توقيت القاهرة المحلي 11:36:35 آخر تحديث
  مصر اليوم -

محمد بن زايد

  مصر اليوم -

محمد بن زايد

بقلم:نديم قطيش

… وفي العام الخمسين من عمر الاتحاد، صار الشيخ محمد بن زايد رئيساً لدولة الإمارات العربية المتحدة خلفاً للراحل الكبير الشيخ خليفة بن زايد، بكر المؤسس زايد، وأول أبنائه في الحكم من بعده.

إنها واحدة من تلك اللحظات التي يقال فيها، لن يتغير الكثير، ولكن سيتغير كل شيء في الوقت نفسه. فالشيخ محمد ليس جديداً على صناعة القرار الإماراتي، كما هو معلوم، وبحكم هذه المسؤولية، اتخذ، بمشورة إخوانه وباقي حكام الإمارات، وفي مقدمتهم حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد، قرارات مصيرية تتعلق بأمن واقتصاد وعلاقات أبوظبي الدولية.
محمد «الرئيس» امتداد موضوعي لمحمد «ولي العهد» وسياساته وخياراته ورؤيته، وطريقته الخاصة في إدارة الحكم، بعيداً عن الأضواء. بهذا المعنى لن يتغير الكثير، بيد أنه يتسلم مسؤوليات الحكم دستورياً، في لحظة خاصة من عمر الإمارات ومسيرة العالم، ترشح كل شيء للتغيير، بسبب حجم التحديات وجدتها وسرعتها.
1 - الخمسون الأولى بإنجازاتها ومعجزاتها هي سنوات النفط وفوراته المتتالية، وما استوجبته من آليات إدارة وتنفيذ تخدم حسن استثمار العائدات لتأسيس الدولة مع الراحل زايد، ثم تمكينها مع الراحل خليفة. الخمسون الثانية، هي عملياً وواقعياً خمسون ما بعد النفط، وما بعد استقرار مداخيله، وثبات محوريته في توليد الثروة وتمويل خطط النهوض، وقيادة الاقتصاد. الخمسون المقبلة، بما تستوجبه من قرارات اليوم، هي إعادة ابتكار اقتصاد جديد للإمارات متداخل مع اقتصادات الذكاء الصناعي، والابتكار التكنولوجي، الذي يغير باستمرار خريطة الأنشطة الاقتصادية والمالية والأمنية برمتها، من دون أن يتيح لها الاستقرار على وجهة ثابتة. ما عاد الركون إلى استثمارات تقليدية للصناديق السيادية يضمن الاستدامة، في عالم بوسع رجل واحد فيه كإيلون ماسك أن يشتري شركة تويتر بأكثر من 40 مليار دولار نقداً!!
2 - لأن التفكير في الخمسين سنة المقبلة، هو تفكير فيما بعد النفط (طبعاً تجاوزت الإمارات مراحل التفكير إلى بدء التنفيذ في كثير من المجالات)، فهذا يعني التفكير في بنية العلاقات والتحالفات التي أنتجتها حقبة النفط. لقد صارح الشيخ محمد بن زايد مستشار الأمن القومي الأميركي جايك سوليفان حين التقاه في أبوظبي، أنه في حين تحصر أي إدارة أميركية جل تفكيرها في السنوات الأربع المقبلة، فإنه هو مضطر للتفكير في الخمسين سنة المقبلة، الأمر الذي يولد برأيه الكثير من التوترات في لعبة المواءمة بين قرارات عاجلة وأخرى طويلة الأمد، وأن هذا يقع في صلب التوترات المتكررة في علاقة أبوظبي بواشنطن. ويزداد ذلك في ظل واقع جديد بين الإمارات وأميركا مفاده أن المصالح المشتركة تقل، وكذلك تعريف المخاطر والتهديدات.
ما بعد النفط يعني عملياً ما بعد أميركا، أو على نحو أدق، ما بعد العلاقة الاستثنائية بين الإمارات وواشنطن، التي كانت تتقدم على أي علاقات أخرى بنتها الإمارات حول العالم. يزداد هذا الملمح إلحاحاً مع صعود الصين على المسرح الدولي أولاً كمنافس لواشنطن، وثانياً كدولة، على عكس الولايات المتحدة، راغبة ومتحمسة للانخراط والتجسير مع دول الشرق الأوسط، وبناء التحالفات معها بما يتجاوز الشرق الأوسط نحو الاستثمار في أفريقيا وغرب آسيا وأبعد.
 

بهذا المعنى فإن إعادة تعريف العلاقات الأميركية الإماراتية، وإعادة ابتكار أسس جديدة لها، بكل ما تحمله من تبعات استراتيجية هي أحد أبرز التحديات الجديدة التي ستميز عهد الشيخ محمد.
3 - إعادة تعريف العلاقات الإماراتية الأميركية، تجري بالتوازي مع إعادة تعريف الهندسات الاستراتيجية الإقليمية، وهندسات الأمن الإقليمي في الخليج والشرق الأوسط. لم يكن ملحاً البحث في تبعات فائض الاتكال على واشنطن كمصدر حاسم للإمارات، حين كانت العلاقات بين واشنطن وأبوظبي تتخذ صفة التمييز الاستثنائي وشبه التطابق في تعريف المصالح والمخاطر، لكن مع ما يصيب هذه العلاقة من متغيرات موضوعية، فإن القناعة تترسخ بأن أمن الإقليم ينبع من إعادة صياغة علاقات دول الإقليم ببعضها بعضاً، وإنتاج بنية مصالح مشتركة ومختلفة عن كل ما سبق.
من هنا فإن اتفاق السلام الإبراهيمي، والتطبيع مع إسرائيل، يشكل رافعة تقودها الإمارات لهيكلة شرق أوسط جديد قادر على إنتاج مقومات حماية ذاتية في وجه التحديات الأمنية والعسكرية والاقتصادية.
وقد شكلت قمة شرم الشيخ التي ضمت قادة الإمارات ومصر وإسرائيل وركزت بين ما ركزت عليه على ملف الأمن الغذائي كأولوية استراتيجية مشتركة، في سياق متابعة تداعيات حرب أوكرانيا، ملمحاً بارزاً من ملامح هذا الشرق الأوسط الجديد ودينامياته.
كما تشمل هذه الهندسة الجديدة، رؤية مبتكرة لما بعد الربيع العربي، من خلال التجسير بين العراق ومصر والأردن (وسوريا ولبنان)، عبر شبكات طاقة كهربائية وغاز ونفط، تعالج من جهة النتائج المدمرة لتحورات الربيع العربي، وتخلق بنية مصالح اقتصادية ذات نتائج سياسية.
4 - ما بعد «كورونا» ثم ما بعد أوكرانيا، يتأكد صانع القرار، لا سيما في دولة ذات موقع حساس كالإمارات، أن المخاطر في الخمسين سنة المقبلة، لا علاقة لها بالمخاطر الكلاسيكية التي واجهتها الدول في نصف القرن المنصرم، وأن بنى الاستجابة لهذه المخاطر تتطلب إعادة ابتكار مقومات حماية للأمن القومي مختلفة جذرياً عن كل ما سبق وعهدناه. وفي هذا السياق فإن الأموال المطلوبة لبناء منظومات الأمن هذه هي أصغر الهموم، إذا ما قورنت بالحاجات الملحة لسد فجوات الابتكار، والتي كلما سدت فجوة فتحت بإزائها فجوات.
ستزداد الحاجة لتطوير الوعي والقدرات البشرية والإدارية والهيكلية لضمان الأمن الغذائي وتطوير اقتصاد الطب الوقائي والابتكار الصحي واللقاحات.
ما تعلمته الدول من الاختلالات الكبرى التي طرأت على سلاسل الإنتاج في العالم إما بفعل الحروب، كحرب أوكرانيا أو بفعل جائحة كورونا، أن تعريف الاستقلال الوطني، وبالتالي الاستقرار الوطني ما عاد يرتبط بمعايير الجغرافيا والسيادة فقط، بل بمعايير أكثر تعقيداً تتطلب وعياً واستثماراً وعلاقات لا تشبه بشيء ما عرفه العالم حتى اليوم.
هذا هو العالم الذي يتسلم فيه الشيخ محمد بن زايد قيادة بلاده. من يعرفه يعرف أن متابعته المباشرة في هذه المجالات الحيوية الأربعة متابعة على مدار الساعة... من يعرفه... يعرف... ويطمئن... والإماراتيون يعرفون جيداً... وأما الطمأنينة فكانت هي الملمح الثاني، بعد الحزن على الراحل الكبير، فوق وجوه كل من التقيتهم في الأيام الماضية، مواطنين ومقيمين.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

محمد بن زايد محمد بن زايد



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد

GMT 16:48 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

المقاصة يسعى لاستعادة الانتصارات أمام الانتاج

GMT 14:39 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

"ثقافة أبوقرقاص" تنظم فعاليات في قرية الكرم وقصر الإبداع

GMT 01:22 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

العسيلي والليثي يطرحان أغنيتهما الجديدة "خاينة"

GMT 19:11 2015 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

مركز "محمود مختار" يستضيف معرض الفنان وليد ياسين

GMT 03:33 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

دار VIDA للمجوهرات تطرح مجموعة جديدة لامرأة الأحلام
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon