توقيت القاهرة المحلي 03:52:27 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الظواهري وسليماني... وطائرة بيلوسي

  مصر اليوم -

الظواهري وسليماني وطائرة بيلوسي

بقلم - نديم قطيش

مرتان، تذكرت فيهما القائد السابق لـ«فيلق القدس» في «الحرس الثوري» الإيراني اللواء قاسم سليماني خلال الأيام الماضية.
حين أذيع خبر مقتل زعيم تنظيم «القاعدة» أيمن الظواهري بغارة أميركية على منزله في وسط كابل، وحين حطت طائرة رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي في تايوان، مفتتحة فصلاً غير مسبوق من التصعيد الصيني ضد الجزيرة التي تتمتع بحكم ذاتي ضمن مفهوم «الصين الواحدة».
مقتل الظواهري، بطبيعة الحال، خبر طيب، لكنه خبر بائت. احتفال الرئيس جو بايدن، بنجاح عملية التصفية بدا غير مقنع، كمن يحتفل بطرح سيارة جديدة بعد عشر سنوات على وجودها في الأسواق.
ولأن الشيء بالشيء يذكر، فلا شيء، في الواقع، يفوق قيمة اغتيال إدارة الرئيس دونالد ترمب لقاسم سليماني. الاغتيال المتأخر جداً لأسامة بن لادن الذي نفذته إدارة باراك أوباما والاغتيال المتأخر أكثر للظواهري، هما اغتيالان لرجلين مهمين في عالم الإرهاب لكنهما قُتلا في وقت تدنت فيه قيمتهما كثيراً وتجاوزتها تطورات و«تحورات» تنظيمات الإرهاب.
أما اغتيال سليماني فنتائجه بادية للعيان لا سيما في العراق، حيث ما عادت إيران قادرة على إحكام قبضتها على هذا البلد بمثل ما كانت تفعل أيام سليماني. وكل التقارير تشير إلى مستويات التفلت الحاصل في العراق، وفشل الوريث إسماعيل قاآني في إعادة فرض الهيبة الإيرانية نفسها، على المكونات العراقية. بل يمكن المغامرة بالقول إن الوصول في العراق إلى رئاسة وزراء من قماشة مصطفى الكاظمي، بكل امتداداته وعلاقاته وإعادة تموضعه في الاتجاه العربي، ما كانت ممكنة في ظل سطوة سليماني. إنه، إذن، اغتيال راهن بنتائج آنية ومستمرة.
في المقابل، فإن الكثير من تطورات و«تحورات» التنظيمات الإرهابية تجاوزت ظاهرة الظواهري و«القاعدة» عموماً. وقد كتب الكثير عن الرجل ومزاجه ولا شعبيته ولا جاذبيته بالمقارنة مع القادة الجدد في تنظيمات الإرهاب. لا أشير هنا إلى أي مؤامرة في التوقيت، وأقر أن تعقب أمثال بن لادن والظواهري مسألة معقدة تتطلب الكثير من الاستثمار الأمني وتوظيف الوقت ورأس المال البشري، ولكن هي أيضاً مسألة قرار سياسي وأولويات سياسية عند صانع القرار. وذلك يفصح بأن الحزب الديمقراطي، كما الكثير من المزاج الليبرالي في واشنطن، ما زال عالقاً عند لحظة 11 سبتمبر (أيلول) 2001 ولا يزال يرى الكثير من شؤون العالم عبر هذه العدسة. وهذا ما يفتح المجال مجدداً لفحص مقاربة واشنطن المختلفة لملفي الإرهاب، «السني» و«الشيعي»، مع التشديد على وضع مفردتي السني والشيعي بين مزدوجين.
ما زال هذا الفصل في بعض العقل الليبرالي الأميركي، بين إرهاب «سني» منفلت من كل عقال، وإرهاب «شيعي» يمكن التسوية معه عبر التفاوض مع دولة رعايته، أي إيران، يسمم العلاقات الأميركية مع دول عربية وإسلامية رئيسية في الشرق الأوسط.
والمفارقة أن من يصنفون عن حق أن الإرهاب «السني» متفلت ويعيش خارج المجتمع والدولة، يعودون لتحميل دول سنية عربية مسؤولية أعمال هذا الإرهاب المتفلت، حتى حين تكون هذه الدول بين ضحاياه وفي رأس بنك أهدافه المعلن.
لتكتمل الصورة أكثر، من المفيد التوقف عند زيارة بيلوسي إلى تايوان. كيف؟
دأب معظم الديمقراطيين والليبراليين في واشنطن على اعتبار أن أي تحرش أميركي بإيران سيؤدي إلى حرب شاملة في الشرق الأوسط... قالوا ذلك قبل وبعد اغتيال قاسم سليماني... وتمسكوا بهذا الرأي حتى حين لم يؤدِ الاغتيال إلى أي رد فعل جدي من إيران. ولا تزال مسألة اغتيال سليماني تستخدم ضد إدارة ترمب وفي سياق التسويق لصورته كرئيس متهور. كان ولا يزال هذا الحرص على عدم استفزاز إيران، والقبول بابتزازاتها السياسية في الشرق الأوسط، مدفوعاً بوهم أن التسوية ممكنة مع إيران لدرء شرها عن المصالح الأميركية.
الغريب، أن معظم الديمقراطيين والليبراليين أنفسهم، الحريصين على السلم العالمي والاستقرار الاقتصادي، والرافضين للتحرش بإيران، يعتبرون أن تحرش واشنطن بالصين من خلال زيارة بيلوسي إلى تايوان، وصفة للسلام والاستقرار، وجرعة دعم ضرورية للصراع بين الديمقراطية والشمولية في العالم.
مفهوم، أن أولوية الصين أميركياً، أعلى بما لا يقاس من أولوية إيران، وأن ما تبدو واشنطن مستعدة للمغامرة به في التنافس الاستراتيجي مع الصين، يفوق بسماوات، ما هي مستعدة للمغامرة به في المواجهة المحدودة مع إيران.
بيد أن الأمر لا يتعلق بمصالح واشنطن المباشرة، بل بمسؤوليات دورها كالدولة الأولى في العالم، وراعية شبكة معقدة من معادلات التوازن والاستقرار فيه، بما يتجاوز المصالح القومية المباشرة لأميركا.
فيما يعنينا كدول وشعوب في هذا الجزء من العالم، فإن الفشل الأميركي في الاضطلاع بهذا الدور القيادي الكوني، تلقي عليه سياسات واشنطن غير المفهومة تجاه إيران وتجاه دول عربية، أضواء كاشفة.
يقع ذلك في صلب التوجه الاستراتيجي لدول رئيسية في الشرق الأوسط، لأن تنوع علاقاتها الدولية، ولأن ترتقي بعلاقاتها مع الصين إلى مستويات باتت تقلق أميركا...

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الظواهري وسليماني وطائرة بيلوسي الظواهري وسليماني وطائرة بيلوسي



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 17:41 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أسلوب نقش الفهد الجريء يعود بقوة لعالم الموضة
  مصر اليوم - أسلوب نقش الفهد الجريء يعود بقوة لعالم الموضة

GMT 02:00 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

تحذير من عقار لعلاج الربو يؤثر على الدماغ
  مصر اليوم - تحذير من عقار لعلاج الربو يؤثر على الدماغ

GMT 17:46 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تواصل النجاح على المسرح بعد السينما
  مصر اليوم - منة شلبي تواصل النجاح على المسرح بعد السينما

GMT 02:08 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

نتنياهو يعقد اجتماعًا أمنيًا لبحث التطورات في سوريا
  مصر اليوم - نتنياهو يعقد اجتماعًا أمنيًا لبحث التطورات في سوريا

GMT 04:49 2018 الأربعاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

"الأرصاد المصرية " تعلن عن درجات الحرارة المتوقعة الأربعاء

GMT 03:57 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

توماس توخيل يتوج بـ11 لقبًا قبل بداية مشواره مع منتخب إنجلترا

GMT 12:10 2021 الأحد ,24 كانون الثاني / يناير

صدام جديد بين مانشستر يونايتد وليفربول في كأس الاتحاد

GMT 12:38 2021 الأربعاء ,20 كانون الثاني / يناير

تفاصيل القبض على والد طفلة التعرية في الدقهلية

GMT 07:05 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

تعرف على أبرز 5 أسباب للشعور بالتعب طوال الوقت

GMT 18:17 2020 السبت ,05 كانون الأول / ديسمبر

بسنت شوقي تكشف تفاصيل زواجها من محمد فراج

GMT 06:26 2020 السبت ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

صبحي يطمئن على الأولمبي والفريق يختتم معسكره

GMT 09:26 2020 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

الحكومة المصرية تُقدم تسهيلات وخدمات لكبار السن

GMT 06:08 2020 الإثنين ,28 كانون الأول / ديسمبر

دراسة تؤكد أن نصف البالغين لا يغسلون أسنانهم مساء
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon