توقيت القاهرة المحلي 10:02:34 آخر تحديث
  مصر اليوم -

محور موسكو ـ الرياض ـ أبوظبي؟! مهلاً

  مصر اليوم -

محور موسكو ـ الرياض ـ أبوظبي مهلاً

بقلم - نديم قطيش

أوكرانيون أكثر من أوكرانيا، ونفطيون أكثر من أسواق النفط. هكذا يبدو المسؤولون الديمقراطيون في إدارة الرئيس جو بايدن، وفي لجان مجلسي الشيوخ والنواب.
لم يتردد البيت الأبيض في وضع قرار «أوبك بلس»؛ خفض الإنتاج النفطي بواقع مليوني برميل يومياً، بموافقة جميع ممثلي الدول الأعضاء الـ24، في سياق إعلان السعودية الانحياز إلى روسيا ضد أميركا في الأزمة الأوكرانية.
فاقت ردة الفعل الأميركية على القرار ردة فعل أسواق النفط نفسها، حتى يُخيّل للمرء أن سعر برميل النفط حقق قفزات جنونية، تبرر حدة الموقف الأميركي. بيد أن اللافت في هذا السياق ما سمعته مباشرة من مسؤولة أميركية ممسكة بعدد من ملفات الشرق الأوسط في إدارة الرئيس بايدن، تقر بأن تقديرات واشنطن لنتائج قرار الخفض، اختلفت، قبل القرار، عن تقديرات السعودية وبقية الأعضاء الرئيسيين في مجموعة «أوبك بلس»، رافضةً أن تسمي هذا الاختلاف في التقديرات خطأً من جانب الإدارة. كما أنها تهربت من تبرير الاستمرار في الحملة على المملكة على خلفية قرار «أوبك بلس»، بعد أن اتضح أن القرار لم يؤدِ إلى النتائج الكارثية التي تبرر تصنيفه عملاً معادياً ومتعمداً ضد الإدارة الحالية.
ولعل التفسير الوحيد لاستمرار الحملة الأميركية على الرغم من معطيات سوق النفط الهادئة نسبياً، هو أن الخارجية السعودية كشفت في بيان رسمي، أن إدارة بايدن طلبت تأجيل قرار الخفض شهراً واحداً، إلى ما بعد الانتخابات النصفية مطلع نوفمبر (تشرين الثاني)، من دون أن يلقى طلبها استجابة، مما دفع الإدارة للمبالغة بالتمسك بروايتها الأولى، القائلة إن قرار «أوبك بلس» غير مسؤول ومؤذٍ بشكل إستراتيجي لصحة الاقتصاد العالمي، حتى حين ثبت بالوقائع أن هذا التقدير غير سليم ومخالف لمعطيات الواقع. المبالغة في الحملة الأميركية سببها أن الأداء الدبلوماسي السعودي فضح مطالب تسييس النفط من قِبل البيت الأبيض، وهو مطلب تدينه القوانين الأميركية نفسها، وتعرض أصحابه للمساءلة القضائية، وتطلق ديناميات قد تصل إلى حدود المطالبة بعزل الرئيس الأميركي لو ثبت أنه يتواطأ لأسباب سياسية داخلية، مع قوى خارجية («أوبك بلس» في حالتنا) للتأثير على مسارات ومناخات الانتخابات الأميركية. أما اتهام السعودية والإمارات، بسبب قرار «أوبك بلس»، أنهما اختارتا صف روسيا، بدل أميركا، في الأزمة الأوكرانية، ففيه ما يدعو للاستغراب، أن تهيمن هذه المستويات من الخفة على تصريحات وردود فعل أعظم حكومات العالم.
فلو صحّ أن الرياض اختارت التحالف مع روسيا في الأزمة الأوكرانية، فلماذا استقبل الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي اتصال ولي العهد السعودي رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان؟ ولماذا رحّب زيلينسكي بمساعدة سعودية تبلغ قيمتها 400 مليون دولار، من دون أن يشترط «تصحيح الانحياز السعودي لروسيا»، بحسب الاتهامات الأميركية؟ ولماذا لم تصدر عن أوكرانيا مواقف متشنجة من زيارة رئيس الإمارات العربية المتحدة الشيخ محمد بن زايد إلى روسيا ولقائه الرئيس فلاديمير بوتين، علماً أن أبوظبي، كما الرياض، تحتفظ بقنوات اتصال مباشر مع زيلينسكي؟ ولماذا زار المستشار الألماني أولاف شولتس عدداً من العواصم الخليجية، بينها الرياض وأبوظبي، للبحث في معالجة ذيول الأزمة الأوكرانية وانعكاساتها على ملف الطاقة في ألمانيا، إن كان لديه ما يكفي من معطيات أن هاتين العاصمتين بالتحديد تدعمان الحرب الروسية وخيارات الرئيس بوتين فيها؟
الأغرب من الحملة الأميركية، هو استسهال «مقترحات الإجراءات العقابية» التي تنضح بها مخيّلات بعض أعضاء «الكونغرس» الأميركي، والتي تتمحور حول الملف الأمني في العلاقات السعودية - الأميركية تحديداً، كمشتريات السلاح، والتعاون الاستخباراتي، والتنسيق بشأن مواجهة جهود اللاعبين المفسدين كإيران والميليشيات المرتبطة بها، أو أنشطة تنظيم «القاعدة» ومتفرعاته. يفصح هذا النوع من ردود الفعل عن قصور فاضح في فهم توازنات الشرق الأوسط، لا من زاوية مصلحة الرياض، بل من زاوية المصالح الإستراتيجية الأميركية المباشرة، التي من بين دعائمها منذ 80 سنة، هذا التحالف الأقدم في الشرق الأوسط، والأكثر ثباتاً وإنتاجاً، من أي هندسات إستراتيجية أخرى.
إن التلاعب بركائز التعاون العسكري والأمني بين الرياض وواشنطن، هو تلاعب بمصالح أميركا في المنطقة، وباستقرار النظام العالمي برمته. سنكون إذذاك، لا قدر الله، أمام نتائج تفوق بأضعاف الأضعاف نتائج الأزمة الأوكرانية على العالم.
إن التخبط الأميركي في إدارة العلاقة مع حلفاء بهذه الأهمية للمصالح المشتركة بين الطرفين، يثير السخرية بقدر ما يثير الرعب من ضحالة الثقافة السياسية، وتخلف الفهم الإستراتيجي، ورثاثة سلوكيات التفوق الأخلاقي المقيتة. ففي تبريره لزيارته إلى السعودية، قال الرئيس بايدن إنه لم يأتِ إليها طالباً أي تعديل في السياسات المعتمدة في ملف النفط، بل جاءها، ليمنع روسيا من أن تملأ الفراغ في الشرق الأوسط، أو أن تؤدي الانطباعات عن انسحاب أميركي من المنطقة إلى ولادة تحالف بين موسكو وعواصم خليجية رئيسية، ثم لا يلبث البيت الأبيض أن يصرح بانفعال بأن قرار «أوبك بلس» هو اصطفاف سعودي في معسكر موسكو! هل يقر بايدن بفشل زيارته إلى الرياض، أو أن استسهال التصريحات الانفعالية يوقعه ويوقع صورة أميركا وهيبتها في زلات من هذا النوع؟
حقيقة الأمر أن الموقف المتوازن السعودي والإماراتي، في الأزمة الأوكرانية، ينطلق من حسابات إستراتيجية دقيقة، ليس أقلها محاولة منع موسكو من الانزلاق أكثر نحو تحالف أمر واقع مع إيران، وتبديد شعور بوتين بالعزلة، وفتح أبواب الحل السياسي، بعيداً عن الخيارات التي قد يلجأ إليها محارب يائس، لا شيء يمنعه من هدم الهيكل على رؤوس الجميع.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

محور موسكو ـ الرياض ـ أبوظبي مهلاً محور موسكو ـ الرياض ـ أبوظبي مهلاً



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب
  مصر اليوم - النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 09:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام
  مصر اليوم - ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام

GMT 10:25 2021 الأربعاء ,05 أيار / مايو

فساتين أنيقة بتصاميم مختلفة لربيع وصيف 2021

GMT 17:19 2021 الأربعاء ,14 إبريل / نيسان

طقس الأربعاء حار نهارًا ولطيف ليلًا في أسوان

GMT 04:30 2021 الثلاثاء ,30 آذار/ مارس

أفضل وجهات سفر لعشاق المغامرات

GMT 11:54 2021 الأحد ,07 آذار/ مارس

طريقة عمل مكرونة بصدور الدجاج

GMT 10:40 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

محمد شريف يحتفل ببرونزية كأس العالم للأندية

GMT 01:06 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

تلميذات يتخلصن من زميلتهن بالسم بسبب تفوقها الدراسي في مصر

GMT 21:22 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

مرور 17 عام على انضمام أبو تريكة للقلعة الحمراء

GMT 09:42 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

كرات اللحم المشوية

GMT 06:57 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

جماهير أرسنال تختار محمد النني ثاني أفضل لاعب ضد مان يونايتد

GMT 18:47 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تغيير اسم نادي مصر إلى "زد إف سي" بعد استحواذ ساويرس

GMT 07:26 2020 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

سعر الدولار في مصر اليوم الأربعاء 21تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:31 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

لعنة الغيابات تضرب بيراميدز قبل مواجهة الطلائع في الكأس

GMT 07:46 2020 الأحد ,11 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الأسماك في مصر اليوم الأحد 11 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:43 2020 الجمعة ,09 تشرين الأول / أكتوبر

فنانة شابة تنتحر في ظروف غامضة

GMT 21:14 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

مؤشرا البحرين يقفلان التعاملات على ارتفاع
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon