كان من الصعب على الرئيس السيسى أن ينتظر كثيراً قبل أن يتدخل ويحسم القضية لصالح مَن ينحاز له دائماً، وهو «المواطن»، فيعيد له كامل حقوقه دون أى نقصان.. ولِمَ لا؟! فالحياد حروف ستة لم تعرف طريقها أبداً لـ«مفردات قاموسه الإنسانى»، وإحساسه الدائم بالآخر، وخاصة من استسلم جبراً لأحكام الحياة، وأصبح منهزماً أمامها..!
دون مقدمات، أصدر «السيسى» عدة قرارات تضيف رصيداً جديداً لإيجابياته تجاه المواطن المهموم بمشاكله، إذ وجّه الحكومة بسحب الاستشكال على الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا بجلسة 21 فبراير الماضى بشأن العلاوات الخاصة لأصحاب المعاشات، وعرض الأمر على الجمعية العمومية بمجلس الدولة لاستطلاع الرأى فى بيان التسوية وفقاً لمنطوق الحكم، وذلك قبل أن تعيد وزارة التضامن محاولاتها للاستشكال..!
كما وجّه وزارة المالية برد إجمالى المديونية المستحقة لصناديق المعاشات طرفها وبنك الاستثمار القومى، من خلال إعداد تشريع خاص ينظم تلك الإجراءات، وعلى أن يبدأ تنفيذ التسوية اعتباراً من موازنة العام المالى الجديد 2019/2020.. إلى جانب اتخاذ الإجراءات اللازمة لإصلاح منظومة الأجور، وبدء التطبيق فى 1 يوليو المقبل.
قرارات «السيسى» جاءت لتنصف أكثر من 10 ملايين مواطن من أصحاب المعاشات الذين سادتهم حالة من الإحباط بعد أن أصبحوا لا حول لهم أو سند بعد أن فقدوا كل ما كان، وتحولوا إلى شريحة يجرى تهميشها دوماً، على الرغم من أنهم سددوا «الفاتورة» كاملة فإنهم تعرضوا لسياسة ممنهجة من تجويع وتعجيز عن شراء دواء.. فالدم قد أعلن تمرده على شرايين قلوبهم بعد أن تصلّبت.. ووهنت العظام.. والأيادى باتت أشبه بـ«مسّاحة زجاج السيارة» لا تستقر أبداً على اتجاه بعد أن أصابتها الرعشة.. والصدور قد مزقها السعال إلى أشلاء.. والظهر انحنى ليشكل «رقم 2».. والزمن حفر آثاره على ملامح الوجه.. ولم يعد لهم أمل فى هذه الحياة سوى أن يتوقف هذا السعال.. وأن تعود الدماء إلى رشدها وتوقف تمردها على شرايين القلب، ولو لبضعة أيام قبل أن يرحل أصحابها إلى حياة أخرى أبدية.
فمنذ اللحظة التى فوجئوا فيها بإسقاطهم من حسابات الدولة وهم يعانون.. وربما تكون كل جريمتهم أنهم خضعوا قسراً لقوانين استقطعت من مرتباتهم أقساطاً طوال 36 عاماً على الأقل من الخدمة والعمل بزعم إعادتها لهم عند التقاعد الذى يمثل لهم «أشد الأوقات احتياجاً لها..».
أما هو، فهو صاحب المبادرات الإنسانية المتلاحقة.. والذى يقف دوماً على أرض منحازة دائماً للمواطن.. فلم يشغله كمّ المسئوليات، التى يحملها على كاهله، ليعيد بناء الوطن عن ضمان حياة كريمة للمواطن، ورد كامل حقوقه إليه بعد سنوات طالت من المعاناة بدأت منذ أن أطفأ هذا المواطن الشمعة التى رُشقت فى تورتة احتفال زملائه فى العمل بإحالته إلى المعاش، ليفاجأ بأن كامل راتبه قد تحول إلى بضعة جنيهات!!.
لم يكن ذلك هو الصدمة الوحيدة التى تلقاها، بل كانت محاولات وزارة التضامن الاجتماعى المتكررة تعطيل تنفيذ أحكام القضاء الإدارى، بأحقية كل أصحاب المعاشات لنسبة الـ80% من العلاوات الاجتماعية التى صدرت أثناء وجودهم فى الخدمة، ولم تُضف إلى الأجر المتغير، حيث طالبت بضرورة استعادة كل صاحب معاش للعلاوات دون اللجوء إلى القضاء، طبقاً للحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا فى 2005، غير أن هيئة التأمينات الاجتماعية ووزارة التضامن رفضتا تعميم هذا الحكم.
جولات قضائية عدة خاضها اتحاد أصحاب المعاشات قادها رئيسها البدرى فرغلى فى مواجهة وزارة التضامن التى تحولت إلى خصم عنيد للغاية، حتى حسمت المحكمة الإدارية العليا قضية هذه العلاوات إذ قضت برفض الطعون المقامة من وزيرة التضامن الاجتماعى وأيدت حكم محكمة القضاء الإدارى بإضافتها.. وكالعادة «تنمّرت» وزارة التضامن للاستشكال فى هذا الحكم، إلا أن القرارات الأخيرة التى أصدرها «السيسى» قد قطعت الطريق نهائياً على أى محاولة لتعطيل التنفيذ.
السطور السابقة لا تستهدف التراشق الدعائى، أو فضفضة لا تستند إلى حقائق ملموسة أو وقائع جادة، أو محاولة للتصدى إلى ادعاءات البعض كالعادة بأن قرارات السيسى جاءت لتمرير التعديلات الدستورية، بل إنها إضافة جديدة لمواقف إنسانية نبيلة ترجمتها مبادرات عدة أطلقها الرئيس بدأها ببرنامج معاش «تكافل وكرامة»، الذى يهدف لتوفير حياة كريمة للأسر الأكثر فقراً.. لتتوالى مبادراته الإنسانية التى تنوّعت بين مبادرة القضاء على قوائم انتظار الجراحات الحرجة، والتى استهدفت حتى الآن إجراء قرابة 100 ألف جراحة فى كل التخصصات.. وجاءت مبادرته التى تعد الأولى من نوعها فى التاريخ على مستوى العالم وهى المبادرة الرئاسية 100 مليون صحة، والتى تستهدف علاج جميع المواطنين مجاناً على مدى الحياة من «فيروس سى اللعين» إضافة إلى أمراض «السكرى وضغط الدم والسمنة».
ووجّه الرئيس السيسى وزارة الصحة بإطلاق حملة الصحة للكشف على طلبة المدارس وعلاجهم مجاناً من الأمراض التى يعانون منها منذ زمن «الأنيميا، التقزم، السمنة، وغيرها».. وأطلق مبادرة «عينك فى عيننا» لمكافحة العمى ومسبّباته للمصريين.
مبادرات «السيسى» لم تتمحور حول الصحة فقط، بل تنوعت إلى إطلاق مشروع تطوير العشوائيات والمناطق الخطرة ونقل قاطنيها لمساكن مجهزة تليق بآدميتهم إلى درجة أن يجرى الإعلان قريباً جداً أن «مصر بلد خالٍ من العشوائيات»، وهو ما كان يتم معايرتنا به من جانب البعض..! ومبادرة «حياة كريمة» للقرى الأشد فقراً ورعاية وزواج اليتيمات بالتعاون مع المجتمع المدنى.. وفى بادرة لم يتطرق إليها أحد من الرؤساء السابقين استحدث «السيسى» شهادة أمان للمصريين، والتى تستهدف توفير حماية وتأمين العمالة الموسمية والمؤقتة والمرأة المعيلة عند المرض أو الإصابة وتحقيق استقرار أسرهم وتعويضهم مادياً عند الوفاة.. وحملة «إحنا معاك» لإنقاذ المشرّدين بلا مأوى من الشوارع، لتجوب فرق التدخل السريع كل أنحاء مصر بحثاً عنهم لإنقاذهم..!
ولأن «السيسى» يستهدف بالفعل الإنسان المصرى مهما كان، فقد تحولت «مبادرة مصر بلا غارمات» من مجرد مبادرة إنسانية أطلقها الرئيس إلى ملف تديره الدولة وفق خطة متكاملة تحكمها لوائح وقوانين لحل هذه القضية وتجفيف منابعها.. وبعد 40 سنة من القهر ومعاناة «الأقزام فى مصر» تم أخيراً إلغاء قانون 39 لعام 1975 بإصدار قانون 10 لعام 2018 لذوى الاحتياجات الخاصة والأقزام الأمر الذى أسعد بالفعل 15 مليون أسرة..!
ولأنهم بالفعل يمثلون مستقبل الوطن، فقد انتشل «مشروع أطفال بلا مأوى» أكثر من 16 ألف طفل من الشارع، وهم الفئة الأخطر على مستوى الجمهورية وتوفير الاعتمادات المالية لتطوير دور الإيواء ورعاية الأحداث.
هكذا أكد «السيسى» أنه بالفعل «القائد الإنسان».. ولك يا أحلى اسم فى الوجود ولمواطنيك، ولقائدك الإنسان السلامة دائماً..!
نقلًا عن الوطن القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع