بقلم: د. محمد بسيونى
أصبحت الحاجة للإصلاح السياسى سمة عربية حالة بعد أن مرت دول المنطقة بحالات صراع طويلة ما زال بعضها يتفاعل حتى الآن، والتدقيق فى الخطاب السياسى الداعى للإصلاح يدلنا على أن مرتكزات الإصلاح السياسى وآلياتها تدور حول ثلاثة محاور أساسية:
أولاً: رغبة الأنظمة الحاكمة فى إيجاد مناخ يساعد على الاستقرار ويواجه مسببات التشكيك وانخفاض الثقة وتراجع شعبية الحكومات ويدعم بشكل مباشر النظام السياسى وقياداته.
ثانياً: استخدام الآليات والأطر القائمة مثل الأحزاب والمراكز البحثية ووسائل الإعلام والأنماط القبلية وغيرها فى البحث عن أساليب جديدة ومتطورة للإصلاح السياسى.
ثالثاً: الإبقاء على ذات السياسات دون تعديل أو تأجيل بغض الطرف عن تقييم مستوى الأداء والناتج الاجتماعى للمرحلة الماضية.
نرى ذلك فى حالات لبنان والأردن وسوريا واليمن وليبيا والمحروسة وكل دول الخليج والمغرب والجزائر.. ونعتقد أن النية خالصة من الحكام فى البحث عن سبل إطلاق إصلاحات سياسية عاجلة تمتص حالات الغضب وتقوم على المكاشفة وتفسير الوقائع والقرارات بعيداً عن حالتى التهوين أو التهويل من المخاطر، التى أصبحت حمى مزعجة أصابت التفاعل السياسى فى المنطقة العربية.. للأسف، ويبدو هدف الإصلاح السياسى الأول هو التواصل الناجح بين القيادة والجماهير.. ومن ثم فإن تصورات وآليات الإصلاح يجب أن تقوم على دراسة واعية بالواقع الحقيقى للجماهير وما يهمها وما يزعجها وما تريده الآن من قرارات وما تطمح إليه غداً من إنجازات.. وهو ما يفرض أمرين:
الأول: أن يعتمد الإصلاح السياسى وآلياته على قبول وحماس وتبنى الجماهير له.. والثانى: أن يكون الإعلام واعياً ومسانداً وشارحاً ومتفاعلاً مع الإصلاح من منظور مصلحة الجماهير أولاً، ونعتقد أن الإصلاح السياسى القادم لا محالة خلال الأيام القادمة فى كل الدول العربية سيكون الفرصة -ربما الأخيرة- أمام السياسيين وخبراء الاجتماع والإعلام، لمنع حالة السيولة فى المواقف الاجتماعية لفئات المجتمع، التى ترتب عليها تزايد الإحباط والغضب وتراجع نسب التأييد والثقة والوعى بما تمارسه القيادات فى كل دولة من الدول العربية، وقد أصبح جلياً للعيان أن اعتماد بعض النظم السياسية على الدعم الغربى أو الشرقى لضمان استقرار الأوضاع فيها لم يعد يكفى مع تخبط سياسات قادة الغرب والشرق تجاه الأحداث فى منطقتنا والأسباب كثيرة.. وأصبحنا أمام ذات الحقيقة الثابتة أن الشعب هو السند والداعم الأول والوحيد للحاكم والنظام السياسى.. ولا بديل عن عودة التلاحم بين القيادة والجماهير.
حمى الله الشعب.. والله غالب.