توقيت القاهرة المحلي 07:24:13 آخر تحديث
الاثنين 3 شباط / فبراير 2025
  مصر اليوم -
أخبار عاجلة

سؤال السلام... مع الفلسطينيين أو من دونهم

  مصر اليوم -

سؤال السلام مع الفلسطينيين أو من دونهم

بقلم : نديم قطيش

يعيد بدء وقف إطلاق النار في غزة، وفي ضوء الأثمان البشرية والمادية الهائلة التي تكبدها الفلسطينيون، طرح الأسئلة الحارة نفسها: هل حل ما اصطلح على تسميتها «القضية الفلسطينية» هو المدخل الوحيد والضروري والنهائي للسلام والاستقرار في المنطقة؟

بين أهداف عملية 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، كان تعطيل ديناميات السلام الناشئة، التي عبّرت عنها مواقف سياسية رئيسية في العالم العربي بشأن الاستعداد لعقد سلام شامل، أو البحث في مشروعات اقتصادية وبنية تحتية تستبطن ما هو أبعد من التطبيع الدبلوماسي والسياسي، مثل الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا. سبق ذلك توقيع «الاتفاق الإبراهيمي» عام 2020، بين إسرائيل وكل من الإمارات والبحرين والمغرب والسودان، الذي كان نقطة تحول تاريخية على طريق بناء شرق أوسط جديد.

حرب غزة، بوصفها حرباً على هذا السلام تحديداً، ترافقت مع ادعاء أن التطبيع العربي مع إسرائيل «سَلَبَ» الفلسطينيين أوراق نفوذهم. وعليه؛ وجب التدقيق في ما إذا كانت المقاطعة في الماضي قد استُخدمت فعلاً بشكل فعال من قبل الفلسطينيين لخدمة قضيتهم. لنتذكر أنه، ولأكثر من 7 عقود، ربطت الدول العربية أي تقدم في علاقاتها بإسرائيل بحل القضية الفلسطينية، من دون أن تحقق الكثير بشأن وقف الاستيطان أو قيام دولة فلسطينية مستقلة. أما القول إن التطبيع الآن، والديناميات القائمة التي قد تفضي إلى اتفاقات مماثلة، همّشت الفلسطينيين وقضيتهم، إنما يتجاهل الحقيقة الأعمق وهي أن القيادة الفلسطينية تتحمل جزءاً كبيراً من المسؤولية عن تراجع الأولوية الفلسطينية؛ أكان بسبب الانقسام الفلسطيني، أم الفساد المستشري، أم الغياب القاتل لرؤية موحدة للمشروع الوطني، أم امتلاك القوى المتعددة استراتيجية قابلة للتنفيذ؛ سلماً أو حرباً.

لم تهدر القيادة الفلسطينية عقوداً من الدعم العربي غير المشروط، بل جعلت من هذا الدعم رافداً لتغذية خلافاتهم الداخلية؛ مما حرم الشعب الفلسطيني من استثمار كثير من الفرص التي طُرحت لمصلحته. دفع ذلك أيضاً الدول المعنية إلى إعادة ترتيب أولوياتها بغية معالجة التحديات الإقليمية الأخرى، بما في ذلك التصدي للتهديدات الإيرانية، وتعزيز التنمية الاقتصادية، وحماية استقرار الدول الهشة.

المأساة الكبرى اليوم، هي الترويج لفكرة أن «هجوم 7 أكتوبر» يثبت أن تهميش الفلسطينيين يزعزع الاستقرار في المنطقة، وكأن هذه الحرب خدمت بالفعل مصالح الشعب الفلسطيني، أو عالجت التهميش المفترض. في الواقع؛ يتجاهل إلقاء اللوم على «الاتفاق الإبراهيمي» حقيقة أن «حماس»، المدعومة من إيران، عملت دوماً على إفشال أي مبادرة سلام بغض النظر عن مضمونها. كما يتجاهل هذا الموقف حقيقة أن عدم استقرار الشرق الأوسط ينبع من عوامل متعددة، مثل الصراعات الطائفية، والدول الفاشلة، والتنافسات الجيوسياسية (الديناميات السعودية - الإيرانية، والأوضاع في اليمن وسوريا والعراق والسودان وليبيا). هذه القضايا الأوسع قد تستمر في تغذية عدم الاستقرار حتى لو تم حل القضية الفلسطينية، بل إنها تزداد استفحالاً إذا ما رُبط مصير معالجتها بمصير القضية الفلسطينية.

وما صمود «الاتفاق الإبراهيمي»، وإعادة طرح مقترحات السلام الشامل مع عودة إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، إلى البيت الأبيض، وتغيير الخطاب السوري حيال الصراع مع إسرائيل بعد سقوط نظام الأسد، وولادة معادلة جديدة في لبنان تغازل فكرة السلام من بعيد، إلا دليل على أن المنطقة لا تتحمل فكرة انتظار المعالجة النهائية للمسألة الفلسطينية، قبل الخوض في التصدي للتحديات التي تواجهها بقية الدول في مجالات الاقتصاد والأمن والمناخ والتكنولوجيا وترميم الحوكمة وبناء النظم السياسية.

وعليه؛ يكشف العجز عن قراءة تغييرات الرأي العام في دول مثل لبنان وسوريا، وهي دول ومجتمعات على تماس مع القضية الفلسطينية، عن نظرة مبسطة للرأي العام العربي عامة، حيث يصوَّر كأنه على نقيض الحكومات بشأن التطبيع مع إسرائيل من دون حل نهائي وحاسم للقضية الفلسطينية.

أما التبسيط الموازي فيكمن في الافتراض أن ما لا يستفيد منه الفلسطينيون بشكل كامل فهو ضرر كامل يقع عليهم وعلى العرب أيضاً.

في حين أن التطبيع مع إسرائيل، كما في حالة الإمارات والمغرب، جاء بما يتسق مع مصالحهما الوطنية، من دون أن يعني ذلك التخلي عن دعم الحقوق الفلسطينية. انتزع المغرب، مثلاً، اعتراف الولايات المتحدة بسيادته على الصحراء في مقابل تطبيعه مع إسرائيل، وهو مكسب استراتيجي للرباط. أما الإمارات، فوظفت السلام مع إسرائيل لتوسعة دورها الاقتصادي والتجاري في الشرق الأوسط، وعززت موقعها في مجال الاستثمار التكنولوجي، وطورت عبر الشراكات الأمنية مع إسرائيل قدراتها على مواجهة تحديات الأمن الإقليمي.

إلى ذلك، استفادت أبوظبي من علاقة الثقة مع إسرائيل لتلعب دوراً ريادياً في تقديم المساعدات الإنسانية وتعزيز صمود الشعب الفلسطيني، خلال الحرب، عبر بناء مستشفيات ميدانية، وإنشاء محطات لتحلية المياه، وتقديم الدعم الغذائي والصحي واللوجيستي داخل غزة، مما يعكس توازناً بين تحقيق المصالح الوطنية للدول والدفاع عن القضية الفلسطينية بطرق عملية ومؤثرة.

محاكمة اتفاقات السلام على قاعدة «إما تُحقق السلام التام، وإما تُفاقم عدم الاستقرار» تنطوي على إفراط في التبسيط. صناعة السلام في منطقةٍ معقدةٍ مثل منطقتنا هي مسار لمراكمة استقرار جزئي قد يفضي إلى استقرار شامل. كما أن افتراض أن التطبيع عملية جامدة يتجاهل الإمكانات طويلة المدى لهذه العلاقات، التي قد تخلق ظروفاً تمكّن الدول العربية من ممارسة نفوذ أكبر على إسرائيل بشأن الحقوق الفلسطينية؛ إذا توافرت قيادة فلسطينية قادرة على استثمار الفرص.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سؤال السلام مع الفلسطينيين أو من دونهم سؤال السلام مع الفلسطينيين أو من دونهم



GMT 04:43 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

4 ساعات مللاً

GMT 04:37 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

ترامب والأردن... واللاءات المفيدة!

GMT 04:31 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

رسائل محمد الطويّان المفتوحة والمغلقة

GMT 04:28 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

الشرق الأوسط... تشكلٌ جديدٌ

GMT 04:25 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

سنتان أميركيتان مفصليتان في تاريخ العالم

GMT 04:20 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

متى يراجع الفلسطينيون ما حدث؟

GMT 13:07 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

أفضل خامات الستائر وتنسيقها مع ديكور المنزل
  مصر اليوم - أفضل خامات الستائر وتنسيقها مع ديكور المنزل

GMT 12:07 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

البطولات النسائية تسيطر على دراما رمضان 2025
  مصر اليوم - البطولات النسائية تسيطر على دراما رمضان 2025

GMT 15:36 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : ناجي العلي

GMT 12:07 2018 الجمعة ,05 تشرين الأول / أكتوبر

الجبلاية تستقر على خصم 6 نقاط من الزمالك

GMT 23:47 2021 الأربعاء ,18 آب / أغسطس

"Dior Baby" تكشف عن مجموعتها لموسم خريف شتاء 2021-2022

GMT 09:40 2018 الثلاثاء ,27 شباط / فبراير

عطور مثيرة وجديدة للفتيات في سنّ المراهقة

GMT 06:39 2018 الخميس ,08 شباط / فبراير

محمود رفعت يعلن عن القبض على سمير سامي عنان

GMT 19:51 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

الأرجنتيني بوكيتينو يشجع على خداع الحكام

GMT 07:25 2018 الخميس ,01 شباط / فبراير

على أجدد تشكيلة خواتم الخطبة من" Tacori

GMT 01:37 2018 الجمعة ,23 شباط / فبراير

تعاني من تداعيات كسوف الشمس الجزئي

GMT 01:10 2018 الأربعاء ,31 كانون الثاني / يناير

النادي الإنجليزي واتفورد يضم دودي لوكاباكيو لمدة 4 سنوات

GMT 17:27 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

عمرو أديب يطالب المصريين بدفع 800 دولار لتسديد ديون الجمهورية

GMT 18:50 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

الزمالك يطعن على قرار المحكمة الرياضية في قضية أجوجو

GMT 04:13 2017 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على سعر العملات الأجنبية مقابل الجنيه المصري الأربعاء

GMT 08:09 2014 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

أميرة هاني تبدأ تصوير دورها في "سلسال الدم 2"

GMT 08:06 2016 الخميس ,10 آذار/ مارس

الهدية المثالية لعيد الأم من "داماس"

GMT 02:02 2015 الثلاثاء ,03 آذار/ مارس

الفنانة أحلام تؤدي مناسك العمرة في السعودية

GMT 03:25 2015 الخميس ,31 كانون الأول / ديسمبر

أبناء الفن تنظم حفل تكريم لفناني الزمن الجميل

GMT 04:24 2017 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

مجموعة Black Carpet من "بول كا" مثالية للحفلات بألوان جريئة

GMT 01:04 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

أمانة عمان تواصل حملات يومية لتقليم الأشجار والشجيرات
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon