توقيت القاهرة المحلي 12:38:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

بايدن معترفاً: الرياض كانت على حق

  مصر اليوم -

بايدن معترفاً الرياض كانت على حق

بقلم : نديم قطيش

بررت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن خطوة رفع الحظر الذي استمر لسنوات على بيع الأسلحة الهجومية للسعودية على أنه مكافأة للرياض بعد تجاوبها مع الضغوط الأميركية لوقف عملياتها العسكرية ضد الحوثيين في اليمن.

قرار الحظر الذي اتخذته إدارة بايدن في أوائل عام 2021 كان موقفاً حازماً ضد الحملة العسكرية المشتركة التي قادتها السعودية في اليمن، والتي رأت واشنطن أنها «تسببت في كارثة إنسانية كبيرة». وكان القرار أيضاً بين باكورة القرارات التي اتخذها الرئيس الديمقراطي المنتخب حديثاً والساعي لإحداث تحول استراتيجي كبير يعطي الأولوية في السياسة الخارجية الأميركية لمبادئ حقوق الإنسان. بيد أنه من الغريب أن يأتي قرار رفع الحظر اليوم، مصحوباً بتهنئة الرياض على وقف الحملة العسكرية، في وقت أصبحت فيه الولايات المتحدة نفسها منخرطة بشكل متزايد في مواجهة شبه مفتوحة مع الحوثيين!!

وكأن هذه المفارقة تنطوي على اعتراف متأخر بأن الدول العربية - وخاصة السعودية والإمارات - كانت على حق في مواجهتها مع الحوثيين منذ البداية، وأن دعواتها الملحة، إلى اتخاذ موقف صارم ضد الحوثيين، كانت في محلها. لا يجعل هذا السياق من قرار رفع الحظر مكسباً للسعودية وحسب، بل يقدم اعترافاً أميركياً ضمنياً بفشل استراتيجية واشنطن تجاه اليمن والحوثيين، الذي أدى أيضاً إلى ضعف قوة الردع الأميركية وتراجع هيبتها في المنطقة.

في واشنطن، وفي فترة أسابيع انتخابية حاسمة، ثمة رغبة في تصوير هذا القرار على أنه انتصار للسياسة الخارجية لإدارة بايدن، ونجاح ضغوطها على السعودية. وربما تراهن الإدارة على أن ما قامت به هو خطوة دعائية سياسية محسوبة. فهي ستكتفي بالترويج لنجاح ضغوطها على حليف شرق أوسطي مهم، من دون أن تضطر فعلاً لعقد صفقات مع الرياض في القريب العاجل، والمغامرة في أن يستخدم ذلك ضدها في الحملات الانتخابية. فأي مبيعات أسلحة لا تزال بحاجة إلى موافقة الكونغرس، حيث توجد معارضة كبيرة للصفقات العسكرية مع دول كثيرة منها السعودية.

بيد أنه من الصعب تجاهل أن خطوة رفع الحظر، حتى من دون عقد صفقات، تعكس في الواقع فشل النهج الأميركي تجاه اليمن، وإفلاس عموم السياسة الأميركية الشرق أوسطية، التي بشرنا مستشار الأمن القومي جايك سوليفان بأنها جعلت المنطقة تعيش أيامها الأهدأ منذ عقود طويلة! فحقيقة أن الولايات المتحدة توسع انخراطها في الصراع الذي كانت تسعى إلى تهدئته، لأسباب لا تمت إلى الواقع بصلة، وباتت تتبنى الإجراءات نفسها التي انتقدتها سابقاً، ستعقد بلا شك سردية نجاح السياسة الخارجية من هذه الزاوية.

وفي هذا السياق أيضاً، يُلفت تزامن رفع الحظر عن بيع الأسلحة للمملكة مع قرار واشنطن الإفراج عن 3.5 مليار دولار من مخصصات التمويل العسكري الأجنبي لإسرائيل، التي أقرت بموجب قانون في أبريل (نيسان) الماضي وتبلغ قيمتها 14.1 مليار دولار.

صحيح أن إسرائيل ستستخدم هذه الأموال لعقد صفقات آجلة وشراء أنظمة لن يتم تسليمها قبل عدة سنوات، إلا أن تزامن الخطوتين تجاه إسرائيل والسعودية ينم عن محاولة يائسة من واشنطن لطمأنة حلفائها في المنطقة وسط استعار حرب غزة واحتمال توسعها إلى حرب أوسع في الشرق الأوسط، مع كل ما يترتب على ذلك من آثار استراتيجية خطيرة.

تأتي هذه القرارات «الغزلية» الأميركية إذن تجاه الحلفاء في المنطقة بعد أن لاحظت واشنطن، ولا بد، أن السعودية اختارت هندسة حد أدنى من التفاهمات مع إيران عبر الصين نتيجة انعدام الثقة بوجود رؤية أميركية واضحة ومتسقة حيال الأولويات الاستراتيجية المشتركة في الشرق الأوسط. كما لم يفت الولايات المتحدة أن الرياض نأت بنفسها عن ترتيبات أمنية متأخرة سارعت إليها واشنطن في منطقة البحر الأحمر بعد أن كانت المملكة هي من تسعى مع واشنطن وغيرها من الشركاء لمثل هذه الترتيبات.

كما أن إدارة بايدن لاحظت حتماً تردي قدرتها على التأثير على إسرائيل على نحو غير مسبوق في تاريخ العلاقة بين البلدين، وفي ضوء افتراق هائل في تقدير المخاطر الاستراتيجية بين حكومة بنيامين نتنياهو والبيت الأبيض.

وعليه، حسناً تفعل إدارة بايدن، إذ تعترف بشكل غير مباشر، بسوء مآلات سياستها الشرق أوسطية، وإن كانت العلاجات المقترحة لا تزال من باب التزيين لا أكثر. فمن المهم في سنة انتخابية حساسة أن تترك الإدارة الراهنة، دروساً مستفادة للآتين بعدها. ومن المهم لنا في الشرق الأوسط أن تأتي الاعترافات على النحو الذي أتته ولو متأخرة ومواربة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بايدن معترفاً الرياض كانت على حق بايدن معترفاً الرياض كانت على حق



GMT 09:00 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

هل مع الفيروس الجديد سيعود الإغلاق؟

GMT 08:25 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

التغيير في سورية... تغيير التوازن الإقليمي

GMT 08:24 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

هذه الأقدام تقول الكثير من الأشياء

GMT 08:23 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أحاديث الأكلات والذكريات

GMT 08:23 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

كبير الجلادين

GMT 08:21 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

سوريا... والهستيريا

GMT 08:20 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

جرعة تفاؤل!

GMT 08:18 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

لا يطمئن السوريّين إلّا... وطنيّتهم السوريّة

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

إسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتعاون مع حزب الله
  مصر اليوم - إسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتعاون مع حزب الله

GMT 08:31 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف
  مصر اليوم - أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 09:32 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

بسمة بوسيل تشوّق جمهورها لأغنيتها الجديدة "لأ ثواني"
  مصر اليوم - بسمة بوسيل تشوّق جمهورها لأغنيتها الجديدة لأ ثواني

GMT 09:07 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

GMT 08:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مبابي يكشف سبب منعه من الاستمرار مع سان جيرمان

GMT 01:15 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل ألعاب يمكن تحميلها الآن على هاتف الآيفون مجانا

GMT 06:21 2019 السبت ,19 كانون الثاني / يناير

نوبة قلبية تقتل "الحصان وصاحبته" في آن واحد

GMT 22:33 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد ممدوح يوجه الشكر للجامعة الألمانية عبر "انستغرام"

GMT 16:44 2018 الإثنين ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمن المركزي يحبط هجومًا انتحاريًا على كمين في "العريش"

GMT 03:36 2018 الجمعة ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

"طرق التجارة في الجزيرة العربية" يضيف 16 قطعة من الإمارات

GMT 01:03 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة عمل العيش السوري او فاهيتاس بسهولة فى البيت

GMT 08:12 2018 الثلاثاء ,11 أيلول / سبتمبر

ليدي غاغا تُظهر أناقتها خلال العرض الأول لفيلمها

GMT 16:10 2018 السبت ,01 أيلول / سبتمبر

جماهير روما تهاجم إدارة النادي بعد ضربة ميلان
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon