توقيت القاهرة المحلي 09:40:53 آخر تحديث
  مصر اليوم -

حسن نصر الله يتعرف على لبنان

  مصر اليوم -

حسن نصر الله يتعرف على لبنان

بقلم - نديم قطيش

قسوة الخطاب الأخير للأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله، وسقفه المرتفع، لم يكونا مفاجأة. في الظاهر يبدو موضوع توزير أحد النواب السنّة الفائزين في الانتخابات النيابية اللبنانية بالتحالف مع «حزب الله»، هو ما يستحق مثل هذا التصعيد؛ فـ«حزب الله» ضغط لاعتماد النسبية والصوت التفضيلي في القانون الأخير الذي جرت بموجبه الانتخابات، وفي ذهنه قبل كل شيء اختراق الساحة السنية، وكسر أحادية التمثيل أو شبهها التي اتسمت بها الحريرية السياسية. وحين نجح في منح الفرصة لهؤلاء السنة أن يتمثلوا نيابياً جاء دور تكريس نهاية الأحادية الحريرية، من خلال فرض أحدهم وزيراً في الحكومة المقبلة، في حين أُقفل تمثيل الطائفة الشيعية لصالح الكيان الثنائي الحاكم لها؛ أي «حزب الله» و«حركة أمل».
ولما شعر «حزب الله» بأن الحكومة شارفت على الولادة من غير الأخذ بموقفه الداعي لتمثيل سنّة المعارضة، وجد نفسه أمام السبب الحقيقي لتصعيده الأخير. وجد نفسه أمام الامتحان الذي تعرض له كل الأقوياء في لبنان ممن سبقوا نصر الله إلى سدة القوة، واختبروا حدودها أمام ضوابط النظام السياسي اللبناني. لن يعدم السياسيون اللبنانيون الوسيلة لابتكار تسوية قد تؤدي إلى توزير أحد سنة محور إيران، وهذا رائج في تاريخ التسويات اللبنانية الكثيرة.
ما يضير نصر الله هو ما عبر عنه من تبرم بالتواضع قائلاً بالحرف الواحد، إن التواضع مضرّ في لبنان، وإنه تصرف بترفع؛ أكثر من اللزوم. وهو حقاً في موقع يدعو للتبرم؛ إذ كيف يكون نصر الله وحزبه من صناع المعادلات في المنطقة ومغيّري السياسات والرهانات، ومثبتي مشروعات ومسقطي أخرى على امتداد الشرق الأوسط، بحسب دعاية «حزب الله»، وتعجزه متطلبات التوافق اللبناني عن توزير من يرى حقاً في توزيره؟ كيف سيرضى هذا القوي بحدود قوته والضوابط عليها؟
من المفيد أن يكون نصر الله قد تنبه لهذه السمة التي تطبع النظام السياسي اللبناني، ومن المفيد أنه بدأ النقاش من حيث يجب أن يبدأ، متعرّفاً على لبنانيته السياسية ومختبراً المداخل والمخارج إلى النظام السياسي؛ فـ«حزب الله» لم يدخل الحكومة إلا بعد عام جريمة اغتيال رفيق الحريري في 2005، وبعد حرب تموز 2006 خرج منها، ثم عاد إليها بعد جريمة «السابع من أيار» 2008 حين وجه «حزب الله» سلاحه إلى اللبنانيين العزل في بيروت وجبل لبنان، وبدأ يتدرج بالحيل التي تتيح له الوصول إلى تركيبة حكومية، تمكنه من الإمساك بقرار السلطة التنفيذية. حفلت مذّاك الأدبيات السياسية اللبنانية بمفردات «الثلث المعطل»، و«الثلث الضامن»، و«الوزير الملك»... وغيرها من مفردات تصب جميعاً في هدف واحد: زيادة الهيمنة على السلطة التنفيذية في غياب أي مسالك دستورية تسمح بذلك.
وهنا تكمن أزمة «حزب الله» الحقيقية... فائض قوة حقيقي، وملموس؛ سلاحاً وديموغرافيا وحزباً وأجهزةَ تعبئة وإعلاماً وشراكةً خارجيةً هائلةً في كل ساحات الإقليم، وفي مقابل كل ذلك، ضوابط نظام سياسي لا يني يذكر نصر الله وحزبه بحدود القوة وعدم قابليتها للصرف في لبنان بغير منطق الاعتداء والاستيلاء والمصادرة.
عجيبة هذه المفارقة... يجاهر حسن نصر الله بضيقه من التواضع و«الآدمية»، في مقابل القول الأشهر لرفيق الحريري: «ما حدا أكبر من بلدو». فهِم رفيق الحريري مبكراً ما لا يزال نصر الله يعجز عن فهمه. هو الآخر كان كبيراً بشخصه وثروته وتقاطعاته واندراجه في موجة عالمية عنوانها العربي الملك الراحل فهد بن عبد العزيز، ومن بعده الملك عبد الله، رحمهما الله، وعنوانها الغربي الرئيس الفرنسي جاك شيراك، وبين القطبين صلات عميقة بعظم عواصم العالم. ومثل نصر الله؛ كان يدور في خلد رفيق الحريري ربما، أنه طاقة أكبر من لبنان، لكنه بعكسه مرّن نفسه على الاعتراف بأن هذا الاستنتاج خاطئ وخطير؛ خطير عليه أولاً قبل أن يكون خطيراً على لبنان، هذا البلد الصغير الذي ابتلعت رماله المتحركة ياسر عرفات، وكمال جنبلاط وبشير الجميل وموسى الصدر، كلاً وفق سياق تجربته وخصوصيتها.
يقف نصر الله في منطقة الاختبار هذه التي سبقه إليها آخرون، وعبر عنها بوضوح في خطابه الأخير الذي عُدّ في لبنان أنه خطاب انقلابي، وتهديدي، وما رأيت فيه إلا باباً قرر نصر الله متأخراً الدخول منه إلى واقع النظام السياسي اللبناني. في ذروة ما يظن أنها قوته، تتحرك الأمور من حوله بسرعات فائقة؛ فالعراق يسعى لإيجاد توازن داخلي وتوازن في العلاقة مع إيران، مختلف عما ساد العراق منذ 2003... في سوريا تحث موسكو الخطى باتجاه بدء العملية الدستورية الانتقالية، وفي هذا السياق سيلعب رباعي إسطنبول؛ الروسي - التركي - الفرنسي - الألماني، دوراً أكبر من ثلاثي آستانة؛ الروسي - التركي - الإيراني. حضرت إيران في الحرب وتبدو بعيدة في ترتيبات السياسة. غزة حماس تبحث عن مخارج من المرحلة الممتدة منذ انقلاب 2007، واليمن يتهيأ لجديده... كل ذلك يحدث في ظل عقوبات اقتصادية تجددت على إيران تعِد بأزمات أعمق وأخطر. لبنان بهذا المعنى الحصن الأخير لـ«حزب الله»، والإمساك به ضرورة يرى الحزب إلحاحها ويلمس استحالتها… ويغضب!

نقلا عن الشرق الاوسط اللندنية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حسن نصر الله يتعرف على لبنان حسن نصر الله يتعرف على لبنان



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب
  مصر اليوم - النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 09:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام
  مصر اليوم - ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام

GMT 10:25 2021 الأربعاء ,05 أيار / مايو

فساتين أنيقة بتصاميم مختلفة لربيع وصيف 2021

GMT 17:19 2021 الأربعاء ,14 إبريل / نيسان

طقس الأربعاء حار نهارًا ولطيف ليلًا في أسوان

GMT 04:30 2021 الثلاثاء ,30 آذار/ مارس

أفضل وجهات سفر لعشاق المغامرات

GMT 11:54 2021 الأحد ,07 آذار/ مارس

طريقة عمل مكرونة بصدور الدجاج

GMT 10:40 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

محمد شريف يحتفل ببرونزية كأس العالم للأندية

GMT 01:06 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

تلميذات يتخلصن من زميلتهن بالسم بسبب تفوقها الدراسي في مصر

GMT 21:22 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

مرور 17 عام على انضمام أبو تريكة للقلعة الحمراء

GMT 09:42 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

كرات اللحم المشوية

GMT 06:57 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

جماهير أرسنال تختار محمد النني ثاني أفضل لاعب ضد مان يونايتد

GMT 18:47 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تغيير اسم نادي مصر إلى "زد إف سي" بعد استحواذ ساويرس

GMT 07:26 2020 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

سعر الدولار في مصر اليوم الأربعاء 21تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:31 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

لعنة الغيابات تضرب بيراميدز قبل مواجهة الطلائع في الكأس

GMT 07:46 2020 الأحد ,11 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الأسماك في مصر اليوم الأحد 11 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:43 2020 الجمعة ,09 تشرين الأول / أكتوبر

فنانة شابة تنتحر في ظروف غامضة

GMT 21:14 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

مؤشرا البحرين يقفلان التعاملات على ارتفاع
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon