توقيت القاهرة المحلي 10:02:34 آخر تحديث
  مصر اليوم -

إنقاذ لبنان أم «حزب الله»؟

  مصر اليوم -

إنقاذ لبنان أم «حزب الله»

بقلم: نديم قطيش

لبنان على الطريق الصحيحة. قد يبدو هذا الرأي شديد الانفصال عن الواقع في ظل الأزمة المالية والنقدية والاقتصادية المستفحلة، والتي باتت تنتج مشهديات حرب أهلية وانهياراً أمنياً وخطوط تماس بين المناطق اللبنانية.
غير أن نظرة فاحصة على الأزمة وأطرافها تفيد بأن المأزوم هذه المرة ليس لبنان وحده دولةً ومؤسساتٍ واللبنانيين وحدهم كمواطنين؛ بل المأزوم الأول والأخير هو «جمهورية (حزب الله) في لبنان»؛ فالحكومة هي حكومته بالكامل، والرئاسة بيد الجنرال ميشال عون؛ حليفه الاستراتيجي منذ التفاهم الشهير في كنيسة «مار مخايل» في 6 فبراير (شباط) 2006.
لعلها المرة الأولى منذ ظهوره على المسرح اللبناني، التي يبسط فيها «حزب الله» هذا المقدار من النفوذ المباشر في الدولة، من الموقع الرسمي لمؤسسات النظام السياسي، ومن دون القدرة على التنصل من تبعات سياساته والاختباء خلف غلالة ما تسمى «المقاومة».
فمنذ تشكلت حكومة الرئيس حسان دياب و«حزب الله» بشخص أمينه العام حسن نصر الله، يبذل كل ما يملك من رصيد شعبي ومعنوي وسياسي لدعم الحكومة وخططها الاقتصادية والمحاولات التي تتقدم بها لمعالجة أزمة وجد الحزب نفسه المسؤول الأول عن معالجتها. في هذا السياق جاءت موافقته على اللجوء إلى صندوق النقد الدولي بعد رفض راديكالي لهذا الخيار عبّر عنه أكثر من مسؤول كبير في الحزب. وفي هذا السياق، جاء دعمه للمشهديات الاقتصادية والسياسية المتكررة بين مقري رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة لإسباغ صفة العمل والجهد والاستعجال على سير العمل في «جمهوريته».
بيد أن «حزب الله» هو أكثر العارفين بهشاشة هذين المرتكزين (رئاسة الجمهورية وحكومة دياب) اللذين تنهض عليهما هذه الجمهورية، التي تشبه برزخاً بين «لبنان الطائف المندثر»، و«لبنان قيد الولادة المتعسرة والمؤلمة» التي عنوانها جيل جديد من اللبنانيين يمشون عملياً في جنازة منظومة الإقطاع السياسي التقليدي والمستحدث.
لنبدأ من الحكومة: يعرف الحزب أن حكومة دياب انتهت بانتهاء الوهم الضعيف أنها حكومة مستقلين. لم يصدق أحد أن هذا وهْم خالص، لكن تظل للوهم قوته ما دام قائماً ولم يمتحنه الواقع. إلا إن جلسة التصويت على التعيينات في المناصب الشاغرة في مواقع حساسة وعادية في الدولة، كانت جلسة تعري الجميع من هذه الأوهام. وبنتيجتها خرج رئيس الحكومة وحيداً إلا من إسناد يتيم جاءه من الوزير المحترم دميانوس قطار، الذي أصر على تسجيل تحفظه في محضر الجلسة على الطريقة التي تمت بها التعيينات، وما زلت لا أفهم لماذا يستمر شخص مثله في حكومة كهذه. لوهلة ظن دياب أن له بين الوزراء كتلة من المستقلين والتكنوقراط، حتى جاءت ساعة التصويت على بند تعيين محافظ لمحافظة كسروان جبيل المستحدثة بقانون لم تصدر بعد مراسيمه التطبيقية، فوجد أن «المستقلين» يتسابقون زرافات ووحداناً لإرضاء رئيس الجمهورية بالتصويت لصالح خياره وخلافاً لتفضيل دياب.
مهما بدا هذا التفصيل صغيراً للقارئ العربي، إلا أنه تفصيل مهم لفهم المشهد اللبناني العام، بما ينطوي عليه من تأكيد أن حكومة لبنان باتت مجرد «زينة دستورية» لواقع إطباق تحالف «(حزب الله) - عون» على الدولة.
يقودنا هذا إلى الهشاشة الثانية، وهي رئاسة الجمهورية.
يدرك «حزب الله» أنه يعيش على وقع «ساعة صحية موقوتة»، ملزم أن يبقي عيناً ساهرة عليها. فرئيس الجمهورية في عقده الثامن، ما يطرح سؤالاً استراتيجياً يدور في ذهن «حزب الله»:
هل تستطيع حكومة دياب أن تدير فترة فراغ رئاسي محتمل؟
الجواب البديهي: كلا! إن حكومة بالأداء الذي قدمته الحكومة الراهنة لن تكون قادرة على إدارة جلسة مجلس وزراء واحدة ينتج عنها أي شيء بمستوى تحديات ما بعد رئاسة عون.
أما الساعة الثانية (الآتية لا ريب فيها)، فهي ساعة الانهيار الاجتماعي والاقتصادي الشامل في لبنان والذي بدأت نذره تلوح، في مشهديات العنف المتنامي. فليست كل هذه المشهديات العنفية حصيلة التآمر والتخطيط المسبق لهذا الطرف أو ذاك بغية تحقيق أهداف مرسومة سلفاً، بقدر ما هي تعبير حقيقي عن عمق حالة الإحباط واليأس والغضب التي يعيشها المواطن، وتبدد قناعته أن له مصلحة بالاستقرار. تتسارع عقارب هذه الساعة بأسرع من عقارب ساعة الانتخابات الأميركية، التي سيتضح في ضوء نتائجها مآل التسوية أو التصعيد المحتملين على مستوى المنطقة، لا سيما ما يتصل منها بدور وموقع إيران.
لا يملك «حزب الله» ترف الانتظار إلى ما بعد الانتخابات الأميركية ليقرر ما سيفعله في لبنان، في حين أن موعد الانهيار اللبناني الشامل بات يقاس بالأسابيع وليس بالأشهر.
يحتاج «حزب الله» إذن حكومة موسعة لا تبقيه وحيداً في سدة إدارة الانهيار، ولا تضع عليه وحده عبء إدارة أي مرحلة انتقالية محتملة قد تفرض نفسها على المشهد اللبناني خارج حساباته.
من هنا يجب التنبه إلى أن أي مسارعة لتشكيل مثل هذه الحكومة هي في الواقع إنقاذ لـ«حزب الله» وليس للبنان، مهما كانت الزجليات الوطنية التي سترافق عملية الإنقاذ، وأياً كان مستوى انتحال صفة المسؤولية الوطنية، ومن أي جهة أتى.
لقد ثبت بالتجربة أن تكلفة التسويات على لبنان كانت أعلى بما لا يقاس من تكلفة الحسم. ففي ظل التسويات نما «حزب الله» وترعرع وكبرت ترسانته العسكرية والأمنية وتعاظم تآكل الدولة ومؤسساتها حتى بات لبنان دويلة ملحقة بدولة «حزب الله» وليس العكس.
«قانون قيصر» سيعاقب كل من يمد العون إلى نظام الأسد، ويجب أن تشمل مروحة عقوباته كل من يمد يد العون لانتشال «حزب الله» من الفخ الذي سار إليه وهو الحكم المباشر للبنان. إن أي تفكير في حكومة وحدة وطنية هو في الواقع حبل نجاة لـ«حزب الله»، يجب أن يعاقب عليه من يتجرأ على الخوض فيه أياً تكن صفته وموقعه.
إنقاذ لبنان يبدأ من عدم إنقاذ «حزب الله».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إنقاذ لبنان أم «حزب الله» إنقاذ لبنان أم «حزب الله»



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب
  مصر اليوم - النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 09:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام
  مصر اليوم - ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام

GMT 10:25 2021 الأربعاء ,05 أيار / مايو

فساتين أنيقة بتصاميم مختلفة لربيع وصيف 2021

GMT 17:19 2021 الأربعاء ,14 إبريل / نيسان

طقس الأربعاء حار نهارًا ولطيف ليلًا في أسوان

GMT 04:30 2021 الثلاثاء ,30 آذار/ مارس

أفضل وجهات سفر لعشاق المغامرات

GMT 11:54 2021 الأحد ,07 آذار/ مارس

طريقة عمل مكرونة بصدور الدجاج

GMT 10:40 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

محمد شريف يحتفل ببرونزية كأس العالم للأندية

GMT 01:06 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

تلميذات يتخلصن من زميلتهن بالسم بسبب تفوقها الدراسي في مصر

GMT 21:22 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

مرور 17 عام على انضمام أبو تريكة للقلعة الحمراء

GMT 09:42 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

كرات اللحم المشوية

GMT 06:57 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

جماهير أرسنال تختار محمد النني ثاني أفضل لاعب ضد مان يونايتد

GMT 18:47 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تغيير اسم نادي مصر إلى "زد إف سي" بعد استحواذ ساويرس

GMT 07:26 2020 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

سعر الدولار في مصر اليوم الأربعاء 21تشرين أول /أكتوبر 2020
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon