بقلم: د. محمد بسيونى
تحقق ما توقعناه فى مقالات سابقة عن تعرض الاتفاقيات الدولية المستقرة للإلغاء دون طرح بدائل واضحة أو اللجوء للأمم المتحدة لإدارة حوار بين أطراف هذه الاتفاقيات، حفاظاً على السلم العالمى من شطط سيحدث قريباً ويضر بالعالم أجمع.. وقبل أيام ألغت أمريكا اتفاقية «الحد من إنتاج الصواريخ الباليستية متوسطة المدى» مع روسيا لتنضم إلى ثمانى اتفاقيات دولية أو بينية تعرضت للإلغاء من الرئيس الأمريكى ترامب.. والخطير أن روسيا الغاضبة أكدت أن الإلغاء الأمريكى له عواقب خطيرة.. ويضع الجانب الأمريكى شرط مشاركة الصين للتفاوض حول اتفاقية جديدة.. وهذا فى الوقت الذى يتصاعد فيه الغضب الصينى من العقوبات الاقتصادية الجديدة والمفاجئة التى فرضتها حكومة ترامب!! ويبدو هنا أن اتفاقيات الحد من التسلح سوف تخضع لحسابات العلاقات التجارية والضرائب على الصادرات والواردات، التى تمثل حرباً مستعرة بين أمريكا والدول الكبرى فى العالم، والتى حذر مؤتمر الدول العشرين الأخير منها ووصفها بحرب تجارية تهدد النمو والاستقرار العالمى.. والسؤال الحائر عن خبراء السياسة والاقتصاد فى الغرب «ماذا بعد القضاء على الاتفاقيات الدولية والبينية بين الدول الكبرى.. هل ستندفع الدول فى طريق فردى لفرض مصالحها بالقوة؟!!
ويتفق الخبراء أن ما يحدث حالة ما قبل الفوضى المدمرة فى العلاقات الدولية.. وهى غير مضمونة النتائج نتيجة تنامى أدوار الجمهور فى كل دولة ومتابعته الملاصقة للأحداث وتدخله بالتأييد أو المعارضة العلنية للقرارات أو إسقاط بعض الحكومات.. لم تعد الحكومة بأجهزتها ومؤسسات القوة فيها قادرة على تنفيذ القرارات وحدها بعيداً عن الشعوب كما كان يحدث حتى مطلع الألفية الثالثة.. وهذا العنصر الجديد «قوة تأثير الجمهور على القرار» ربما يعوق الاندفاع لتسييد الفوضى فى العالم.. ويبدو الصراع المتصاعد اقتصادياً وتجارياً وتسليحياً بين الدول الكبرى سوف يفجر خلافات ضخمة تنعكس على مستقبل القضايا التى تدخل فيها الدول الكبرى كوسطاء لحل النزاعات المسلحة والحروب فى منطقتنا والعالم.. وربما تنفجر الحالة التفاوضية بين أمريكا وروسيا والصين فى سوريا أو ليبيا أو إيران أو جنوب شرق آسيا.. ندعو الله أن يحمى العالم من الفوضى المقبلة.. والله غالب.