بقلم :د. محمد بسيونى
ألقى بيتر فانكهاوزر، المدير التنفيذى لشركة توماس هوك، بالقفاز فى وجه الجميع عندما أعلن إفلاس الشركة السياحية التى تأسست قبل 187 عاماً ببريطانيا.. وقال إن وراء الإفلاس الغموض والقلق الذى نتج عن ضبابية خروج أو بقاء بريطانيا من الاتحاد الأوروبى والذى ترتب عليه إلغاء ملايين الحجوزات للسائحين مع زيادة أسعار الوقود للطائرات ورفض الحكومة البريطانية التدخل لتخفيف حجم مديونية الشركة العملاقة، التى بلغت 1.7 مليار إسترلينى مع مستحقات للفنادق وشركات الطيران والموردين بلغت 1.2 مليار إسترلينى عن خدمات للسياح بالصيف الماضى والشتاء..
وسقط خبر الإفلاس كالصاعقة على 600 ألف سائح يجوبون العالم حالياً مع الشركة.. وأصبحنا أمام خسائر بالجملة لعشرات الآلاف من شركات السياحة فى 16 دولة وأزمات قادمة لشركات التأمين وقضايا التعويضات التى ستؤدى لخراب واسع، حيث إن «توماس كوك» تدير فنادق ومنتجعات وشركات طيران تخدم 19 مليون مسافر سنوياً ويعمل فيها 21 ألف موظف. اضطرت حكومة جونسون المترنحة إلى إعادة مواطنين بريطانيين من الخارج عبر أسطول الطائرات البريطانية الذى سينقل 150 ألف سائح خلال أسبوعين!! وهى تكلفة ضخمة لا أعرف لماذا لم تستخدمها الحكومة لإنقاذ الشركة خلال التفاوض قبل التصفية الإجبارية؟ ولماذا ترك شركاء «توماس كوك» فى دول أوروبا الشركة تسقط فى حالة مزرية ولم يهتموا بإنقاذها؟
ويقدر خبراء السياحة أن تأثير إفلاس «توماس كوك» محدود على موسم السياحة فى مصر، حيث ألغى 25 ألف سائح بريطانى فقط حجوزاتهم ويرون أن اختفاء «توماس كوك» سيمثل فرصة لنمو الشركات السياحية الصغيرة فى الدول السياحية..
السؤال الأهم أمام خبراء الاقتصاد الآن.. هل يكون اختفاء «توماس هوك» بداية لإفلاس شركات لها صفة العالمية؟ وهو مسار أكده الرئيس الأمريكى دونالد ترامب فى افتتاح الدورة 74 للأمم المتحدة من رفضه لأنشطة العولمة والاتفاقيات الدولية الخاصة بمنظمة التجارة العالمية والعودة إلى تضخيم دور الاقتصاد المحلى الذاتى للدول والاعتماد الذاتى على الشركات المحلية والمصلحة الخاصة دون الاهتمام بآليات الاقتصاد العالمى القائمة حالياً..
يبدو أن مستقبل الأنشطة الاقتصادية والشركات العالمية عابرة القارات فى خطر ويجب أن تستعد الشركات المحلية لتملأ الفراغ.. والله غالب.