توقيت القاهرة المحلي 19:36:14 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«ChatGPT»... أيُّ مستقبل؟ أيُّ إنسان؟

  مصر اليوم -

«chatgpt» أيُّ مستقبل أيُّ إنسان

بقلم -نديم قطيش

مع 100 مليون مستخدم نشط شهرياً في يناير (كانون الثاني)، وبعد شهرين فقط من إطلاقه، لم يسبق لظاهرة تكنولوجية أن شهدت حجم وسرعة الاختراق بين المستخدمين، كما حصل مع «ChatGPT»، روبوت الدردشة المدعوم بالذكاء الصناعي الذي أنشأته شركة «OpenAI». تجاوز البحث عن اسم التطبيق الجديد عدد المرات التي بُحث فيها عبر «غوغل» عن كلمة «بيتكوين»، وتجاوزت قيمته السوقية 30 مليار دولار، قبل أن يحقق أي أرباح أو مداخيل حتى الآن.

يقدم برنامج «ChatGPT»، دوره كـ«نموذج لغة ذكاء صناعي، تم تدريبه على مجموعة متنوعة من نصوص الإنترنت للإجابة عن أسئلة محددة بأسلوب شبيه للإجابات البشرية. وظيفتي الأساسية هي مساعدة المستخدمين في إنشاء نص بناءً على مدخلاتهم، وتقديم إجابات للأسئلة، وإنشاء محادثة، وتنفيذ مهام مختلفة باعتماد اللغة الطبيعية».
باختصار، يمكن لـ«ChatGPT» أن يقوم بإنشاء النصوص بناءً على مطالب محددة، بالاستناد إلى مرجعية ضخمة من البيانات المعلوماتية واللغوية المدخلة في «ذاكرة الروبوت الافتراضي». وتتراوح هذه النصوص بين كتابة المقالات والردود على رسائل البريد الإلكتروني أو تلخيص النصوص وكتابة القصائد، أو الدخول في محادثات مع المستخدمين تدور حول المزاح والنقاش الفلسفي أو الروحاني... وقد سجل برنامج «ChatGPT» درجات نجاح مقبولة في امتحانات التراخيص الطبية الأميركية، وماجستير إدارة الأعمال، وامتحانات كلية الحقوق.
لا حدود لاحتمالات توظيف هذه التقنية، التي قال عنها مؤسس شركة «مايكروسوفت» بيل غيتس، أحد أكبر المستثمرين والشريك المطور في الشركة المالكة لـ«ChatGPT»، إن ما سيُحدثه توفير الذكاء لاستخدام العموم، شبيه بالثورة التي أحدثها الكومبيوتر الشخصي الـ«بي سي» في عالم التواصل والعلاقات والإنتاج والعمل والتجارة.
لم تتأخر طبعاً سيول الطعون والشكاوى بخصوص هذا المنتج الجديد، بدءاً من فحص «الانحياز الأخلاقي» للروبوت، عبر فحص نوع المدخلات المعلوماتية التي تدرب عليها، حول الهويات والعِرق والعنف والجنس والدين والمرأة، وصولاً إلى الذعر الأكاديمي في المدارس والجامعات من تحويله إلى آلية للتزوير والانتحال، وهدم مداميك البحث العلمي، ما أدى إلى منع استخدامه في الكثير من المؤسسات التعليمية حول العالم. وككل مرة مع كل خرق تكنولوجي جديد، يعود التهويل بشأن ما تشكله التطورات في مجال الروبوتات والذكاء، من تهديد يطال عدداً كبيراً من الوظائف البسيطة والمعقدة، وتندلع موجات الذعر من التحديات التي يفرضها على تنشئة الأطفال وتجهيزهم لمستقبل مشوب بالغموض لناحية مستقبل الوظائف ومستقبل الكفاءات المطلوب تنميتها.
بيد أنه وإن صحَّت هذه الهواجس، ومعظمها صحيح، فإن هذا لا يلغي أننا في قلب معركة حُسمت لصالح أن الذكاء الصناعي بات جزءاً بنيوياً من واقعنا وعلاقتنا، وما نراه ليس سوى بداية بسيطة. ليس أدل على ذلك من شراسة المنافسة بين عمالقة التكنولوجيا مثل Microsoft وAlphabet وMeta Platforms وAmazon، حيث تسعى كل شركة لتقديم أفضل أدوات الذكاء الصناعي للجمهور. كما تشير بيانات بورصة «وول ستريت» إلى ارتفاعات جنونية في أسعار أسهم الشركات المدرجة المعنية بتقنيات الذكاء الصناعي.
تخيلوا مثلاً أن الذكاء الصناعي يشكّل هذا الحجم من الفرصة والتحدي الآن، علماً بأن النسخة الراهنة من «ChatGPT» غير ملمّة بالأحداث والمؤلفات والابتكارات ما بعد العام 2021، وقارنوا ذلك بما سيكون عليه الوضع حين لا يكتفي الذكاء الصناعي، المطروح للجمهور، بالتعلم اللحظي فقط، بل في إنتاج المعرفة الجديدة، أي ما بعد المعرفة القائمة والمؤسَّسة، أو بإلغاء الحاجز بين الواقع والمتخيل على مستويات الصوت والصورة، أو تبديد الفواصل بين منتجات الذكاء الإنساني والذكاء الصناعي.
أما فيما يعني العلاقات الدولية، يقدم هنري كيسنجر، المؤلف المشارك لكتاب «عصر الذكاء الصناعي» الكثير من التوقعات المستقبلية بشأن تأثيرات الذكاء الصناعي على المجتمع والدولة والاقتصاد والسياسات الخارجية.
يرى كيسنجر أن صعود الذكاء الصناعي ستكون له عواقب وخيمة على النظام الدولي وعلاقات القوة بين الدول. ويتوقع أن يكون الذكاء الصناعي القاطرة للقوة الاقتصادية والعسكرية والسياسية، مع ما يعنيه ذلك من تحديات تكييف صعبة جداً على مستوى كل دولة من أجل الحفاظ على قدرتها التنافسية، لأن نتائج السباق في هذا المجال ستحوّل ميزان القوى بطرق عميقة عبر تعطيل هياكل السلطة الحالية وإنشاء هياكل جديدة.
ويسلط كيسنجر، كآخرين، الضوء على الآثار الأخلاقية والمعنوية للذكاء الصناعي، مشدداً على أهمية التحرك الاستباقي لوضع مجموعة جديدة من القواعد واللوائح الدولية لتنظيم التطوير والاستخدام «المسؤول» للذكاء الصناعي، من أجل تجنب المخاطر المحتملة المرتبطة بهذه التكنولوجيا. فنحن بإزاء خرق تقني قادر على تغيير طريقة تفكيرنا بشكل جذري، وتحدي الأفكار التقليدية حول الذكاء والإبداع البشري وتعريف الإنسان.
لا يغيب هذا الهاجس عن رواد تقنيات الذكاء الصناعي أنفسهم. ففي مقابلة حديثة لميرا موراتي «الرئيسة التنفيذية للتكنولوجيا» في شركة «OpenAI» المالكة لـ«ChatGPT»، تقول موراتي إن إحدى القضايا الأخلاقية الحاسمة التي تجب معالجتها عندما يتعلق الأمر بالذكاء الصناعي هي كيفية تنظيم استخدامه في جميع أنحاء العالم وفقاً للقيم الإنسانية. لكنها تقترح بين سطور ما تتقدم به شراكة معقدة بين الشركات والحكومات والمنظمات الدولية لا بد أنها ستعيد خلط العلاقات الدولية وإعادة تعريف مصادر الشرعية الدولية والقوانين الأممية.
الذكاء الصناعي وصل، وصار جزءاً من الاستخدامات المطروحة للعموم بعد أن كان حكراً على الشركات وضمن تطبيقات محددة. ومع وصوله فُتحت ساحة جديدة للابتكار والقلق في هذه المرحلة من الرحلة المثيرة لتشكيل مستقبل الإنسان.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«chatgpt» أيُّ مستقبل أيُّ إنسان «chatgpt» أيُّ مستقبل أيُّ إنسان



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:42 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة
  مصر اليوم - أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة

GMT 10:08 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد
  مصر اليوم - وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 09:50 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل
  مصر اليوم - نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل

GMT 19:23 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

خروج مسلسل ظافر العابدين من موسم رمضان 2025 رسمياً
  مصر اليوم - خروج مسلسل ظافر العابدين من موسم رمضان 2025 رسمياً

GMT 10:53 2024 الثلاثاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

مدبولي يترأس اجتماع المجموعة الوزارية الاقتصادية

GMT 00:06 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

الأمير ويليام يكشف عن أسوأ هدية اشتراها لكيت ميدلتون

GMT 13:01 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

شام الذهبي تعبر عن فخرها بوالدتها ومواقفها الوطنية

GMT 01:05 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

النيابة العامة تُغلق ملف وفاة أحمد رفعت وتوضح أسباب الحادث

GMT 15:39 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

"المركزي المصري" يتيح التحويل اللحظي للمصريين بالخارج

GMT 15:07 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الزمالك يتأهل لربع نهائي دوري مرتبط السلة علي حساب الزهور

GMT 10:59 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

أبرز اتجاهات الديكور التي ستكون رائجة في عام 2025

GMT 22:30 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

5 قواعد لإتيكيت الخطوبة

GMT 14:43 2024 الثلاثاء ,17 أيلول / سبتمبر

أحمد مالك وطه دسوقي يجتمعان في "ولاد الشمس" رمضان 2025
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon