توقيت القاهرة المحلي 11:32:17 آخر تحديث
  مصر اليوم -

كامالا هاريس: «الجو» كبديل عن السياسة

  مصر اليوم -

كامالا هاريس «الجو» كبديل عن السياسة

بقلم : نديم قطيش

ثمة «جو» اسمُه كامالا هاريس. مناخ، لحظة، شعور... ماذا بعد؟

عبَرت كامالا هاريس امتحانَ المؤتمر الوطني للحزب الديمقراطي. شكَّلَ الحدث الذي استضافته مدينة شيكاغو نقطةَ تحول حاسمة في حملتها؛ إذ أعادت من خلاله تقديمَ نفسِها بصورة جديدة وخطاب سياسي بدا ساعياً لصفة تمثيلية أوسع لدى الجمهور الديمقراطي. ثمة إجماعٌ أن هاريس نقلت مزاج الديمقراطيين نحو الكثير من التفاؤل والبهجة، ونجحت في حقن القاعدة الديمقراطية بأسباب الإثارة والارتياح حيال المسار الجديد الذي اتخذته حملة الحزب الديمقراطي بعد خروج الرئيس جو بايدن من السباق.

كانَ لافتاً مثلاً تعديل هاريس لوجهتها اليسارية الواضحة، والتخفف من أثقال تركيزها سابقاً على قضايا الهوية والعِرق والإثنية والجندر. بشكل عام شكَّل خطابها الشخصي، وعموم مخرجات المؤتمر الوطني للحزب الديمقراطي، انطلاقة جديدة، من خلال إعادة التركيز على موضوعات مشاكل الطبقة الوسطى، وتقوية الاقتصاد الأميركي، والإفراط في تظهير الاهتمام بمشاكل التضخم وتكاليف المعيشة وجشع الشركات وأصحاب الاحتكارات وهموم الرعاية الصحية. ويعد هذا التحول نحو الوسط استراتيجية فطنة من قبل الديمقراطيين بغية استقطاب جمهور أوسع في انتخابات تدل كل المؤشرات على أن الفوز فيها سيحصل بهوامش ضيقة بين الحزبين. كما أنه، والأهم، تحول يحسم صراعاً ديمقراطياً داخلياً حول هوية الحزب الديمقراطي ومساره منذ انتخابات 2016 بين هيلاري كلينتون ودونالد ترمب. وهي وجهة أسَّس لها وصول الرئيس باراك أوباما كأول رئيس من أصول أفريقية في تاريخ أميركا، وتفاقمت حدتها مع موجة «بلاك لايفز ماتر» عام 2013. تميزت هذه الحقبة بتصدر سياسات الهوية خطاب الحزب الديمقراطي، في مقابل استثمار الجمهوريين مع دونالد ترمب في الخطاب الاقتصادي الشعبوي، وتجييش الوطنية الأميركية التي يختصرها عنوان: «لنجعل أميركا عظيمة مرة أخرى». بيد أن إعادة التغليف والتسويق هذه التي خضعت لها كامالا هاريس، جاءت شحيحة على مستوى السياسات الموصلة إلى علاجات واقعية للمشكلات التي تصدت لها. قدمت هاريس وعوداً وأمنيات سياسية واقتصادية واجتماعية، أكثر مما قدمت مقترحات محددة وأجندات تفصيلية. وبدا فقرها واضحاً في السياسات الخارجية والدفاعية في لحظة تتعرض فيها الولايات المتحدة لحزمة تحديات من أنظمة ودول ساعية بجد وكد، لإعادة تعريف النظام العالمي وتوازناته.

بدا خطابها حول السياسة الخارجية مثلاً محاولة فارغة لإظهار التزامها التفوق العسكري الأميركي والافتخار الوطني على المسرح الدولي من دون تقديم أي مضمون حقيقي، ما جعل مواقفها تبدو كجهد سطحي لتلبية التوقعات واللوازم، بدلاً من التعبير عن استراتيجية حقيقية لمعالجة التحديات العالمية المعقدة التي تواجهها أميركا. عباراتها الجوفاء حول قضايا دولية معقدة أثارت وتثير مخاوف جدية حول قدرتها على القيادة على الساحة الدولية.

حتى الآن تقدم حملة هاريس الرئاسية نموذجاً لافتاً لاستراتيجية سياسية حديثة، تقوم على التأثير العاطفي وخلق الأجواء الإيجابية كبديل عن المقترحات السياسية التفصيلية والأجندات المحددة لكسب الناخبين. ثمة ضجيج دعائي اسمه «الأمل» المنبعث من ترشيح كامالا هاريس، من دون تقديم إجابات محددة عن مشاكل محددة سيكون على هاريس الرئيسة أن تتعامل معها، وفق معطيات واقعية وأرقام وتحالفات وقوانين.

لا يُختلف على قوة الأمل كأداة سياسية فعالة في الحملات السياسية، بسبب قدرته على إلهام وإثارة الناخبين وتوحيدهم حول رؤيةٍ ما للمستقبل. ولكن التركيز على الأمل وحده لتلميع صورة هاريس، قد يخفي التحديات الحقيقية التي تواجهها البلاد، ويُوظَّف ربما للتغطية على افتقارها لخبرات القيادة العملية اللازمة للحكم بشكل فعال.

ما قدمته هاريس حتى الآن لا يتجاوز تعديل صورتها كمرشحة الحزب الديمقراطي من دون إيضاح جوهر مشروعها السياسي أو الاقتصادي أو الإصلاحي، ومن دون مصارحة الناخبين بشأن التحول الذي طرأ على مواقفها من القضايا الحيوية، وموجبات انزياحها من يسار الحزب إلى وسطه.

ولئن تجاوزت امتحان المؤتمر الحزبي ونجحت في إعادة تعريف الحزب الديمقراطي وضبط توجهاته، فإن اللحظة الرئيسية المقبلة بالنسبة لها ستكون المناظرة مع دونالد ترمب يوم العاشر من سبتمبر (أيلول). لا يغيب طبعاً أن إعادة تقديم كامالا هاريس للأميركية كـ«قائدة رؤيوية» تتناقض بشكل صارخ مع صورتها السابقة كـ«عبء» كبير على الديمقراطيين، بسبب رداءة أدائها كنائبة للرئيس، وهو ما يطرح الكثير من الشكوك حول أصالة صورتها الجديدة ومتانتها. فقد جرى الاشتغال على تغليف وتسويق هاريس الجديدة بعيداً عن الإعلام والمحاسبة، وبذل الكثير من الجهد للنأي بها عن أي مناسبة تشكل تحدياً للصورة التي يعاد بناؤها وتسمح بالتدقيق في تفاصيلها. والحال، فإن المناظرة المنتظرة ستشكل أكبر امتحاناتها؛ لأنها ستكشف عن مدى قدرتها على إخفاء أو تجاوز أوجه القصور التي تعتري خبرتها وتجربتها، وما إذا كانت السردية الجديدة مدفوعة بالضرورات السياسية أم أنها تعكس فعلاً قدرات هاريس القيادية الحقيقية.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كامالا هاريس «الجو» كبديل عن السياسة كامالا هاريس «الجو» كبديل عن السياسة



GMT 09:30 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

ويْكَأن مجلس النواب لم يتغير قط!

GMT 08:32 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

الثلج بمعنى الدفء

GMT 08:29 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

فرنسا وسوريا... السذاجة والحذاقة

GMT 08:27 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

التكنوقراطي أحمد الشرع

GMT 08:25 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

جدل الأولويات السورية ودروس الانتقال السياسي

GMT 08:23 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

ليبيا: لا نهاية للنفق

GMT 08:21 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

الصناعة النفطية السورية

GMT 08:19 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

دمشق وعبء «المبعوثين الأمميين»

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب
  مصر اليوم - النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 11:32 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

دنيا سمير غانم تكشف تفاصيل أجمل هدية تلقّتها من ابنتها
  مصر اليوم - دنيا سمير غانم تكشف تفاصيل أجمل هدية تلقّتها من ابنتها

GMT 09:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام
  مصر اليوم - ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام

GMT 10:25 2021 الأربعاء ,05 أيار / مايو

فساتين أنيقة بتصاميم مختلفة لربيع وصيف 2021

GMT 17:19 2021 الأربعاء ,14 إبريل / نيسان

طقس الأربعاء حار نهارًا ولطيف ليلًا في أسوان

GMT 04:30 2021 الثلاثاء ,30 آذار/ مارس

أفضل وجهات سفر لعشاق المغامرات

GMT 11:54 2021 الأحد ,07 آذار/ مارس

طريقة عمل مكرونة بصدور الدجاج

GMT 10:40 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

محمد شريف يحتفل ببرونزية كأس العالم للأندية

GMT 01:06 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

تلميذات يتخلصن من زميلتهن بالسم بسبب تفوقها الدراسي في مصر

GMT 21:22 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

مرور 17 عام على انضمام أبو تريكة للقلعة الحمراء

GMT 09:42 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

كرات اللحم المشوية

GMT 06:57 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

جماهير أرسنال تختار محمد النني ثاني أفضل لاعب ضد مان يونايتد

GMT 18:47 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تغيير اسم نادي مصر إلى "زد إف سي" بعد استحواذ ساويرس

GMT 07:26 2020 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

سعر الدولار في مصر اليوم الأربعاء 21تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:31 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

لعنة الغيابات تضرب بيراميدز قبل مواجهة الطلائع في الكأس

GMT 07:46 2020 الأحد ,11 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الأسماك في مصر اليوم الأحد 11 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:43 2020 الجمعة ,09 تشرين الأول / أكتوبر

فنانة شابة تنتحر في ظروف غامضة

GMT 21:14 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

مؤشرا البحرين يقفلان التعاملات على ارتفاع
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon