توقيت القاهرة المحلي 22:01:05 آخر تحديث
  مصر اليوم -

عشرة أسابيع في الشرق الأوسط

  مصر اليوم -

عشرة أسابيع في الشرق الأوسط

بقلم: نديم قطيش

ما يفوت الإيرانيين أن عالم ما بعد «كورونا» لم يعد يترك مجالاً كبيراً في اهتمامات الدول للقضايا الخارجية.
حتى الولايات المتحدة ترضخ لأثقال الجائحة وما خلفته من تحديات صحية واجتماعية واقتصادية تحتاج إلى أعلى مستويات الاستثمار في الأجندات الداخلية.
بهذا المعنى تغامر إيران بتضييع فرصة التفاهم مع إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، العازمة جدياً على التوصل إلى اتفاق جديد مع طهران، وهو ما يثبته شروعها في اتصالات غير مباشرة مع نظام الملالي عبر الأوروبيين لتبادل وجهات النظر وبلورة التفاهمات حول سبل المضي قدماً.
بيد أنه ومنذ دخول بايدن إلى البيت الأبيض في العشرين من يناير (كانون الثاني) الماضي، اختارت إيران التصعيد السياسي، عبر الإصرار على الرفع الكامل للعقوبات قبل العودة إلى التزامات الاتفاق النووي الموقع عام 2015، والتصعيد الميداني عبر تحفيز وكلائها في المنطقة، لا سيما في العراق واليمن، لاستهداف مصالح واشنطن في العراق ومصالح حلفائها في المنطقة كالسعودية وإسرائيل.
قد يبدو التصعيد بالنسبة لإيران وسيلة لتحسين الشروط وترميم مكانة وسمعة الإدارة الإيرانية المثخنة بالجراح التي سببها لها الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، لكنه في الوقت نفسه استنزاف مباشر للفرصة الضيقة المتاحة للتوصل إلى اتفاق جديد.
من المبكر التنبؤ باتجاه الأمور، وإن كانت المعطيات المتجمعة خلال الأسابيع الماضية تفيد بأن حظوظ الخطأ في الحسابات، واحتمال أن تتبدد قوة الدفع باتجاه اتفاق سريع، أكبر من حظوظ انتصار العقلانية وحسابات المصلحة. ما هذه المعطيات؟
1- أصبح ثابتاً أن أي اتفاق مع إيران سيشمل تفاهمات محددة تطال ملفي «الصواريخ الباليستية» و«دعم إيران الميليشيات المذهبية في المنطقة»، بالتفاهم والتنسيق الكامل مع شركاء واشنطن في الشرق الأوسط. وفي حين تريد إدارة بايدن العودة إلى الاتفاق ثم الانطلاق منه نحو اتفاق تكميلي أوسع يشمل عنواني «الصواريخ» و«الميليشيات»، تتضاءل حظوظ هذا الخيار وشعبيته في واشنطن نفسها. ففي رسالة وُجِّهت الثلاثاء الماضي، إلى وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، طالب سبعون نائباً جمهورياً وسبعون نائباً ديمقراطياً إدارة الرئيس بايدن بالتفاوض على اتفاق أوسع نطاقاً وأكثر صرامة مع إيران، يشمل العناوين المذكورة أعلاه، وضمن حزمة واحدة.
2- جواباً على الشغب الميداني الإيراني، لا سيما في العراق، بعثت واشنطن برسالتين إلى إيران من كتاب إدارة ترمب؛ تمثلت الأولى في شن غارات أميركية على ميليشيات عراقية تابعة لإيران في شرق سوريا، رداً على الهجمات الصاروخية الأخيرة التي استهدفت قوات أميركية متمركزة في العراق. أما الرسالة الثانية فتمثلت في إعلان وزارة الخارجية الأميركية عن فرض عقوبات على اثنين من محققي جهاز «الحرس الثوري» الإيراني «لتورطهما في انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان» مع محتجزين شاركوا في احتجاجات 2019 و2020 في إيران.
3- تتمسك واشنطن بعدم مكافأة إيران على سلوكها التصعيدي، وإن كانت تحاذر في الإقدام على ما من شأنه تدمير شامل لفرص التفاهم معها. في هذا السياق، أعلنت الإدارة الأميركية بوضوح أنها لن تعرض على إيران حوافز أحادية الجانب لإقناعها بحضور محادثات تخص استئناف الجانبين الامتثال للاتفاق النووي الإيراني لعام 2015.
كما رفضت الخارجية الأميركية الإفراج عن جزء من 7 مليارات دولار لإيران مجمدة لدى كوريا الجنوبية، حتى تمتثل طهران لالتزاماتها النووية. وكانت كوريا الجنوبية قد صرحت في وقت سابق، وبعد قرصنة إيران باخرة لسيول، بأنها قد تفرج عن نحو مليار دولار من الأموال الإيرانية المجمدة في البنوك الكورية، بعد بحث الأمر أولاً مع الولايات المتحدة، وفي حال موافقة الأخيرة على ذلك.
4- بمثل ما رفضت واشنطن الابتزاز الإيراني الميداني، في العراق وكوريا الجنوبية، ترفض الابتزاز السياسي الذي يلوح به اللوبي الإيراني، لا سيما الناشط في واشنطن، والذي يفيد بأن «فرصة الإصلاحيين» قد تضيع على واشنطن ما لم تسارع إلى اتفاق مع حكومة الرئيس حسن روحاني قبل الانتخابات المقبلة المرجح أن يفوز فيها تيار المتشددين.
في هذا السياق، أوكلت إدارة الرئيس بايدن للمبعوث الأميركي الخاص لإيران روبرت مالي نفسه أن يوضح علناً أن الانتخابات الرئاسية الإيرانية المقررة في يونيو (حزيران) المقبل «ليست عاملاً في عملية صنع القرار في الإدارة الأميركية حيال كيفية المضي قدماً في المحادثات النووية». وأضاف مالي: «لا ننوي أن نبني وتيرة مناقشاتنا على الانتخابات الإيرانية، فالوتيرة ستحدد بمدى اتساقنا مع الدفاع عن مصالح الأمن القومي للولايات المتحدة»، موضحاً أن ذلك يعني «أننا لن نتسرع أو نبطئ الأمور بسبب الانتخابات الإيرانية».
5- بالتزامن مع بدء المباحثات بين إدارة الرئيس بايدن وشركائها حول مستقبل الاتفاق النووي مع إيران، فإن عين واشنطن مفتوحة باتساع على الخطوط الحمراء لهذه القوى، وعلى مدى استعدادها للمضي قدماً وحدها بخيارات خاصة وفق محددات أمنها القومي في حال دخول واشنطن في اتفاق مع إيران على غرار ما فعلته إدارة الرئيس الأسبق باراك أوباما.
في هذا السياق، كشفت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية عن أن إسرائيل استهدفت بألغام بحرية ما لا يقل عن 12 سفينة متجهة إلى سوريا، تنقل في الغالب نفطاً إيرانياً وأسلحة، مما يعدّ المؤشر الأحدث على مستوى التوتر في الشرق الأوسط واحتمالات انفلات الأمور وتدهورها نحو حرب واسعة في غياب الضوابط الجدية والصارمة على سلوك إيران المزعزع.
إدارة بايدن عازمة بصدق على العودة إلى الاتفاق لأنه الطريق الوحيدة المعروفة لديها لتنفيس التوتر في الشرق الأوسط. لكن ما تراه واشنطن محطة انطلاق، تراه إيران محطة ختامية، وما تصنفه واشنطن حلاً سياسياً مقبولاً تراه دول المنطقة اختباراً جُرّب من قبل ولم يؤدِّ إلا إلى استئساد إيران والإمعان في سلوكها بدل تغييره.
إنها أزمة لا تكفي فيها النيات الحسنة، ويختلط فيها كثير من الحسابات الاستراتيجية العملية مع الحسابات المعنوية، لا سيما عند إيران. الأكيد أن الوقت المتاح لاتفاق يرضي جميع الأطراف لا يتجاوز عشرة أسابيع قبل الانتخابات الرئاسية الإيرانية والدخول في مرحلة معقدة من تشكيل إدارة جديدة في طهران، مع الأخذ في الحسبان نتائج الانتخابات الإسرائيلية المقررة بعد نحو أسبوع من الآن وانعكاساتها على هذا الملف...
عشرة أسابيع في غاية الخطورة ستقرر منذ الآن الجزء الأكبر من إرث السياسة الخارجية الأميركية في الشرق الأوسط.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عشرة أسابيع في الشرق الأوسط عشرة أسابيع في الشرق الأوسط



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:01 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع
  مصر اليوم - البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع

GMT 17:49 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

مفاوضات غامضة بين محمد صلاح وليفربول وسط تصريحات مثيرة للجدل
  مصر اليوم - مفاوضات غامضة بين محمد صلاح وليفربول وسط تصريحات مثيرة للجدل

GMT 09:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف
  مصر اليوم - دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 10:55 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

رأس شيطان ضمن أفضل 10 مناطق للغطس في العالم

GMT 21:33 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

يسرا تشارك في حفل توقيع كتاب «فن الخيال» لميرفت أبو عوف

GMT 15:36 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : ناجي العلي

GMT 09:48 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

منى عبد الغني توجّه رسالة إلى محمد صلاح

GMT 17:26 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الأربعاء 20 نوفمبر /تشرين الثاني 2024

GMT 15:47 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 11:09 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الملكة رانيا ترد على رسالة طالب جامعي بطريقة طريفة

GMT 11:06 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

وكالة فيتش ترفع التصنيف الائتماني للبنوك المصرية

GMT 19:10 2020 الجمعة ,25 أيلول / سبتمبر

أسعار الكتاكيت في مصر اليوم الجمعة 25 سبتمبر 2020
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon