توقيت القاهرة المحلي 10:46:34 آخر تحديث
  مصر اليوم -

عندما يكتب الجعفري قصيدة هجاء!

  مصر اليوم -

عندما يكتب الجعفري قصيدة هجاء

بقلم - مشرق عباس

سواء اعتبرت الضربة العسكرية الأميركية البريطانية الفرنسية الأخيرة ضد أهداف في سورية نقلة نوعية في طبيعة الصراع العسكري على الأرض السورية كما يقول البعض، أم أنها مجرد بالون اختبار ربما تم بالتنسيق حتى مع روسيا لتفجيره بأقل الخسائر كما يفترض آخرون، فإن الموقف الرسمي العراقي يجب ان يتسم بالحذر، وهي مناسبة لاختبار تمكن العراقيين من تمييز صوتهم عن صوت غيرهم بعد سنوات من تداخل الأصوات.

طبيعة العملية العسكرية لا تكشف الكثير عن تداعياتها، والأزمة السورية كانت خرجت مبكراً عن كونها تنازع إرادات محلية وإقليمية، وفتحت لها صفحات من التناحر الدولي، وهذا لا يعني ان الموقف العراقي يجب ان يكون متفرجاً وصامتاً وغير مبال، لكنه يجب ايضاً ان لا يكون انعكاساً لمواقف الأطراف العراقية والإيرانية واللبنانية المسلحة التي تقاتل في سورية، والأكثر ان الموقف يجب ان لا يكون متضارباً ومتخبطاً على غرار تخبط المواقف بين وزارة الخارجية ورئاسة الوزراء.

وزير الخارجية ابراهيم الجعفري، خرج كالعادة الى وسائل الإعلام بموقف ذي طابع شخصي وانفعالي، فقرر نيابة عن العراق ان بلاده لن تسمح بتكرار الحماقات الأميركية، وأن هذه سياسات «خرقاء»، في اليوم نفسه الذي أكد رئيس الحكومة حيدر العبادي عزمه النأي بالعراق عن تداعيات الأزمة الإقليمية، وإن العراق يدعو الى الحلول السلمية للأزمة والتركيز على محاربة تنظيم «داعش».

في العراق قبل غيره نعرف تماماً تداعيات التدخل الخارجي وندرك فداحة الصواريخ الأميركية التي مازالت آثارها على أجسادنا، كما ان تاريخاً عميقاً يجمع الشعب العراقي مع الشعب السوري الذي استقبل خلال الحرب الأهلية قرابة ثلاثة ملايين نازح عراقي دفعة واحدة عاشوا في أزقة سورية ومدنها وتلقوا الرعاية والضيافة والتعاطف، ولا يليق بأهل العراق الا التضامن مع إشقائهم، وفتح أي باب يمكن من خلاله التوصل الى حلول دائمة وعادلة للأزمة.

من حق العراقيين التعبير عن عواطفهم وتقييماتهم وحتى انحيازاتهم لأطراف الأزمة، ومن حقهم أن يختلفوا في تعريف اسباب ما حدث وما يحدث، لكن ليس من حق وزير الخارجية ابراهيم الجعفري ان يفعل ذلك، ليس من حقه التحول من وزير الى شاعر لكتابة قصائد هجاء، وليس من حقه التعامل مع الحدث بروح العرافة الذي على العراقيين الاستماع الى تنظيراته.

كان على الجعفري كما اي وزير خارجية في العالم، ان ينسق مع رئيس حكومته لاختيار موقف مناسب، وانتقاء المصطلحات والكلمات التي سيقولها، وأن لا يتصرف كمالك حصري لجزيرة وزارة الخارجية العراقية، وأن يكتفي من إحراج العراقيين بمواقف وتقييمات شخصية وهو من اختار بنفسه ان يمثلهم في الخارج!.

نفهم جيداً أن الجعفري يصل نهاية فترة وزارته، وأن تياره السياسي يخوض انتخابات على الأبواب، وأن أمل إعادة تسنمه منصب وزير الخارجية يكاد يكون معدوماً، لكن ذلك لا يعني ان يتصرف على طريقة المثل العراقي «يامغرب خرّب»!، فثمة التزامات طويلة الأمد لأية دولة في العالم، وسياقات ولغة وأساليب للتعبير عن المواقف.

وفي هذا السياق تحديداً، بدا واضحاً ان تحديات كبيرة تواجه قدرة العبادي، على ضبط ايقاع علاقاته الخارجية، ليس بسبب تداخلات واجتهادات وزراء حكومته فقط، بل لأن طبيعة التطورات الإقليمية، وتصاعد لهجات التصعيد لا تدعم كثيراً إمكانية الاستمرار بمسك العصى من المنتصف بطريقة متوازنة.

ومع ان الموقف العراقي من سائر أزمات المنطقة، لم يخرج في اية مرحلة عن السياق العام للموقف الإيراني، فإن العبادي يجري اتهامه في نطاق الحملات الانتخابية المتفاقمة، كرجل أميركا في العراق، وهو الاتهام الذي يتحول الى مادة انتخابية دسمة، لكنه في وجه آخر يشكل ضغطاً متواصلاً على سياسة العبادي الهادئة في التعاطي مع العلاقات الخارجية خصوصاً بعد الانفتاح المثمر مع الدول العربية، والتطبيع المتواصل مع المملكة العربية السعودية.

لكن قدرة العراقيين على إنتاج صوت عراقي خالص لا صدى لأصوات الجيران، هي المادة الانتخابية الوحيدة الصالحة للتسويق خلال الانتخابات المقبلة، وهذا ما يجب ان يتبناه العبادي، ويدركه، كما يجب ان يتبناه الجعفري ايضاً ليصبح أكثر حساسية، وأقل انفعالاً في تصريحاته.

نقلا عن الحياة اللندنية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عندما يكتب الجعفري قصيدة هجاء عندما يكتب الجعفري قصيدة هجاء



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:42 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة
  مصر اليوم - أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة

GMT 10:08 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد
  مصر اليوم - وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 09:50 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل
  مصر اليوم - نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل

GMT 00:01 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

"لطفي لبيب يودع الساحة الفنية ويعلن اعتزاله نهائيًا"
  مصر اليوم - لطفي لبيب يودع الساحة الفنية ويعلن اعتزاله نهائيًا

GMT 14:55 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 07:29 2020 الأربعاء ,17 حزيران / يونيو

ارمينيا بيليفيلد يصعد إلى الدوري الألماني

GMT 13:03 2017 الخميس ,07 كانون الأول / ديسمبر

"فولكس فاغن" تستعرض تفاصيل سيارتها الجديدة "بولو 6 "

GMT 18:07 2017 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

المنتخب الإيطالي يتأهب لاستغلال الفرصة الأخيرة

GMT 07:24 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

دراسة توضح علاقة القهوة بأمراض القلب

GMT 22:13 2024 الجمعة ,07 حزيران / يونيو

بسبب خلل كيا تستدعي أكثر من 462 ألف سيارة

GMT 00:02 2023 الجمعة ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات فولكس فاغن تتجاوز نصف مليون سيارة في 2022

GMT 08:36 2021 الخميس ,07 تشرين الأول / أكتوبر

أيتن عامر تحذر من المسلسل الكوري «squid games»

GMT 20:44 2021 الأربعاء ,15 أيلول / سبتمبر

شيرين رضا تتعرض للخيانة الزوجية من صديقتها المقربة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon