توقيت القاهرة المحلي 09:36:45 آخر تحديث
  مصر اليوم -

زيارة بايدن... بين التوقعات والإنجازات

  مصر اليوم -

زيارة بايدن بين التوقعات والإنجازات

بقلم:نديم قطيش

عشية زيارته إلى الشرق الأوسط، كتب الرئيس الأميركي جو بايدن مقالاً مفصلاً في صحيفة «واشنطن بوست» يشرح فيه مقاصده من الزيارة، وتوقف في مقاطع كثيرة عند المملكة العربية السعودية، حتى حين لم يذكرها، حيث إن طرق الكثير من الملفات التي عرضها تمر في الرياض.
لكن الرسالة الأهم هي عبارته اللافتة التي يتعهد فيها بـ«تعزيز الشراكة الاستراتيجية مع السعودية»!
هل نحن أمام مبالغة خطابية جديدة، ولكن في الاتجاه المعاكس تماماً للمبالغات التي أضرت بالعلاقات بين الرياض وواشنطن، أم أمام نقطة تحول حقيقية باتجاه «تعزيز الشراكة الاستراتيجية مع السعودية»؟
في السياسة، تكاد تكون إدارة التوقعات، هي السياسة نفسها، في التعريف الأخير. هذه الإدارة للتوقعات هي أكثر ما يَلزم اليوم بإزاء متابعة زيارة الرئيس بايدن إلى المملكة ومشاركته في القمة الخليجية الموسعة التي تستضيفها مدينة جدة، بغية التفريق بين ما هو مشهديات احتفالية بكل ما تحمله من معانٍ رمزية مهمة، وبين ما هو نتائج سياسية عملية للحدث السياسي.
تحتاج الزيارة، ولأسباب أميركية في الغالب، إلى الكثير من «إدارة التوقعات» بشأنها بعد ما نسب إليها من قدرات تغييرية على مستوى الشرق الأوسط برمته ما لم يكن على مستوى العالم.
على مستوى العلاقة الثنائية، لا خلاف على الأهمية الرمزية والسياسية للتغيير الذي طرأ على موقف الإدارة الأميركية من المملكة، والإدراك الواقعي والموضوعي لموقعها في الشرق الأوسط والسياسة الدولية. وأميركياً، يشير هذا التغيير إلى إدراك الحدود التي يمكن أن تذهب إليها سياسة خارجية تقوم بشكل مبسط وشبه حصري على مثاليات أخلاقية، لا سيما حين لا تكون السياسة الخارجية الأميركية ثابتة في تبني هذه المثاليات مع جميع الدول وفي كل الملفات... فهذا تغيير يصب في مصلحة أميركا أولاً لأنه يعيد الكثير من التوازن إلى دورها وقدرتها على المناورة وبناء التحالفات في عالم صاخب ومتوتر تحاصره استحقاقات وجودية حول أسئلة المستقبل في الاقتصاد والصحة والأمن.
وسعودياً، تشكل الزيارة بلا أدنى شك انتصاراً سياسياً كبيراً لموقف المملكة، ولمعركة الهيبة والحضور والموقع التي خاضها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، بكل هدوء ورصانة، خارج تقاليد «العنتريات العالمثالثية» العربية وغير العربية التي يعج بها أرشيف علاقات هذه الناحية من العالم مع الدولة الأولى فيه.
فحين تحدث الأمير محمد في أكثر من إطلالة، لا سيما في مقابلته في مجلة «ذي أتلانتيك» تحدث بلغة المصالح المشتركة ومعرفة كل طرف بها وما يريده من الآخر، مؤكداً على ما تراه وتريده الرياض من العلاقات الأميركية السعودية كما من علاقاتها بكل الأقطاب الرئيسية في العالم اليوم. الأهم أنه قسم حديثه ورسائله إلى قسمين؛ ما يتعلق منها بأميركا، وعظمتها السياسية والاقتصادية والتكنولوجية، وبين إدارة محددة صاحبة موقف محدد، لها فيه ما لها وعليها ما عليها.
في الأبعد من ذلك، يبدو لي أن ثمة خلطاً غير موفق في المقالة الرئاسية بين «تعزيز العلاقة الاستراتيجية الأميركية السعودية» وبين ملفات معقدة كحرب اليمن والسلام العربي الإسرائيلي والملف النووي الإيراني والتنافس الصيني الأميركي، وهي ملفات يحتاج التفاهم حولها مع واشنطن، إلى الكثير من المكونات والعناصر غير المتوفرة الآن، أو غير المكتملة، أو أن بعضها يتطور بمعزل عن واشنطن ودورها فيها.
لا تحتاج المملكة لدور أميركي يذكرها بضرورة انتهاء حرب اليمن. فهذه حرب اضطرار لا حرب اختيار من وجهة نظر الرياض، وانتهاؤها لا يقتصر على قرار تتخذه القيادة السياسية، من جانب واحد. قبل أيام فقط كشفت البحرية الملكية البريطانية أن إحدى سفنها الحربية صادرت أسلحة إيرانية، بما في ذلك صواريخ أرض جو ومحركات لصواريخ كروز، من مهربين في المياه الدولية جنوب إيران في وقت سابق من هذا العام. وأشار بيان البحرية الملكية إلى أن صاروخ كروز من طراز 351 الذي يبلغ مداه ألف كيلومتر، كثيراً ما تستخدمه جماعة الحوثي اليمنية لاستهداف السعودية والإمارات!
يبدأ تعزيز العلاقات الاستراتيجية السعودية الأميركية من تطوير الفهم الأميركي لأزمة اليمن ونقلها من إطار «الأزمة الإنسانية» إلى إطارها الواقعي كجزء من «أزمة الدور الثوري الإيراني في المنطقة».
ولا تحتاج المملكة أيضاً لدور أميركي في تعزيز السلام في الشرق الأوسط، خارج الدور الأميركي الموضوعي في عملية السلام الإسرائيلي الفلسطيني. أما العلاقات السعودية الإسرائيلية فلها مسارها الذي ينطلق من مصالح الطرفين والرؤية التي عبر عنها الأمير محمد بن سلمان بلا قفازات حين وصف إسرائيل بالحليف المحتمل. وهذه العلاقة تتطور كجزء رئيسي من الهندسة الاستراتيجية الآخذة في التشكل في الشرق الأوسط تحديداً بسبب الانطباعات المتنامية عن ارتباك الدور الأميركي والنوازع الانسحابية التي تصيبه بين الحين والآخر.
كما أن المملكة لن تحشر نفسها في زاوية الخيار بين الصين وأميركا، كما كانت الحال إبان الحرب الباردة. فالصين ليست الاتحاد السوفياتي في فهم مصالح الأمن القومي السعودي. أما العلاقات التجارية والنفطية والشراكات المتعددة في مجال السلاح والتكنولوجيا وتطوير الموارد الطبيعية غير النفطية، بين الرياض وبكين، فليست من النوع المعروض للمقايضة، بل يشكل قاعدة استراتيجية لتنويع علاقات المملكة وصون موقعها في العلاقات الدولية، لا رد فعل مؤقتاً على موقف الإدارة الأميركية.
كل هذا يسير بمعزل عن سوء أو جودة العلاقة بواشنطن.
ما ينقص زيارة الرئيس بايدن إذن، هو الإحساس بأن الشراكة الاستراتيجية التي يتم الحديث عنها تنبع من كونها خياراً واضحاً بين بلدين يقوم على تحديد المخاطر وتعريف المصالح، ويغلب عليها الشك أنها تعبير عن ارتباك سياسي لحكومة تخفي أزمة مؤقتة.
واشنطن اليوم ليست في أفضل أحوالها، وهذا أمر يحزن حلفاءها في الشرق الأوسط العاقل، ويفرح الأعداء المشتركين معها.
فأميركا تواجه، مع العالم، أعلى مستويات التضخم في عقود، وحوادث إطلاق النار الجماعي شبه الأسبوعية تنال من روعة الحلم الأميركي حول العالم، وطبول الحرب الأهلية القيمية حول الجندر والعرق والجنس والإجهاض تصيب الأمة بمستويات غبر مسبوقة من القلق… أما التشاؤم فهو سمة المواطن الأميركي اليوم حيث تشير آخر الاستطلاعات إلى أن 10% فقط من الأميركيين يعتبرون أن البلاد تسير على الطريق الصحيح.
هذه ليست ظروفاً موضوعية لتعزيز العلاقات الاستراتيجية، بل فرصة جدية للبحث العاقل فيها بعيداً عن الأوهام التي أضاعت الكثير من الوقت والرصيد وبددت الكثير من مخزون الثقة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

زيارة بايدن بين التوقعات والإنجازات زيارة بايدن بين التوقعات والإنجازات



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب
  مصر اليوم - النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 09:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام
  مصر اليوم - ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام

GMT 10:25 2021 الأربعاء ,05 أيار / مايو

فساتين أنيقة بتصاميم مختلفة لربيع وصيف 2021

GMT 17:19 2021 الأربعاء ,14 إبريل / نيسان

طقس الأربعاء حار نهارًا ولطيف ليلًا في أسوان

GMT 04:30 2021 الثلاثاء ,30 آذار/ مارس

أفضل وجهات سفر لعشاق المغامرات

GMT 11:54 2021 الأحد ,07 آذار/ مارس

طريقة عمل مكرونة بصدور الدجاج

GMT 10:40 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

محمد شريف يحتفل ببرونزية كأس العالم للأندية

GMT 01:06 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

تلميذات يتخلصن من زميلتهن بالسم بسبب تفوقها الدراسي في مصر

GMT 21:22 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

مرور 17 عام على انضمام أبو تريكة للقلعة الحمراء

GMT 09:42 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

كرات اللحم المشوية

GMT 06:57 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

جماهير أرسنال تختار محمد النني ثاني أفضل لاعب ضد مان يونايتد

GMT 18:47 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تغيير اسم نادي مصر إلى "زد إف سي" بعد استحواذ ساويرس

GMT 07:26 2020 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

سعر الدولار في مصر اليوم الأربعاء 21تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:31 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

لعنة الغيابات تضرب بيراميدز قبل مواجهة الطلائع في الكأس

GMT 07:46 2020 الأحد ,11 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الأسماك في مصر اليوم الأحد 11 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:43 2020 الجمعة ,09 تشرين الأول / أكتوبر

فنانة شابة تنتحر في ظروف غامضة

GMT 21:14 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

مؤشرا البحرين يقفلان التعاملات على ارتفاع
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon