توقيت القاهرة المحلي 09:40:53 آخر تحديث
  مصر اليوم -

محمد بن زايد

  مصر اليوم -

محمد بن زايد

بقلم:نديم قطيش

… وفي العام الخمسين من عمر الاتحاد، صار الشيخ محمد بن زايد رئيساً لدولة الإمارات العربية المتحدة خلفاً للراحل الكبير الشيخ خليفة بن زايد، بكر المؤسس زايد، وأول أبنائه في الحكم من بعده.

إنها واحدة من تلك اللحظات التي يقال فيها، لن يتغير الكثير، ولكن سيتغير كل شيء في الوقت نفسه. فالشيخ محمد ليس جديداً على صناعة القرار الإماراتي، كما هو معلوم، وبحكم هذه المسؤولية، اتخذ، بمشورة إخوانه وباقي حكام الإمارات، وفي مقدمتهم حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد، قرارات مصيرية تتعلق بأمن واقتصاد وعلاقات أبوظبي الدولية.
محمد «الرئيس» امتداد موضوعي لمحمد «ولي العهد» وسياساته وخياراته ورؤيته، وطريقته الخاصة في إدارة الحكم، بعيداً عن الأضواء. بهذا المعنى لن يتغير الكثير، بيد أنه يتسلم مسؤوليات الحكم دستورياً، في لحظة خاصة من عمر الإمارات ومسيرة العالم، ترشح كل شيء للتغيير، بسبب حجم التحديات وجدتها وسرعتها.
1 - الخمسون الأولى بإنجازاتها ومعجزاتها هي سنوات النفط وفوراته المتتالية، وما استوجبته من آليات إدارة وتنفيذ تخدم حسن استثمار العائدات لتأسيس الدولة مع الراحل زايد، ثم تمكينها مع الراحل خليفة. الخمسون الثانية، هي عملياً وواقعياً خمسون ما بعد النفط، وما بعد استقرار مداخيله، وثبات محوريته في توليد الثروة وتمويل خطط النهوض، وقيادة الاقتصاد. الخمسون المقبلة، بما تستوجبه من قرارات اليوم، هي إعادة ابتكار اقتصاد جديد للإمارات متداخل مع اقتصادات الذكاء الصناعي، والابتكار التكنولوجي، الذي يغير باستمرار خريطة الأنشطة الاقتصادية والمالية والأمنية برمتها، من دون أن يتيح لها الاستقرار على وجهة ثابتة. ما عاد الركون إلى استثمارات تقليدية للصناديق السيادية يضمن الاستدامة، في عالم بوسع رجل واحد فيه كإيلون ماسك أن يشتري شركة تويتر بأكثر من 40 مليار دولار نقداً!!
2 - لأن التفكير في الخمسين سنة المقبلة، هو تفكير فيما بعد النفط (طبعاً تجاوزت الإمارات مراحل التفكير إلى بدء التنفيذ في كثير من المجالات)، فهذا يعني التفكير في بنية العلاقات والتحالفات التي أنتجتها حقبة النفط. لقد صارح الشيخ محمد بن زايد مستشار الأمن القومي الأميركي جايك سوليفان حين التقاه في أبوظبي، أنه في حين تحصر أي إدارة أميركية جل تفكيرها في السنوات الأربع المقبلة، فإنه هو مضطر للتفكير في الخمسين سنة المقبلة، الأمر الذي يولد برأيه الكثير من التوترات في لعبة المواءمة بين قرارات عاجلة وأخرى طويلة الأمد، وأن هذا يقع في صلب التوترات المتكررة في علاقة أبوظبي بواشنطن. ويزداد ذلك في ظل واقع جديد بين الإمارات وأميركا مفاده أن المصالح المشتركة تقل، وكذلك تعريف المخاطر والتهديدات.
ما بعد النفط يعني عملياً ما بعد أميركا، أو على نحو أدق، ما بعد العلاقة الاستثنائية بين الإمارات وواشنطن، التي كانت تتقدم على أي علاقات أخرى بنتها الإمارات حول العالم. يزداد هذا الملمح إلحاحاً مع صعود الصين على المسرح الدولي أولاً كمنافس لواشنطن، وثانياً كدولة، على عكس الولايات المتحدة، راغبة ومتحمسة للانخراط والتجسير مع دول الشرق الأوسط، وبناء التحالفات معها بما يتجاوز الشرق الأوسط نحو الاستثمار في أفريقيا وغرب آسيا وأبعد.
 

بهذا المعنى فإن إعادة تعريف العلاقات الأميركية الإماراتية، وإعادة ابتكار أسس جديدة لها، بكل ما تحمله من تبعات استراتيجية هي أحد أبرز التحديات الجديدة التي ستميز عهد الشيخ محمد.
3 - إعادة تعريف العلاقات الإماراتية الأميركية، تجري بالتوازي مع إعادة تعريف الهندسات الاستراتيجية الإقليمية، وهندسات الأمن الإقليمي في الخليج والشرق الأوسط. لم يكن ملحاً البحث في تبعات فائض الاتكال على واشنطن كمصدر حاسم للإمارات، حين كانت العلاقات بين واشنطن وأبوظبي تتخذ صفة التمييز الاستثنائي وشبه التطابق في تعريف المصالح والمخاطر، لكن مع ما يصيب هذه العلاقة من متغيرات موضوعية، فإن القناعة تترسخ بأن أمن الإقليم ينبع من إعادة صياغة علاقات دول الإقليم ببعضها بعضاً، وإنتاج بنية مصالح مشتركة ومختلفة عن كل ما سبق.
من هنا فإن اتفاق السلام الإبراهيمي، والتطبيع مع إسرائيل، يشكل رافعة تقودها الإمارات لهيكلة شرق أوسط جديد قادر على إنتاج مقومات حماية ذاتية في وجه التحديات الأمنية والعسكرية والاقتصادية.
وقد شكلت قمة شرم الشيخ التي ضمت قادة الإمارات ومصر وإسرائيل وركزت بين ما ركزت عليه على ملف الأمن الغذائي كأولوية استراتيجية مشتركة، في سياق متابعة تداعيات حرب أوكرانيا، ملمحاً بارزاً من ملامح هذا الشرق الأوسط الجديد ودينامياته.
كما تشمل هذه الهندسة الجديدة، رؤية مبتكرة لما بعد الربيع العربي، من خلال التجسير بين العراق ومصر والأردن (وسوريا ولبنان)، عبر شبكات طاقة كهربائية وغاز ونفط، تعالج من جهة النتائج المدمرة لتحورات الربيع العربي، وتخلق بنية مصالح اقتصادية ذات نتائج سياسية.
4 - ما بعد «كورونا» ثم ما بعد أوكرانيا، يتأكد صانع القرار، لا سيما في دولة ذات موقع حساس كالإمارات، أن المخاطر في الخمسين سنة المقبلة، لا علاقة لها بالمخاطر الكلاسيكية التي واجهتها الدول في نصف القرن المنصرم، وأن بنى الاستجابة لهذه المخاطر تتطلب إعادة ابتكار مقومات حماية للأمن القومي مختلفة جذرياً عن كل ما سبق وعهدناه. وفي هذا السياق فإن الأموال المطلوبة لبناء منظومات الأمن هذه هي أصغر الهموم، إذا ما قورنت بالحاجات الملحة لسد فجوات الابتكار، والتي كلما سدت فجوة فتحت بإزائها فجوات.
ستزداد الحاجة لتطوير الوعي والقدرات البشرية والإدارية والهيكلية لضمان الأمن الغذائي وتطوير اقتصاد الطب الوقائي والابتكار الصحي واللقاحات.
ما تعلمته الدول من الاختلالات الكبرى التي طرأت على سلاسل الإنتاج في العالم إما بفعل الحروب، كحرب أوكرانيا أو بفعل جائحة كورونا، أن تعريف الاستقلال الوطني، وبالتالي الاستقرار الوطني ما عاد يرتبط بمعايير الجغرافيا والسيادة فقط، بل بمعايير أكثر تعقيداً تتطلب وعياً واستثماراً وعلاقات لا تشبه بشيء ما عرفه العالم حتى اليوم.
هذا هو العالم الذي يتسلم فيه الشيخ محمد بن زايد قيادة بلاده. من يعرفه يعرف أن متابعته المباشرة في هذه المجالات الحيوية الأربعة متابعة على مدار الساعة... من يعرفه... يعرف... ويطمئن... والإماراتيون يعرفون جيداً... وأما الطمأنينة فكانت هي الملمح الثاني، بعد الحزن على الراحل الكبير، فوق وجوه كل من التقيتهم في الأيام الماضية، مواطنين ومقيمين.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

محمد بن زايد محمد بن زايد



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب
  مصر اليوم - النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 09:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام
  مصر اليوم - ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام

GMT 10:25 2021 الأربعاء ,05 أيار / مايو

فساتين أنيقة بتصاميم مختلفة لربيع وصيف 2021

GMT 17:19 2021 الأربعاء ,14 إبريل / نيسان

طقس الأربعاء حار نهارًا ولطيف ليلًا في أسوان

GMT 04:30 2021 الثلاثاء ,30 آذار/ مارس

أفضل وجهات سفر لعشاق المغامرات

GMT 11:54 2021 الأحد ,07 آذار/ مارس

طريقة عمل مكرونة بصدور الدجاج

GMT 10:40 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

محمد شريف يحتفل ببرونزية كأس العالم للأندية

GMT 01:06 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

تلميذات يتخلصن من زميلتهن بالسم بسبب تفوقها الدراسي في مصر

GMT 21:22 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

مرور 17 عام على انضمام أبو تريكة للقلعة الحمراء

GMT 09:42 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

كرات اللحم المشوية

GMT 06:57 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

جماهير أرسنال تختار محمد النني ثاني أفضل لاعب ضد مان يونايتد

GMT 18:47 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تغيير اسم نادي مصر إلى "زد إف سي" بعد استحواذ ساويرس

GMT 07:26 2020 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

سعر الدولار في مصر اليوم الأربعاء 21تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:31 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

لعنة الغيابات تضرب بيراميدز قبل مواجهة الطلائع في الكأس

GMT 07:46 2020 الأحد ,11 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الأسماك في مصر اليوم الأحد 11 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:43 2020 الجمعة ,09 تشرين الأول / أكتوبر

فنانة شابة تنتحر في ظروف غامضة

GMT 21:14 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

مؤشرا البحرين يقفلان التعاملات على ارتفاع
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon