توقيت القاهرة المحلي 09:40:53 آخر تحديث
  مصر اليوم -

هل تلحق إيران بالدرس الطالباني أم بالدرس التركي؟

  مصر اليوم -

هل تلحق إيران بالدرس الطالباني أم بالدرس التركي

بقلم : نديم قطيش

الحقيقة لا هذا ولا ذاك.
الدرس الأول يفيد بأن التشدد والثبات على المواقف مقروناً بفتح قنوات الاتصال والتفاوض، ولاحقاً الاتفاق مع أميركا، يمهد للاعتراف بك. يصبح الأمر أسهل إن كنت حاكماً بالفعل، كما هي حال نظام الثورة في إيران، ولا تنتظر من الآخرين تسليمك الحكم كما هي الحال في أفغانستان.
الدرس الثاني يفيد بأن التخفف من الآيديولوجيا والعودة إلى لغة المصالح المشتركة والتنمية الاقتصادية والاستثمارات يفتحان أبواب التطبيع مع دول الجوار، ويوفران سبل تحسين الاقتصاد، ويفتحان الأفق لا أمام الاعتراف بالحاكمية، بل أمام تعزيز فرص الاستمرارية في الحكم.
من غير المعروف حتى الآن أي مسلك ستتخذه إيران، وإن كانت بحكم التجربة أميل إلى الخيار الأول، وهو التشدد والصبر على أمل أن تغير واشنطن موقفها وتكتفي إيران بتقديم تنازلات لا تمس جوهر هوية النظام السياسي. إنها بهذا المعنى جولات متتالية من حزب «الصبر الاستراتيجي» بين الطرفين.
بيد أن ثمة فوارق مهمة بين كل من طالبان، والدولة التركية من جهة وإيران من جهة ثانية.
طالبان تبدو كأنها تعود إلى قواعد نشأتها الأولى كحركة قومية أفغانية ذات قاعدة قبلية بشتونية، بلا أي أحلام عابرة للحدود. وهي تدرك أنها استخدمت من قبل المشروع الجهادي العالمي ثم فقدت الحكم بسبب من ذلك بعد جريمة سبتمبر (أيلول) ، وأنها استعادت الحكم اليوم من دون منة أو معونة من هذا الجهاد العالمي. لا تنفي «محلية» طالبان العمق التخلفي لمشروعها السياسي والاجتماعي، ولا تقلل من خطورة الإلهام الذي ستوفره لفصائل الإسلام السياسي عالمياً، لكنها، حتى إشعار آخر تظل حركة داخلية، بلا مشروع خارجي.
وتركيا، دولة راسخة في الإقليم، وعضو في منظمة الناتو، تستضيف قاعدة إنجرليك العسكرية الأميركية، وصاحبة اقتصاد كبير بإمكانات واعدة رغم التعثر الخطير الذي تواجهه اقتصادياً ونقدياً.
الأهم أن تركيا الدولة، ليست نظاماً آيديولوجياً، وإن كانت اكتسبت الكثير من الملامح الآيديولوجية، منذ «التحور» الذي حصل في سياسات حزب العدالة والتنمية بقيادة الرئيس رجب طيب إردوغان، بيد أن من يتابع النص السياسي التركي منذ أشهر، يلاحظ حجم التخفف من اللغة الآيديولوجية والرومانسية التوسعية التي هيمنت على الخطاب النيو - عثماني في المؤسسة السياسية التركية، مقابل اللغة الراهنة التي عمادها المصالح المشتركة والاستثمارات والاقتصاد.
كأننا نشهد عودة إلى القواعد الإردوغانية الأولى، التي جعلت من تجربة رجب طيب إردوغان، في ذروة تألقها السابق، تجربة نجاح اقتصادي متميز، وضع لها شريكه السابق في الحكم، داود أوغلو، إطاراً نظرياً سماه «استراتيجية صفر مشاكل». فالاقتصاد التركي، إلى جانب السياحة، تقوده الصادرات التركية، ما يتطلب أن تكون الصلات بهذا الخارج خالية إلى أبعد الحدود من أي منغصات. ما حصل أن علاقات تركيا بدول الجوار تسممت وأن هذا الجوار انهار بشكل مريع حتى انتفت عنه صفة السوق للبضائع التركية، لا سيما في سوريا ولبنان والعراق.
ولأن تركيا ليست دولة آيديولوجية، كان من السهل عليها نسبياً أن تبدأ رحلة الخروج من «التحور الآيديولوجي» الذي أصابها، لا سيما بعد الهزائم المتتالية للإخوان المسلمين في مصر والسودان وتونس وليبيا، وأن تستجيب لحاجاتها الاقتصادية الملحة بتليين المواقف السياسية وتوسيع مساحات التفاهم مع مصر والسعودية والإمارات.
على الجانب الآخر فإن إيران نظام عقائدي في العمق. وهي الآن تجري مفاوضات عديدة وتبعث برسائل «إيجابية» ولكن بصفتها نظاماً عقائدياً ثابتاً في عقائديته.
غالباً ما يعود المتفائلون بإمكانية انتظام إيران وفق قواعد العلاقات الدولية التقليدية، إلى تجربة الرئيس الراحل هاشمي رفسنجاني، والتي أعقبت انتهاء الحرب العراقية الإيرانية بهزيمة إيرانية اختصرها الخميني بعبارة «تجرع كأس السم» حين وافق على القرار الأممي الذي أنهى الحرب. وبسبب هذه التجربة يحضون على تجاهل الطبيعة الآيديولوجية للنظام.
تميزت حقبة رفسنجاني بمرحلة من التفاهم مع دول المنطقة وبأجندة داخلية ركزت على إعادة الإعمار بعد الحرب وإعادة بناء الاقتصاد المحطم. لكنها الحقبة التي شهدت أيضاً عام تفجير الخُبر في المملكة العربية السعودية في عز مرحلة تفاوض واعدة بين الرياض وطهران، كما شهدت حقبة خلفه الرئيس محمد خاتمي، وهو أكثر صور إيران إشراقاً، اغتيال الرئيس رفيق الحريري في بيروت. وهذا ما يعيدني دوماً إلى الحمض النووي الثوري للنظام كمعيار في الحكم على أقوال وأفعال إيران.
ثم إن إيران اليوم ليست إيران رفسنجاني، لا بحجم توسعها في ساحات الاشتباك العديدة ولا بحجم الميليشيات التي تأتمر بأمرها، ويبلغ عدد الفصائل الرئيسة منها ، بموازنة مليارية تتوزع أو تنشط في معظم الدول العربية.
ما تفعله هذه الميليشيات، إلى جانب خدمة الأهداف السياسية والاستراتيجية لإيران في الخليج والمشرق العربي، هو أنها توفر للنظام الجمهورية الإسلامية القدرة على ادعاء التهدئة وكف العدوان فيما يقوم غيرها عنها بهذه المهمة. فهي موجودة في كل الساحات لكنها، في الوقت نفسه، ليست موجودة في أي ساحة من الساحات بجيشها المباشر بل عبر مرتزقة وميليشيات تديرهم وتنسق حركتهم. تعطي الأيام القليلة الماضية مثالاً فجاً على ذلك، عبر التزامن بين الأنباء عن جولة حوار جديدة سعودية إيرانية والقصف بالصواريخ والمسيرات على السعودية والتي استهدف بعضها مطار أبها!
المشكلة مع إيران، أن طبيعة النظام هي النظام. إذا ما تغيرت تفتح المجال لتغيير النظام نفسه، ما يجعل التسوية مع إيران دائماً مجرد هدنة بين اشتباكين... هل ثمة جديد هذه المرة؟ من يعش ير.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل تلحق إيران بالدرس الطالباني أم بالدرس التركي هل تلحق إيران بالدرس الطالباني أم بالدرس التركي



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب
  مصر اليوم - النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 09:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام
  مصر اليوم - ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام

GMT 10:25 2021 الأربعاء ,05 أيار / مايو

فساتين أنيقة بتصاميم مختلفة لربيع وصيف 2021

GMT 17:19 2021 الأربعاء ,14 إبريل / نيسان

طقس الأربعاء حار نهارًا ولطيف ليلًا في أسوان

GMT 04:30 2021 الثلاثاء ,30 آذار/ مارس

أفضل وجهات سفر لعشاق المغامرات

GMT 11:54 2021 الأحد ,07 آذار/ مارس

طريقة عمل مكرونة بصدور الدجاج

GMT 10:40 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

محمد شريف يحتفل ببرونزية كأس العالم للأندية

GMT 01:06 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

تلميذات يتخلصن من زميلتهن بالسم بسبب تفوقها الدراسي في مصر

GMT 21:22 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

مرور 17 عام على انضمام أبو تريكة للقلعة الحمراء

GMT 09:42 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

كرات اللحم المشوية

GMT 06:57 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

جماهير أرسنال تختار محمد النني ثاني أفضل لاعب ضد مان يونايتد

GMT 18:47 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تغيير اسم نادي مصر إلى "زد إف سي" بعد استحواذ ساويرس

GMT 07:26 2020 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

سعر الدولار في مصر اليوم الأربعاء 21تشرين أول /أكتوبر 2020
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon