توقيت القاهرة المحلي 11:54:52 آخر تحديث
  مصر اليوم -

بايدن معترفاً: الرياض كانت على حق

  مصر اليوم -

بايدن معترفاً الرياض كانت على حق

بقلم : نديم قطيش

بررت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن خطوة رفع الحظر الذي استمر لسنوات على بيع الأسلحة الهجومية للسعودية على أنه مكافأة للرياض بعد تجاوبها مع الضغوط الأميركية لوقف عملياتها العسكرية ضد الحوثيين في اليمن.

قرار الحظر الذي اتخذته إدارة بايدن في أوائل عام 2021 كان موقفاً حازماً ضد الحملة العسكرية المشتركة التي قادتها السعودية في اليمن، والتي رأت واشنطن أنها «تسببت في كارثة إنسانية كبيرة». وكان القرار أيضاً بين باكورة القرارات التي اتخذها الرئيس الديمقراطي المنتخب حديثاً والساعي لإحداث تحول استراتيجي كبير يعطي الأولوية في السياسة الخارجية الأميركية لمبادئ حقوق الإنسان. بيد أنه من الغريب أن يأتي قرار رفع الحظر اليوم، مصحوباً بتهنئة الرياض على وقف الحملة العسكرية، في وقت أصبحت فيه الولايات المتحدة نفسها منخرطة بشكل متزايد في مواجهة شبه مفتوحة مع الحوثيين!!

وكأن هذه المفارقة تنطوي على اعتراف متأخر بأن الدول العربية - وخاصة السعودية والإمارات - كانت على حق في مواجهتها مع الحوثيين منذ البداية، وأن دعواتها الملحة، إلى اتخاذ موقف صارم ضد الحوثيين، كانت في محلها. لا يجعل هذا السياق من قرار رفع الحظر مكسباً للسعودية وحسب، بل يقدم اعترافاً أميركياً ضمنياً بفشل استراتيجية واشنطن تجاه اليمن والحوثيين، الذي أدى أيضاً إلى ضعف قوة الردع الأميركية وتراجع هيبتها في المنطقة.

في واشنطن، وفي فترة أسابيع انتخابية حاسمة، ثمة رغبة في تصوير هذا القرار على أنه انتصار للسياسة الخارجية لإدارة بايدن، ونجاح ضغوطها على السعودية. وربما تراهن الإدارة على أن ما قامت به هو خطوة دعائية سياسية محسوبة. فهي ستكتفي بالترويج لنجاح ضغوطها على حليف شرق أوسطي مهم، من دون أن تضطر فعلاً لعقد صفقات مع الرياض في القريب العاجل، والمغامرة في أن يستخدم ذلك ضدها في الحملات الانتخابية. فأي مبيعات أسلحة لا تزال بحاجة إلى موافقة الكونغرس، حيث توجد معارضة كبيرة للصفقات العسكرية مع دول كثيرة منها السعودية.

بيد أنه من الصعب تجاهل أن خطوة رفع الحظر، حتى من دون عقد صفقات، تعكس في الواقع فشل النهج الأميركي تجاه اليمن، وإفلاس عموم السياسة الأميركية الشرق أوسطية، التي بشرنا مستشار الأمن القومي جايك سوليفان بأنها جعلت المنطقة تعيش أيامها الأهدأ منذ عقود طويلة! فحقيقة أن الولايات المتحدة توسع انخراطها في الصراع الذي كانت تسعى إلى تهدئته، لأسباب لا تمت إلى الواقع بصلة، وباتت تتبنى الإجراءات نفسها التي انتقدتها سابقاً، ستعقد بلا شك سردية نجاح السياسة الخارجية من هذه الزاوية.

وفي هذا السياق أيضاً، يُلفت تزامن رفع الحظر عن بيع الأسلحة للمملكة مع قرار واشنطن الإفراج عن 3.5 مليار دولار من مخصصات التمويل العسكري الأجنبي لإسرائيل، التي أقرت بموجب قانون في أبريل (نيسان) الماضي وتبلغ قيمتها 14.1 مليار دولار.

صحيح أن إسرائيل ستستخدم هذه الأموال لعقد صفقات آجلة وشراء أنظمة لن يتم تسليمها قبل عدة سنوات، إلا أن تزامن الخطوتين تجاه إسرائيل والسعودية ينم عن محاولة يائسة من واشنطن لطمأنة حلفائها في المنطقة وسط استعار حرب غزة واحتمال توسعها إلى حرب أوسع في الشرق الأوسط، مع كل ما يترتب على ذلك من آثار استراتيجية خطيرة.

تأتي هذه القرارات «الغزلية» الأميركية إذن تجاه الحلفاء في المنطقة بعد أن لاحظت واشنطن، ولا بد، أن السعودية اختارت هندسة حد أدنى من التفاهمات مع إيران عبر الصين نتيجة انعدام الثقة بوجود رؤية أميركية واضحة ومتسقة حيال الأولويات الاستراتيجية المشتركة في الشرق الأوسط. كما لم يفت الولايات المتحدة أن الرياض نأت بنفسها عن ترتيبات أمنية متأخرة سارعت إليها واشنطن في منطقة البحر الأحمر بعد أن كانت المملكة هي من تسعى مع واشنطن وغيرها من الشركاء لمثل هذه الترتيبات.

كما أن إدارة بايدن لاحظت حتماً تردي قدرتها على التأثير على إسرائيل على نحو غير مسبوق في تاريخ العلاقة بين البلدين، وفي ضوء افتراق هائل في تقدير المخاطر الاستراتيجية بين حكومة بنيامين نتنياهو والبيت الأبيض.

وعليه، حسناً تفعل إدارة بايدن، إذ تعترف بشكل غير مباشر، بسوء مآلات سياستها الشرق أوسطية، وإن كانت العلاجات المقترحة لا تزال من باب التزيين لا أكثر. فمن المهم في سنة انتخابية حساسة أن تترك الإدارة الراهنة، دروساً مستفادة للآتين بعدها. ومن المهم لنا في الشرق الأوسط أن تأتي الاعترافات على النحو الذي أتته ولو متأخرة ومواربة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بايدن معترفاً الرياض كانت على حق بايدن معترفاً الرياض كانت على حق



GMT 09:30 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

ويْكَأن مجلس النواب لم يتغير قط!

GMT 08:32 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

الثلج بمعنى الدفء

GMT 08:29 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

فرنسا وسوريا... السذاجة والحذاقة

GMT 08:27 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

التكنوقراطي أحمد الشرع

GMT 08:25 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

جدل الأولويات السورية ودروس الانتقال السياسي

GMT 08:23 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

ليبيا: لا نهاية للنفق

GMT 08:21 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

الصناعة النفطية السورية

GMT 08:19 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

دمشق وعبء «المبعوثين الأمميين»

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب
  مصر اليوم - النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 11:54 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

نانسي عجرم تكشف عن مفاجأة خاصة
  مصر اليوم - نانسي عجرم تكشف عن مفاجأة خاصة

GMT 10:25 2021 الأربعاء ,05 أيار / مايو

فساتين أنيقة بتصاميم مختلفة لربيع وصيف 2021

GMT 17:19 2021 الأربعاء ,14 إبريل / نيسان

طقس الأربعاء حار نهارًا ولطيف ليلًا في أسوان

GMT 04:30 2021 الثلاثاء ,30 آذار/ مارس

أفضل وجهات سفر لعشاق المغامرات

GMT 11:54 2021 الأحد ,07 آذار/ مارس

طريقة عمل مكرونة بصدور الدجاج

GMT 10:40 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

محمد شريف يحتفل ببرونزية كأس العالم للأندية

GMT 01:06 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

تلميذات يتخلصن من زميلتهن بالسم بسبب تفوقها الدراسي في مصر

GMT 21:22 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

مرور 17 عام على انضمام أبو تريكة للقلعة الحمراء

GMT 09:42 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

كرات اللحم المشوية

GMT 06:57 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

جماهير أرسنال تختار محمد النني ثاني أفضل لاعب ضد مان يونايتد

GMT 18:47 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تغيير اسم نادي مصر إلى "زد إف سي" بعد استحواذ ساويرس

GMT 07:26 2020 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

سعر الدولار في مصر اليوم الأربعاء 21تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:31 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

لعنة الغيابات تضرب بيراميدز قبل مواجهة الطلائع في الكأس

GMT 07:46 2020 الأحد ,11 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الأسماك في مصر اليوم الأحد 11 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:43 2020 الجمعة ,09 تشرين الأول / أكتوبر

فنانة شابة تنتحر في ظروف غامضة

GMT 21:14 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

مؤشرا البحرين يقفلان التعاملات على ارتفاع
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon