثي هجماته التي استهدفت أعياناً مدنية ونفطية وفي هذا التوقيت بالذات، فيما واشنطن تصارع كي لا تعيده إلى لوائح الإرهاب؟
كيف تفكر إيران؟
كل هذه الأسئلة مشروعة لأنها تسائل ما لا يبدو أنه سلوك سوي، والإجابة عنها مهمة واستراتيجية.
إذا بدأنا من الحوثي، نستنتج أن الحوثي لا يملك قراره وأنه يتصرف وفق أجندة إيرانية تملي عليه الاعتداءات التي شهدناها مؤخراً، علماً بأن مثل هذه الاعتداءات تعرقل المباحثات السياسية التي قررت الميليشيا المشاركة فيها في السعودية، وتعزز الأسباب الموجبة لإعادة إدراجها أميركياً على لوائح الإرهاب.
أما إيران فحكاية أخرى. تغامر إيران بحلفائها كالحوثي، وبمكوناتها العسكرية كـ«الحرس الثوري»، لأنها ترى أن ذلك ثمن مقبول في مقابل ما تحققه من استثمار سياسي ومعنوي في الخلاف بين واشنطن وحلفائها التقليديين.
حتى الآن تبدو قراءة علي خامنئي دقيقة، ومفادها أن أميركا لن تدافع عن حلفائها، ولن تنتفض ضد من يعتدي عليهم، وأنها تقيم فصلاً حاداً بين مصالحها مع حلفائها ومصالحها مع خصومها.
ووفق هذه القراءة الدقيقة، تبني إيران على الدعاية السياسية التي لطالما اعتمدتها، وهي أن أميركا راحلة وأن لا حلول في المنطقة إلا من خلال التفاهمات البينية، بين دول المنطقة نفسها، وهو ما يعني دوماً، الخضوع للشروط الإيرانية وتصورها لطبيعة التفاهم ومرتكزاته وقواعده.
في كل مرة تغامر إيران بعدوان على المنطقة لا يلقى رداً حقيقياً من واشنطن، تخطو خطوة إلى الأمام على طريق ضرب مصداقية أميركا وفرط أسس العلاقة بين واشنطن وحلفائها، ورفع منسوب القلق الشعبي والسياسي.
علي خامنئي خدمنا، لكنه يخدم نفسه أيضاً، وبظنه أن ما يحققه من مكاسب يستأهل الاستثمار المغامر والخسائر الجانبية على مستوى السمعة والصورة، فيما يعنيه وفيما يعني حلفاءه.
لكن دول المنطقة تفهم أيضاً أميركا الحالية، وتفهم ما يعتمل داخل الوسط السياسي الأميركي والديناميات الداخلية التي تحكم صناعة السياسة في واشنطن. وهي تشارك علي خامنئي بعضاً من قراءته، حيال ضعف التزام واشنطن بأمن حلفائها.
وفق هذا الفهم تمكن قراءة قمة شرم الشيخ بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد ورئيس حكومة إسرائيل نفتالي بنيت، وما تلاها من لقاءات استراتيجية غير مسبوقة في النقب بين وزراء خارجية أميركا وإسرائيل ومصر والإمارات والمغرب والبحرين.
المنطقة تتحدث بصوت واحد يقول إن ترتيبات الأمن الإقليمي ممكنة حتى من دون واشنطن، وأن هذه الدول ليست يتيمة، ولن تسمح بمصادرة حقها في تعريف المصالح والمخاطر حتى لو كان من يصادرها هو الحليف الأميركي التاريخي.
حليفنا الحقيقي في المنطقة في مواجهة السياسة الأميركية الحالية هو علي خامنئي، الذي سيرتكب كل الأخطاء والخطايا التي لن تبقي من منطق واشنطن الكثير مما هو قابل للصمود، والتي ستعجل بولادة ديناميات جديدة في الشرق الأوسط تنقل السلام من فكرة شبه خاملة إلى المرتكز الأساسي لصناعة كل ما هو استراتيجي في الشرق الأوسط.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حليفنا علي خامنئي حليفنا علي خامنئي



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب
  مصر اليوم - النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 09:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام
  مصر اليوم - ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام

GMT 10:25 2021 الأربعاء ,05 أيار / مايو

فساتين أنيقة بتصاميم مختلفة لربيع وصيف 2021

GMT 17:19 2021 الأربعاء ,14 إبريل / نيسان

طقس الأربعاء حار نهارًا ولطيف ليلًا في أسوان

GMT 04:30 2021 الثلاثاء ,30 آذار/ مارس

أفضل وجهات سفر لعشاق المغامرات

GMT 11:54 2021 الأحد ,07 آذار/ مارس

طريقة عمل مكرونة بصدور الدجاج

GMT 10:40 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

محمد شريف يحتفل ببرونزية كأس العالم للأندية

GMT 01:06 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

تلميذات يتخلصن من زميلتهن بالسم بسبب تفوقها الدراسي في مصر

GMT 21:22 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

مرور 17 عام على انضمام أبو تريكة للقلعة الحمراء

GMT 09:42 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

كرات اللحم المشوية

GMT 06:57 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

جماهير أرسنال تختار محمد النني ثاني أفضل لاعب ضد مان يونايتد

GMT 18:47 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تغيير اسم نادي مصر إلى "زد إف سي" بعد استحواذ ساويرس

GMT 07:26 2020 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

سعر الدولار في مصر اليوم الأربعاء 21تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:31 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

لعنة الغيابات تضرب بيراميدز قبل مواجهة الطلائع في الكأس

GMT 07:46 2020 الأحد ,11 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الأسماك في مصر اليوم الأحد 11 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:43 2020 الجمعة ,09 تشرين الأول / أكتوبر

فنانة شابة تنتحر في ظروف غامضة

GMT 21:14 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

مؤشرا البحرين يقفلان التعاملات على ارتفاع
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon