توقيت القاهرة المحلي 22:01:35 آخر تحديث
  مصر اليوم -

التوترات الطائفية فى بعض قرى المنيا

  مصر اليوم -

التوترات الطائفية فى بعض قرى المنيا

بقلم - نبيل عبد الفتاح

حالة من الحزن المفرط والأسى تجتاح المتابع لأحداث طائفية تقع فى بعض قرى محافظة المنيا، ولا تكاد تمر شهور إلا ويعاد إنتاجها، على نحو بات يشكل النمط الرئيس لأشكال من التطرف العنيف، والتمييز الدينى الذى يدور حول بعض الشجارات أو النزاعات الاجتماعية العادية، التى سرعان ما يحولها بعض الغلاة والمتشددين دينيا إلى مجال النزاعات الدينية، أو قيام بعض الأقباط بإقامة الصلوات العادية فى منزل أو على متوفى فى ظل غياب دار للعبادة مرخص بها من السلطات، وسرعان ما يتم تدخل بعض المتشددين بالتحريض على جماعة المصلين لمنعهم من الصلاة، والاعتداء عليهم، وعلى مساكنهم وممتلكاتهم على نحو بات يشكل نمطًا من الخروج السافر على مبادئ وقواعد دولة القانون التى أقرت مبدأ الحرية الدينية وحقوق المواطنة فى جميع الدساتير المصرية، منذ دستور 1923، حتى دستور 2014، والأخطر هو قيام بعض المواطنين المتشددين والمتطرفين دينيًا، بفرض آرائهم وأهدافهم بالقوة والغلبة باسم التأويل الدينى، على مواطنين مسيحيين من خلال سلطة قانون الواقع المؤسس على الأكثرية العددية إزاء القلة، وهو أمر بالغ الخطورة.

أمور خطيرة تكشف عن سلطان الغلو الدينى والتطرف العنيف، وسطوة بعض الدعاة ومشايعيهم الذين يعتبرون تفسيراتهم وتأويلاتهم وآراءهم الدينية هى الدين والعياذ بالله.

هذا النمط من الممارسات الطائفية والتمييزية على أساس الانتماء الدينى جعل بعض المراقبين يعتقد أن بعض قرى محافظة المنيا، تبدد وكأنه استعصاء أو استثناء على سلطة قانون الدولة، وذلك على الرغم من أنه لا يوجد أى مبرر لانتهاك بعض الغلاة وتابعيهم لحرية التدين والاعتقاد وممارسة الشعائر الدينية للمواطنين المسيحيين، فى حين أن محافظة المنيا ــ فى أحد التقديرات- تعد المركز الثانى فى عدد المساجد والزوايا بعد محافظة الشرقية ضمن محافظات الجمهورية.

من هنا يثور السؤال لماذا تتكرر حوادث العنف الطائفى فى بعض قرى المنيا وتحولها إلى نمط من التمييز الدينى؟ التطرف والعنف يرجع إلى عديد الأسباب وعلى رأسها ما يلى:

- تراكم فوائض العنف الطائفى فى بعض مدن وقرى محافظة المنيا الذى مارسته الجماعة الإسلامية وبعض الغلاة منذ منتصف عقد الثمانينيات من القرن الماضى، واستمراريته كجزء من نمط الحياة الاجتماعية، دون بحث مصادره وأسبابه والتعامل معها على عديد المستويات، والاقتصار على معالجة الجوانب الأمنية لهذه المشكلة المعقدة.

- صعود دور الداعية الدينى المتشدد ــ السلفى ونظائره وأشباهه- وبعض أعضاء الجماعات الإسلامية الراديكالية المتشددة التى مارست تاريخيا العنف الدينى والطائفى، وسعيهم لفرض سلطتهم الرمزية على بعض القرى فى محافظات الوجه القبلى والمنيا على وجه الخصوص، وذلك من خلال نشر أفكارهم الدينية التأويلية حول الآخر الدينى، من خلال النزعة التمييزية، وذلك لخلق حالة من الانقسام بين المواطنين داخل القرى عبر التعبئة الدينية والطائفية، وإنماء ثقافة كراهية الآخر الدينى وعدم الثقة به، والتعامل الاستعلائى معه.

هذا النمط من الممارسات التميزية أتاح لهذه الجماعات وبعض الغلاة من الدعاة وأتباعهم فرض حضورهم ووجودهم اليومى فى نمط حياة هذه القرى.

- ضعف وتراجع الأدوار التقليدية للعصبيات المحلية ــ كبار العائلات، والعمد، ومشايخ الخفر- التى كانت تشكل مركز القوة الاجتماعى الرئيس فى القرى، وذلك بفضل بعض التغيرات الاجتماعية وحلول بعض الدعاة والجماعات الدينية المتطرفة كفاعل رئيس، مع بعض من أصحاب الثروة والنفوذ الجدد، من ذوى التوجهات المتشددة والسلفية، والذين يعتمدون فى بناء مكانتهم على الثروة والايديولوجيا الدينية المحافظة.

- توظيف بعض الغلاة من الدعاة والجماعات المتطرفة والراديكالية الفراغات الأمنية، وحالة الفوضى الأمنية عقب المرحلة من 25 يناير 2011 إلى 30 يونيو 2013، وذلك لفرض نفوذهم، وهندستهم الدينية الوضعية المؤسسة للتمايز الدينى، والنزعة الطائفية.

- تراكم بعض أشكال التمييز الدينى بين تلاميذ وتلميذات المدارس إزاء بعض المسيحيين من بعض المدرسين والمدرسات من ذوى التوجيهات الدينية المتشددة على نحو يكرس الفجوات النفسية بين التلاميذ بعضهم بعضا على أساس الانتماء الدينى، وليس على أسس ومبادئ المساواة وحقوق المواطنة فيما بين بعضهم بعضًا.

- نقص الخدمات العامة والبنية الأساسية فى غالبية القرى، من المياه النقية والصرف الصحى، والكهرباء والخدمات الصحية.

- ارتفاع معدلات البطالة بين الشباب من خريجى الجامعات والمعاهد العليا والمدارس، وهو الأمر الذى يجعل من البيئة الاجتماعية للعاطلين، حاضنة للتشدد والأفكار الدينية المتطرفة، لاسيما فى ظل محدودية وغياب مشاريع تنموية، وندرة فرص العمل المتاحة أمام الأجيال الشابة.

- قلة المنظمات غير الحكومية والجمعيات الأهلية الثقافية والتنموية المشتركة التى توجه نشاطاتها إلى المواطنين المسلمين والمسحيين، والاستثناءات محدودة وعلى رأسها الهيئة القبطية الإنجيلية.

- لجوء بعض الأجهزة المحلية وكبار العائلات إلى مجالس الصلح العرفية، وفرض قواعدها، وذلك لاحتواء النزاعات الطائفية والحد من استمراريتها وتمددها إلى مناطق أخرى.

نقلا عن الاهرام القاهريه

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التوترات الطائفية فى بعض قرى المنيا التوترات الطائفية فى بعض قرى المنيا



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 08:05 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 18 نوفمبر /تشرين الثاني 2024

GMT 10:55 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

دوناروما يؤكد ان غياب مبابي مؤثر وفرنسا تملك بدائل قوية

GMT 09:55 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً

GMT 08:31 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 07:27 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

هند صبري بإطلالة أنثوية وعصرية في فستان وردي أنيق

GMT 04:33 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونسكو تعزز مستوى حماية 34 موقعًا تراثيًا في لبنان

GMT 13:08 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نيمار يشتري بنتهاوس بـ 200 مليون درهم في دبي

GMT 07:25 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزالان بقوة 4.7 و4.9 درجة يضربان تركيا اليوم

GMT 03:12 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

ليليا الأطرش تنفي تعليقاتها عن لقاء المنتخب السوري

GMT 18:33 2017 الأربعاء ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

ميا خليفة تحضر إلى لبنان في زيارة خاصة

GMT 14:47 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

الحضري على رأس قائمة النجوم لمواجهة الزمالك

GMT 11:13 2018 الأربعاء ,11 إبريل / نيسان

ما وراء كواليس عرض "دولتشي آند غابانا" في نيويورك
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon