توقيت القاهرة المحلي 23:40:01 آخر تحديث
  مصر اليوم -

نهاية مرحلة في لبنان لا نهاية عهد

  مصر اليوم -

نهاية مرحلة في لبنان لا نهاية عهد

بقلم: نديم قطيش

بلا مبالغة يمكن القول إن التسوية الرئاسية التي أتت بميشال عون رئيسا للجمهورية في31 أكتوبر (تشرين الأول) 2016 انتهت إلى فشل ذريع... قامت التسوية على فكرتين في غاية البساطة. تفيد الأولى بأن الانتخاب يسد الفراغ الرئاسي الذي كان مضى عليه سنتان ونصف منذ انتهاء عهد الرئيس ميشال سليمان، ويقطع الطريق على فراغات متتالية في الحكومة والبرلمان كان سيقع فيها لبنان بسبب المواعيد الدستورية. أما الفكرة الثانية فكانت تفيد بأن التسوية تعطي فرصة لمواجهة الانهيار الذي قيل يومها إنه وشيك بسبب تعطل الدولة.
الحقيقة أن السبب العميق للتسوية هو شعور الفريق المناهض لـ«حزب الله» بأنه خسر المعركة في لبنان (وفي سوريا وهذا أهم)، وبأن لا مناص من الرضوخ لشرط «حزب الله» وهو البدء بإعادة تكوين السلطة السياسية من باب انتخاب عون وإقرار قانون للانتخاب يعتمد النسبية، ومن ثم تشكيل حكومة جديدة وفق نتائج الانتخابات البرلمانية.
ما سمي يومها تحييد الملفات الخلافية الكبرى ذات التشعبات الإقليمية والتي لا يملك اللبنانيون حيالها قدرة على الحل والربط، هو في الواقع إقرار بأن هذه الملفات أنتجت منتصرين ومهزومين. ولم تكن عبارة النأي بالنفس إلا ورقة توت تغطي عجز مناهضي «حزب الله» عن التأثير في خياراته الإقليمية هذه والعجز عن منعه من المضي قدماً بسياساته الإقليمية بمعزل عن الدولة.
بيعت التسوية للبنانيين بأنها رهان عاقل قد يعطيهم فرصة عدم انهيار عملتهم، ومصارفهم واقتصادهم، وفرصة لأن تتفرمل لغة العنف المذهبي وسياسات الهوية القاتلة والتراشق بصفحات من التاريخ اللبناني الصعب.
وبيعت التسوية بأنها فرصة للناس «لتعيش وتأكل وتعمل وتتقدّم».
سنتان وتسعة أشهر مضت على هذا الاختبار، الذي وصل أمس بحادثة الاشتباك بين مناصرين للزعيم الدرزي وليد جنبلاط ووزير درزي من حلفاء «حزب الله»، إلى درجة فاضحة من الانكشاف والاهتراء. فلا السلم الأهلي بخير، ولا سياسيات الهوية تراجعت، ولا العراضات الميليشاوية من الفريقين خجلت من إراقة الدم علناً وخلال البث التلفزيوني المباشر، فيما بدت الدولة هزيلة باهتة ضعيفة يقف جنودها وشرطتها على بعد أمتار من المسلحين وقطاع الطرق بلا حول ولا قوة.
والأهم من كل ذلك أن الاقتصاد بعد التسوية بات أسوأ مما كان قبلها. ففي تصريحات له قبل أيام، قال حاكم مصرف لبنان، رياض سلامة، لوكالة «رويترز» إن «معدل النمو في البلاد بلغ صفراً في المائة منذ بداية 2019، لكن آفاق الاقتصاد بصدد التحسن بدعم من قطاع السياحة، وبفضل موسم سياحي جيد، لكن لننتظر ونر».
ولا يخفى عليك عزيزي القارئ أن مشهد الاشتباك الدموي أمس في قلب جبل لبنان، أحد أعمدة السياحة اللبنانية، سيكون جاذباً جباراً للسياح الراغبين في التفرج على الاقتتال الأهلي، كما سيكون جاذباً لهواة التاريخ والراغبين في البحث الأنثروبولوجي المتعلق بأصول «حروب القبائل» اللبنانية منذ القرن التاسع عشر حتى اليوم!
طبعاً لجبران باسيل، وزير الخارجية اللبنانية وصهر رئيس البلاد والنائم والصاحي على معركة رئاسة الجمهورية المقبلة، وما تستلزمه من استفزاز وتحريض، لباسيل الحق في التجول في طول لبنان وعرضه. وما حصل مع جمهور وليد جنبلاط وإطلاقهم النار على موكب وزير درزي متحالف مع باسيل هو ضرب من ضروب العصبية الفائقة التي تمر بها الحالة الجنبلاطية. لكن السؤال سيظل لباسيل وهو أحد شركاء التسوية التي بدأت بالحديث عنها وعن دوافعها: ماذا حققت زيارة الجبل واستفزاز الجنبلاطيين للاقتصاد والتنمية والكهرباء والخدمات العامة وسلامة القطاع المصرفي؟ ماذا حققت في خدمة أهداف التسوية التي هي أحد أبرز إنتاجاتها السياسية؟
وبما أن الحديث عن تحييد لبنان عن معارك الإقليم، فلماذا قرر جبران باسيل أن يكون طرفاً في معركة محاصرة وليد جنبلاط، وهي معركة يخوضها ضده نظام بشار الأسد متحالفاً مع «حزب الله» في لبنان؟ بوسعي أن أكتب عشرات المقالات عن ملاحظاتي السياسية وغير السياسية على وليد جنبلاط، لكن أي مراقب منصف لا يستطيع إلا أن يلاحظ أن جنبلاط محاصر ويخوض معركة بقاء زعامته. وأتفهم أن يسعى «حزب الله» وسوريا لتصفية حسابات متراكمة مع المختارة. لكن أين مصلحة المسيحيين في أن يكونوا العصا التي بها يضرب على رأس جنبلاط الغاضب والقلق؟ وأين مصلحة التسوية في أن تنصرف البلاد عن إيجاد الحلول لأزمات الاقتصاد والخدمات العامة وترميم القليل القليل من دعائم هيكل البلاد المتداعي؟
التسوية انتهت، وهذا يعني أن عهد الرئيس عون يواجه مرحلة صعبة. أما الحريرية السياسية فالأرجح أنها أقدمت في أكتوبر 2016 على آخر مناوراتها للإبقاء على الإرث الكبير لرفيق الحريري في التجربة الوطنية اللبنانية من دون أن توفق.
ثمة مرحلة تطوى من تاريخ لبنان، بعضها تدق ساعته البيولوجية وبعضها تدق ساعته السياسية، وبعضها انتصر الزمن على عمر زعامتها المديد...
بقعة يباس سياسي يرفرف على تلالها علم «حزب الله».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نهاية مرحلة في لبنان لا نهاية عهد نهاية مرحلة في لبنان لا نهاية عهد



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 21:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله
  مصر اليوم - كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 07:44 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

البنك المركزي المصري يعلن تراجع معدل التضخم السنوي

GMT 22:26 2018 السبت ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات Xbox One X تتجاوز 80 ألف فى أول أسبوع

GMT 14:26 2016 الجمعة ,16 كانون الأول / ديسمبر

أبطال " السبع بنات " ينتهون من تصوير أدوارهم في المسلسل

GMT 18:22 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن "هوندا سبورت فيجن GT" الجديدة بتصميم مثير

GMT 05:34 2016 الثلاثاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

إيفانكا ترامب تحتفل بعيد الميلاد في هاواي

GMT 09:27 2024 الخميس ,09 أيار / مايو

أهم صيحات فساتين السهرة المثالية

GMT 10:34 2023 الثلاثاء ,24 كانون الثاني / يناير

الأردن يسلم اليونسكو ملف إدراج أم الجمال إلى قائمة التراث
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon