توقيت القاهرة المحلي 22:45:11 آخر تحديث
  مصر اليوم -

عن التوقعات والانطباعات وتنبؤات الاقتصاد

  مصر اليوم -

عن التوقعات والانطباعات وتنبؤات الاقتصاد

بقلم - محمود محيي الدين

مع نهاية عام وبداية آخر تكثر التقارير المتنبئة بتغيرات الاقتصاد، وتتبارى الجهات المصدرة لها في استعراض نتائج توقعاتها، فتستعين بخبراء متخصصين وتجري مسوحاً للرأي واستقصاءات للانطباعات. ونعلم أن التوقعات تصيب وتخطيء، كما أن الانطباعات أسيرة ما يراه أصحابها. فنماذج التوقعات لا تخلو من انحياز وتعاني أوجه قصور في استيعاب الماضي وإدراك مستجدات الحاضر. وفي عالم سريع التغير يزيد اختلاف التوقعات عما ترصده في الواقع، وبعقد مقارنة سريعة لتوقعات الأمس عن حاضر اليوم يتأكد هذا دون عناء، إلا ما كان من قبيل المصادفة أو في حالات محددة لاستشراف ظواهر أو خصائص أو متغيرات معينة لا تتعرض لصدمات تعيد تشكيلها، أو تتمتع بمتانة تعينها على احتواء هذه الصدمات. أما الانطباعات بداهة فهي مزيج من خبرة الشخص ومحيطه، ومدى إتاحة المعلومات والقدرة على التحليل الموضوعي.

ولا تنتشر هذه التقارير والإقبال عليها من باب الاعتياد فحسب، ولكن لتأثيرها في اتخاذ القرارات على مستوى الحكومات والمؤسسات العامة والخاصة والأفراد، كما يتزايد اللجوء إليها مع زيادة المخاطر. وقد تستخدمها جهات بعينها للتأثير على الأسواق أو لتشكيل الرأي العام لتحقيق مصالحها. كما أن من النبوءات ما يصنف، وفقاً لعالم الاجتماع روبرت ميرتون، بأنها ذاتية التحقق من خلال التأثير على السلوك الدافع لتحقيقها فعلاً. كأن يُروج مثلاً لإفلاس مؤسسة، أو تزايد التضخم بالمبالغة في تصوير تأثير أحداث أو تغيرات معينة ذات دلالة، ومع غياب المعلومات الموثوقة لعموم الناس ينتهي الأمر لما كانت تُخشى عواقبه.

وعودة لأمثلة من التقارير الرائجة، فقد استعان المنتدى الاقتصادي العالمي بدافوس، بخبراء بلغ عددهم 1490 ينتمون إلى مؤسسات أكاديمية وخاصة وحكومية ومنظمات غير حكومية في تصنيف المخاطر العالمية، فجاء التصنيف على النحو الآتي من حيث الأهمية في الأجل القصير: 1) التضليل المعلوماتي، 2) التغيرات العنيفة في الطقس، 3) الاستقطاب المجتمعي، 4) مخاطر الأمن السيبراني، 5) الصراعات المسلحة، 6) محدودية الفرص الاقتصادية، 7) التضخم، 8) الهجرة الاضطرارية، 9) الانكماش الاقتصادي، 10) التلوث.

ولا يأتي تقدير «أكسا»، كإحدى شركات التأمين العالمية التي تقوم بالتنبؤ بالمخاطر العالمية ومحاولة تسعيرها، بعيداً في مجملها عن تنبؤاتها السابقة في العامين الماضيين مع تفاوتات بين الأقاليم الجغرافية. وتقوم المؤسسة المالية بتقدير المخاطر من خلال تقديرات مجمعة من 3500 من خبراء إدارة المخاطر من 50 دولة، فضلاً عن استطلاعات رأي تجاوب معها ما يتراوح بين 24 ألفاً و26 ألفاً من 15 دولة لتسمح بمقارنات إقليمية ودولية. وجاء ترتيب المخاطر من حيث الأهمية على النحو الآتي: 1) تغيرات المناخ، 2) مخاطر الأمن السيبراني، 3) اضطراب جيو - سياسي، 4) مخاطر الذكاء الاصطناعي وقواعد البيانات الكبيرة، 5) مخاطر الطاقة، 6) مخاطر متعلقة بالموارد الطبيعية والتنوع الطبيعي، 7) مخاطر مالية، 8) توترات اجتماعية، 9) أوبئة وأمراض معدية، 10) مخاطر الاقتصاد الكلي.

وبمحاولة التعرف على ما يحدق بالعالم العربي من مخاطر، تجده متفرقاً في التصنيفات الدولية بين أفريقيا وآسيا، تأتي تغيرات المناخ في التصنيفات الجغرافية كافة يليها الأمن السيبراني متراوحاً بين المرتبة الثانية آسيوياً والثالثة أفريقياً؛ إذ تسبقه في دول القارة السمراء من حيث الأهمية مخاطر الاستقرار المالي، ثم تأتي المخاطر الاقتصادية الكلية وتلك المتعلقة بالسياسات النقدية والمالية في المرتبتين الرابعة والخامسة. وتتمم قائمة المخاطر الخمس الكبرى في آسيا مخاطر الذكاء الاصطناعي وأمن البيانات؛ والمخاطر التي تعترض الاستقرار المالي.

جدير بالذكر، أنه إلى جانب آراء الخبراء يستخدم تقرير المنتدى الاقتصادي مسحاً لآراء وانطباعات أكثر من 11 ألفاً من قيادات الأعمال في 113 دولة لتوضيح الأولويات والتحديات المحلية في هذه الدول ومدى توافقها مع الانطباعات عن المخاطر العالمية. وضم المسح 12 دولة عربية شملت كل الدول الست الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي، والأردن، والجزائر، والعراق، ومصر، والمغرب واليمن. وفي ترتيب المخاطر الخمسة الأولى جاءت انطباعات قيادات الأعمال في البلدان العربية مشتركة في مخاوفها من التضخم والبطالة وتراجع النمو مع اختلاف من حيث ترتيب الأهمية بين دولة وأخرى. واشتركت انطباعات قيادات الأعمال في البلدان العربية الأكثر دخلاً مع ما ورد من انطباعات لبعض دول منظمة الاقتصادي والتنمية والدول ذات الأسواق الناشئة الكبيرة مثل اكتراثهم بمخاطر الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني والأمراض المعدية. أما البلدان العربية متوسطة الدخل والأقل دخلاً فقد تقدمت في قوائمها التحديات الاقتصادية المتمثلة في الديون وتفاوت الدخول والثروات وتقلب أسعار الطاقة، فضلاً عن شح المياه وتأثير الصراعات المسلحة عبر الحدود على المجتمع والاقتصاد.

ويأتي تقرير البنك الدولي عن آفاق الاقتصاد العالمي، الصادر في مطلع هذا العام، معززاً للانطباعات المتحسبة من تراجع النمو وعدم اكتمال التعافي الاقتصادي، رغم تزايد احتمالات ما يطلق عليه «الهبوط الناعم» في الدول ذات الاقتصادات المتقدمة والأسواق الناشئة بمعنى السيطرة على التضخم دون زيادة البطالة بركود اقتصادي. أما البلدان النامية، فهي تعاني تراجع معدل نمو الناتج المحلي وانخفاض معدل الاستثمار عن نصف متوسطاتها في العقدين الماضيين. ومع انخفاض صافي التدفقات المالية إلى البلدان الأقل دخلاً إلى الصفر السنة الماضية، مع زيادة تحديات المديونية الخارجية في البلدان النامية وترواحها بين مشكلات سيولة وأزمات تعثر وعدم قدرة على السداد تتسع الهوة بين تحقيق أهداف التنمية المستدامة مع نهاية هذا العقد وما هو متاح فعلياً للبلدان النامية من موارد. وحتى تأتي قمة المستقبل للأمم المتحدة، التي ستعقد في سبتمبر (أيلول) المقبل، بالنتائج المرجوة واستعادة مسيرة التنمية المستدامة، يجب أن ينتشل التعاون الدولي بداية من القاع المتدني الذي صار إليه بالتفتيت الاقتصادي وزيادة حدة الاستقطاب جراء تنامي الصراعات الجيو - سياسية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن التوقعات والانطباعات وتنبؤات الاقتصاد عن التوقعات والانطباعات وتنبؤات الاقتصاد



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 19:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة
  مصر اليوم - حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 20:50 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض
  مصر اليوم - منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 10:24 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 09:20 2024 الخميس ,08 شباط / فبراير

نصائح لعرض المنحوتات الفنية في المنزل

GMT 04:36 2024 الإثنين ,14 تشرين الأول / أكتوبر

فئات مسموح لها بزيارة المتحف المصري الكبير مجانا

GMT 15:44 2021 الجمعة ,22 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل حوار باتريس كارتيرون مع رزاق سيسيه في الزمالك

GMT 06:24 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

رينو 5 الكهربائية الجديدة تظهر أثناء اختبارها

GMT 08:54 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

نادية عمارة تحذر الأزواج من مشاهدة الأفلام الإباحية

GMT 00:03 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

كيت ميدلتون ترسل رسالة لنجمة هندية بعد شفائها من السرطان

GMT 07:36 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ياسمين صبري تتألق بالقفطان في مدينة مراكش المغربية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon