توقيت القاهرة المحلي 23:41:07 آخر تحديث
  مصر اليوم -

عن تسوية الملعب الدولي: قمة المستقبل

  مصر اليوم -

عن تسوية الملعب الدولي قمة المستقبل

بقلم: د. محمود محيي الدين

بدأ توافد ممثلي الدول استعداداً للاجتماعات التي يشارك فيها القادة في مقر الأمم المتحدة بنيويورك، ومن أهم الأمور التي ستتم مناقشتها محاور قمة المستقبل التي خصصت لإعادة إحياء النظام الدولي متعدد الأطراف. وأعتبر هذه المبادرة فرصة لاستعادة الثقة في إمكانية التعاون الدولي ومؤسساته للتصدي للتحديات التي تواجه العالم. وأكرر ما ذكرته تعقيباً على مقولة الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، صاحب مبادرة الدعوة لانعقاد قمة المستقبل، بأن العالم يعاني من «عجز في الثقة» بأنَّ المقابل لهذا العجز هو ما نعانيه من فائض في الأزمات.

وقد تطرقت من قبل إلى ما تسبب فيه الرُّعن الحمقى ممن تصدروا المشهد السياسي في كوارث أمنية وإنسانية ومناخية يعاني منها العالم، وما جناه سفهاء تصدوا لإدارة الاقتصاد وشؤون التنمية، فما خلفوا وراءهم إلا أزمات الاستدانة والغلاء والبطالة والفقر. هذا كله يجري في عالم لا تنقصه الموارد أو الثروات، ولكنه يفتقر إلى قيادات تستنقذه مما اعتراه من بؤس، وما يكتنف الشباب في بلدان شتى من يأس.

تتطلب محاولة إعادة إحياء نظام التعاون الدولي تجديداً لمؤسساته المعنية بالسلم والأمن والتمويل والتنمية، أن تكون معبرة عن التغيرات في أوزان القوى حول العالم، وأفضل تمثيلاً لتطلعات الشعوب وحكوماتهم، وأكثر فاعلية من حيث التمويل والموارد وكفاءة استخدامها، وأمهر قدرة في المشاركات مع القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني. يقتضي هذا التمرد على حالة الاكتفاء بالحد الأدنى والإبقاء على أوضاع بالية بحكم الاعتياد، إلى ما يتناسب مع عالم جديد شديد الاختلاف عن عالم رسمته حينها تداعيات الحرب العالمية الثانية. تلك الحرب التي لم يكتفِ المنتصرون فيها بكتابة التاريخ، وهو المكسب المعتاد للمنتصر، ولكنهم وضعوا قواعد عمل لمستقبل ما بعد الحرب بمواثيق واتفاقات وأعراف ألزمت مؤسسات العمل الدولي بالعمل في نطاقها، دون تغيير ملموس يواكب ما طرأ على العالم من تغيرات منذ أربعينات القرن الماضي. وها هو العالم يتجاوز 80 عاماً من بداية تأسيس هذه المنظمات الدولية ليتم مائة عام في عام 2044، بقواعد عمل وأوزان متباينة وحقوق متفاوتة لا تناسب العصر وقواه الصاعدة.

أعجب أنه في عالم شديد التغير لا يدرك البعض ما صار عليه أحوال الأمم وتبدلها، فتجدهم وكأنَّ الزمان توقف عند لحظة للضعف أو القوة النسبية للدول دون تغيير. فعندهم الدول التي كانت كبرى يوماً ستظل متمتعة بممكنات التقدم ومظاهر القوة إلى ما لا نهاية. وإن هي ظهرت عليها أمارات الوهن سارعوا بإنكارها، وتباروا في تبريرها بأنها من العوارض المؤقتة. ومن المشاهد المألوفة أن التابعين لتلك الدول المتبوعة ذات المجد القديم يكونون من الأكثر نكراناً للحقيقة الساطعة بزوال أمارات القوة والمجد عنها، رغم أن أهلها أنفسهم يعترفون قولاً وعملاً بأن يومهم أقل شأناً من أمسهم الماجد.

ندرك ما أصاب مجلس الأمن من شلل منعه من حسم أخطر ما يواجه عالمنا من حروب دامية وصراعات، ناهيك عما يهدد السلم الدولي من قضايا وجودية مثل المياه، وأخرى بازغة مثل الأمن السيبراني وحوكمة الفضاء الخارجي والتنافس على موارده. ونعرف أن حفظ السلام وقواته، التي تقوم بعمل حيوي لا غنى عنه، تعاني من ضعف التمويل. ونعلم أن اتفاق باريس للمناخ وتعهداته، وما استجد عليها بعد قمم المناخ السنوية المنعقدة منذئذ، لم يفلح في تخفيف الانبعاثات الضارة بالأرض ومن وما عليها لضعف التمويل وتقييد التعاون التكنولوجي في مجالات العمل المناخي وضعف المحاسبية والحوكمة. ونعلم أن أقل من 15 في المائة فقط من أهداف التنمية المستدامة في مسارها للتحقق مع حلول عام 2030، وأن باقي الأهداف إما منحرف عن المسار أو أكثر سوءاً مقارنة بالوضع عند نقطة البداية في 2015.

يتكرر ذكر مقولة «إن لم توجد مؤسسات العمل الدولي الحالية لأوجدناها». لا بأس بها من مقولة فلا بديل للتعاون الدولي ومؤسساته متعددة الأطراف إلا نزاعات وصراعات ومزيد من الحروب المدمرة. ولكن فاعلية المؤسسات الدولية مرهونة بمصداقيتها وشرعيتها وقبولها العام وكفاءة حوكمتها، فضلاً عن كفاية مصادرها التمويلية المطلوبة لمساندة جهود العاملين بها؛ وهم من أفضل الكفاءات في مجالاتهم وإن احتاجت كوادرهم المزيد من مشاركة أبناء عالم الجنوب الأكثر دراية بشعابهم وأولويات مجتمعاتهم.

قد يتسرع البعض في الحكم بأن موضوعات قمة المستقبل لم تأتِ بجديد؛ فلسنا هنا في مجال للصرعات التي يتلقفها البعض ثم يلقيها كفعلهم بتقاليع الأزياء والإكسسوارات. فقضايا العدل والسلم والأمن والحق في التنمية قديمة قدم بزوغ الحضارات، ولكن نهج الوصول إليها ومعالمه وأدواته وتوازناته يتغير بتغير العصر وملابساته. والحلول والسياسات المختلفة مطروحة في قمة المستقبل لتضع قيادات العالم أمام مسؤولياتهم، والاختيار يكاد يكون بين أمرين في كل حالة لا ثالث لهما: سلم أم حرب؛ أمن أم فوضى؛ تقدم وتنمية أم تخلف وفقر.

في ظل أجواء التحديات الجيوسياسية والحروب الراهنة وسفك الدماء بلا جريرة، وزيادة الموجات العنصرية التي تؤججها أزمات اقتصادية وخطاب شعبوي أجوف تردده ألسنة متهافتين على كراسي الحكم، قد يستحيل التوصل إلى طموحات ينشدها ذوو العقول والضمائر. ولكن تذكرنا مقولة الزعامة الأفريقية الاستثنائية الممثلة في نيلسون مانديلا «يبدو الأمر مستحيلاً حتى يحدث». وقد شهدنا من المستحيلات السيئة صنوفاً تحدث، فلعل قمة المستقبل تأتي ببداية لصنف حميد.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن تسوية الملعب الدولي قمة المستقبل عن تسوية الملعب الدولي قمة المستقبل



GMT 12:21 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

التشكيل المنتظر امتحان حسان الأول

GMT 09:37 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

تفّوق إسرائيل التقني منذ 1967

GMT 09:34 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

قد يرن «البيجر» ولا يُجيب

GMT 09:29 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

لبنان... الرأي قبل شجاعة الشجعان

GMT 09:28 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

معضلة الحل في السودان!

GMT 09:25 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

الكشف عن مقبرة مطربي الإله آمون

GMT 09:23 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

مذاق الأيام المتبقية من عُمر السباق

ياسمين صبري بإطلالات أنيقة كررت فيها لمساتها الجمالية

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 19:23 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

5 مدن ساحلية في إيطاليا لمحبي الهدوء والإسترخاء
  مصر اليوم - 5 مدن ساحلية في إيطاليا لمحبي الهدوء والإسترخاء

GMT 10:15 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

أفكار لتزيين واجهة المنزل المودرن والكلاسيكي
  مصر اليوم - أفكار لتزيين واجهة المنزل المودرن والكلاسيكي

GMT 07:24 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

دراسة توضح علاقة القهوة بأمراض القلب
  مصر اليوم - دراسة توضح علاقة القهوة بأمراض القلب
  مصر اليوم - يسرا خارج دراما رمضان 2025 للعام الثاني على التوالي

GMT 10:57 2020 الإثنين ,07 كانون الأول / ديسمبر

فوائد لا تصدق لقشور جوز الصنوبر

GMT 08:53 2020 الثلاثاء ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة زوجة محمد صلاح بفيروس كورونا

GMT 08:15 2020 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

"حبيب نورمحمدوف" إنجازات رياضية استثنائية وإرث مثير للجدل

GMT 08:45 2020 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

القصة الكاملة لمرض الإعلامية بسمة وهبة الغامض

GMT 07:16 2020 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الدواجن في مصر اليوم الإثنين 19 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 09:50 2020 السبت ,10 تشرين الأول / أكتوبر

شقيقان بالإسكندرية يعانيان من مرض جلدى نادر

GMT 23:35 2020 الأربعاء ,16 أيلول / سبتمبر

بورصة تونس تقفل التعاملات على تراجع

GMT 01:08 2020 الأحد ,19 تموز / يوليو

طريقة عمل الشكشوكة التونسية

GMT 22:12 2020 الأحد ,21 حزيران / يونيو

أستون فيلا ينهار في ١١٤ ثانية أمام تشيلسي

GMT 23:30 2020 الجمعة ,05 حزيران / يونيو

السودان تسجل 215 إصابة جديدة بفيروس كورونا
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon