لأن تعدادنا قد تجاوز الـ100 مليون نسمة، على تلك المساحة من الكرة الأرضية التى تحددها خطوط الطول والعرض باسم مصر، فإن الاختلاف فى الآراء والرؤى يصبح أمراً طبيعياً للغاية بين مواطنيها ولا يشكل أى نوع من التوتر والخلاف بينهم أو الصراع، إذ إن الله سبحانه وتعالى قد خلقنا مختلفين بالطبيعة، ولسنا كـ«قطع البسكويت» : لوناً أو شكلاً أو طعماً واحداً.. ولذا فلكل منا عقيدة وتوجه سياسى يشكل تفكيره الخاص وأسلوب حياته.
غير أن كثيرين منا قد اختار «المعارضة» منهجاً لتوجهه السياسى، اعتقاداً بأن العمل السياسى لا يعنى سوى «المعارضة» لكل شىء وأى شىء، وبالتالى فهو يتمترس خلف موقف ثابت لا يتغير على الإطلاق.. وللأسف يعتبر أن من يخالفه الرأى شخص معاد له على الرغم من أنه دائم التشدق بمقولة «الخلاف فى الرأى لا يفسد للود قضية» دون أن يؤمن بها إيماناً حقيقياً..!
من بلاد بعيدة اختار هؤلاء المعارضون دوماً «مقولة» اعتمدوها منهجاً لرؤيتهم وممارساتهم السياسية ألا وهى «لا أرى.. لا أسمع.. لا أتكلم» وهى مقولة يابانية الأصل التى يترجمها تمثال «القردة الثلاثة» التى تغطى بيديها أذنيها وعينيها وفمها.. وإذا كانت هذه المقولة تعنى فى حقيقتها رجاحة العقل والكلام وحسن التصرف: «لا أرى ولا أسمع ولا أتكلم شراً»، فإن هؤلاء الذين اتخذوا «موقف المعارضة لكل شىء» قد أبدلوا بتصرفاتهم معناها لتصبح «لا أرى.. لا أتكلم.. ولكننى أصرخ وأعترض فقط» بحثاً عن طرق للمخالفة والرفض..!
يقيناً فإن أفراد «الطابور الخامس» الذين لا يزالون متخفين بيننا هم من ينتهجون هذه السياسة بهدف إشعال غضب الكثيرين خاصة هؤلاء «البسطاء»، الذين عانوا طوال عمرهم وعاشوا خارج اهتمامات أصحاب القرار على مدى الأربعين أو الخمسين عاماً الماضية، وينتظرون أن تتحسن أحوالهم كما تستهدفها حزمة القرارات الاقتصادية غير الجماهيرية التى قاربت على الانتهاء، والتى لولاها لكنا انحدرنا أكثر إلى «قمة» التدهور الاقتصادى بصورة تهدد بإعلان «إفلاس مصر» إذا كانت سياسات «اليوم بيومه» -التى كنا نتعامل بها على مدى سنوات طوال دون أى تخطيط أو رسم لمستقبل الوطن- قد استمرت طوال الأربع سنوات والنصف الماضية منذ أن استجاب السيسى لنداء الملايين الهادرة لتولى مسئولية القيادة.. أو كان الرئيس قد دام على سياسة «رشوى المواطن» فى صورة «دعم للسلع والخدمات» كما كان يفعل سابقوه -بصرف النظر عن مدى استحقاق البعض لهذا الدعم- لا لشىء إلا لضمان استمرارهم فى موقع القيادة دون النظر إلى نتائج هذه السياسة الخاطئة.
بالتأكيد فإن فاتورة الإصلاح الاقتصادى قاسية على معظمنا وهو ما يمثل فرصة ذهبية لـ«أفراد الطابور الخامس» للصراخ انتقاداً لكل ولأى شىء بزعم الدفاع عن «الغلابة والمطحونين»، دون أن يقدموا أى رؤية لتحسين أحوال «هؤلاء المطحونين» لا لشىء إلا أنهم لا يمثلون أى شىء بالنسبة لهم، فهم فى النهاية مجرد «سبوبة» لتحقيق مكاسب مادية، وهم لا يرون أو يسمعون عن أى إنجاز يتحقق فى «البنية الأساسية» على أرض الواقع من مدن جديدة وشبكة عملاقة للطرق وشبكات للكهرباء واكتشافات للبترول والغاز وقوات مسلحة تمثل درعاً واقية للوطن وتتقدم كل يوم بين أقوى جيوش فى العالم.. وحتى إن رأوا أو سمعوا فإنهم يرددون مقولة انتقادية لهذه الإنجازات «البشر قبل الحجر»..! غير أن جماهير المواطنين أصبحت واعية تماماً بمثل هذه الألاعيب وغيرها من خداع «الجماعة الإرهابية» التى لن تكف عن الخداع والتشكيك أملاً فى إشعال «نيران الفتنة» وإثارة المواطنين بهدف التسلل مرة أخرى لاسترداد موقعها الذى كانت قد اغتصبته بالزيف والكذب وخداع الآخرين وإعادة احتفاظها بالوطن «رهينة» لديها، ولن يكتفى أعضاؤها بما ارتكبوه من جرائم فى حق الوطن الذى لا يعرفونه، أملاً فى أنه قد يتاح لهم العودة مستقبلاً بيننا وفق ما يتوهمون به..!
ولأنه يعلم حجم ما تحمله المواطنون من متاعب فى سبيل تحقيق الإصلاح الاقتصادى، فقد بدأ السيسى مشروعات ضخمة لـ«بناء الإنسان» على أساس شامل ومتكامل بدنياً وصحياً وعقلياً وثقافياً -بعد أن تحقق نجاح المرحلة الأولى من خطة الإصلاح الاقتصادى - من خلال إطلاق حزمة من المشروعات والبرامج الكبرى على المستوى القومى، التى من شأنها الارتقاء بالإنسان المصرى فى كل هذه المجالات لإبقاء المجتمع المصرى قوياً ومتماسكاً.
خلال دورته الرئاسية الأولى أطلق الرئيس سلسلة مبادرات ناجحة مثل «مبادرة العفو عن الشباب المحبوسين، واستراد أراضى الدولة المملوكة، وسداد ديون الغارمات والغارمين» إضافة إلى اهتمامه الواضح بالفئات التى ظلت فى طى النسيان لسنوات طويلة فاهتم بسكان العشوائيات والمناطق الخطرة وجرى نقلهم إلى شقق سكنية راقية وكاملة الأثاث، إلى جانب إطلاق «وثيقة أمان» للتأمين على حياة العمال الموسميين ليصبح أول رئيس يفكر فى هذه الفئات من المواطنين المطحونين.
وفى بداية ولايته الثانية، كان للرئيس السيسى العديد من المبادرات التى اهتمت بالمواطن بشكل خاص؛ أولها الصحة فقد كانت همه الأول فيما بين القضاء على قوائم الانتظار، والمشروع القومى للمستشفيات النموذجية، والكشف عن سرطان الثدى، فاستحوذ الإصلاح الصحى إلى جانب الإصلاح الاقتصادى على رأس أولويات الرئيس لتكون حملة 100 مليون صحة هى الأشمل فى تاريخ مصر، إذ أطلقها قبل عدة أشهر لتبدأ من أكتوبر لتستمر حتى الآن وتجوب القوافل الطبية كل المواقع والمحافظات فى مصر للبحث والقضاء على فيروس «سى»، وإجراء المسح الطبى للمواطنين مجاناً، واكتشاف الأمراض المزمنة مثل السكر والضغط والسمنة والكشف على كل مواطن مصرى لإنهاء كل ما يعانيه من أمراض دون أن يتكلف جنيهاً واحداً.
قبل أسابيع بدأت مبادرة «حياة كريمة» لإيواء مشردى الشوارع وغير القادرين واستضافتهم مجاناً فى منازل لكبار السن بمختلف المحافظات، لتسير جنباً إلى جنب مع بدء المرحلة الأولى من المبادرة الرئاسية «نور حياة» فى المدارس، والتى تستهدف الكشف المبكر عن مسببات ضعف وفقدان الإبصار بين 5 ملايين تلميذ بالمرحلة الابتدائية، وعلاج الحالات المكتشفة مجاناً فى 5 محافظات هى الإسكندرية، والشرقية، والمنيا، وقنا، والأقصر، وتسليم نحو 132 ألف نظارة طبية وإجراء التدخلات الجراحية مجاناً للتلاميذ المتوقع اكتشاف إصابتهم خلال الكشف الطبى، إضافة لحصر الفئات الأكثر احتياجاً وتقديم الخدمة الطبية لهم بمختلف محافظات الجمهورية.
وإذا كانت هذه جهود السيسى للارتقاء بحياة المواطن، فإلى متى ستظل الحكومة تاركة المواطن نهباً لـ«جشع البعض».. وإلى متى سيظل المخادعون يتقمصون دور «القرود الثلاثة»؟!.. ولكِ يا أحلى اسم فى الوجود ولأبنائك ولقائد مسيرتك السلامة دائماً..!
نقلًا عن الوطن القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع