توقيت القاهرة المحلي 05:32:36 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الإرهاب والتطرف العنيف وأزمة البحث الاجتماعى

  مصر اليوم -

الإرهاب والتطرف العنيف وأزمة البحث الاجتماعى

بقلم - نبيل عبد الفتاح

شهدت مصر والمنطقة العربية موجات تلو أخرى من العمليات الإرهابية طيلة أكثر من أربعة عقود مضت، وأشكالا مختلفة من التطرف والتطرف العنيف من قبل بعض الجماعات الإسلامية السياسية الراديكالية، وذلك فى مسعى سياسى هدف ولا يزال إلى توظيف بعض التأويلات الدينية الوضعية المتشددة، من أجل تسويغ وتبرير أشكال مختلفة من التطرف والعنف المادى واللفظى والرمزى تجاه شرعية الدولة الوطنية، وإزاء بعض الهندسات القانونية والاجتماعية الحديثة، وفى مواجهة مدارس الفكر والعمل السياسى المدنية.

ركزت غالب هذه الجماعات العنيفة على التشكيك فى شرعية المؤسسات السياسية، والقانونية والقضائية، وعملت على تديين المجال العام من خلال نظام الزى للمرأة، ولغة الخطاب اليومي، ورفض الفكر الحداثي، وبث الأفكار التكفيرية، وتحويلها إلى أداة وسلاح إزاء المخالفين لها فى الرأى أو المشروع السياسي.

وعملت على التمدد فى وسط أجهزة الدولة فى المنطقة العربية، وفى مجال التربية والتعليم لنشر أفكارها المتطرفة، والعنيفة. على نحو أدى إلى تمدد أشكال التطرف والتطرف العنيف فى المجتمع.

مع كل عملية إرهابية ترتفع أصوات النخب السياسية الحاكمة وفى المعارضة وبين المثقفين، بضرورة مواجهة الفكر والتأويلات المتشددة التى تحث على التطرف وتحبذه، وذلك من خلال إصلاح الفكر الديني، أو تجديد الخطاب الديني، والمؤسسات الدينية الرسمية. ظل هذا المطلب معلقًا أكثر من أربعة عقود، فى انتظار رؤية إصلاحية تقود إلى حزمة من سياسات مواجهة الفكر والسلوك المتطرف، وهو أمر لم يتبلور على نحو متكامل فى عديد البلدان العربية، وذلك لغياب دراسات بحثية وميدانية حول هذه المنظومات من الأفكار ومرجعياتها وإستراتيجياتها التأويلية ومنظومة الفتاوى التى تبرر التطرف والعنف والإرهاب. لاشك أن ذلك يعود إلى القيود المفروضة على حرية البحث الاجتماعى والسياسى الميداني، وإلى الفجوة بين المؤسسات البحثية وبين صناعة السياسات العامة، والقرار السياسي، واعتماد النخب السياسية الحاكمة فى المنطقة على الأجهزة الأمنية فى مواجهة الإرهاب والتطرف والتطرف العنيف.

الخطابات الدينية والمقاربات البحثية حول التطرف والتطرف العنيف والإرهاب، اتسمت فى الغالب بالعمومية والغموض والخلط فى المفاهيم على نحو نظري، ومن ثم تم استدعاء عديد المقولات والأسباب المؤدية للتطرف من التراث الدينى الفقهى والافتائي، أو من الأدبيات النظرية فى علم النفس، أو السوسيولوجيا الدينية.

لا شك أن هذا النمط من الخطابات أعاد إنتاج مقولات عامة تفسر كل أشكال التطرف والإرهاب، ولا تفسر شيئاً، وذلك لعدم اعتمادها على استراتيجيات بحثية تضبط المفاهيم فى ضوء وضعيات محددة لأنماط التطرف والإرهاب.

غالب المقاربة النظرية السائدة اتسمت بالسيولة المفاهيمية، وعمومية المقاربة، ولم تتطرق إلى دراسة الحالات الأميريقية لبعض ظواهر التطرف الدينى المحض، أو التطرف الدينى ذى الأسباب السياسية والاجتماعية والايديولوجية، وأشكال التطرف المادى أو اللغوى ذى السند الدينى إزاء الآخر الدينى المغاير، وذلك فى ضوء دراسات الأميريقية حول بعض الجماعات الإسلامية السياسية الراديكالية، أو بعض منظريها، أو فى إطار بعض القضايا التى مورس فيها العنف أو الإرهاب.

من ثم تبدو نادرة الدراسات أو الملاحظات الحقلية حول بعض ممارسى النمط التطرفى العنيف أو السلوك الإرهابي، من خلال أداة المقابلة، أو من خلال تحليل ملفات القضايا الخاصة ببعض قضايا العنف والإرهاب.

من هنا تبدو شحيحة فى الأدبيات السائدة حول التطرف والتطرف العنيف والإرهاب، دراسات حول تحليل لأنماط الخطابات الدينية المتطرفة السائدة فى إطار كل جماعة إسلامية سياسية راديكالية، أو درس للمرجعيات الفقهية والافتائية التى تستند إليها، ومسوغات استعاراتها من الموروث الفقهى التاريخى دون غيرها.

لا توجد أيضاً دراسات حول الأسواق الدينية وفق المصطلح السائد فى علم الاجتماع الفرنسي- والوطنية، والإقليمية والعولمية، والفاعلين الأساسيين فى إطارها، والصراعات والمنافسات فيما بين بعضهم بعضاً، والمشتركات المرجعية فيما بينهم، وأثر الانتماء المحلى على خطابهم الدعوى أو الافتائي، أو التناقضات التى تسيطر على خطاب بعضهم، أو الخلافات، والصراعات الضارية فى إطار حرب الفتاوى الإقليمية أو الداخلية- طيلة العقود الماضية.

ثمة بعض البدايات البحثية الأولية تتمثل فى صدور بعض التقارير حول الحالة الدينية فى مصر، ثم استعيرت التجربة من بعض الباحثين فى المغرب، وتونس أخيرا، وهى أعمال بحثية أولية تقدم أرضية للتخطيط لعديد من البحوث المتخصصة فى مجال دراسات الخطاب، والتنظيم، والفاعلين وإستراتيجيات العمل، أو الدرس الأكاديمى للسياسات .الدينية الرسمية، والمؤسسات ,من ناحية أخري، تبدو نادرة الدراسات حول السياسات الدينية الرسمية للأنظمة والنخب السياسية الحاكمة، ودور المؤسسات الدينية الرسمية أو الأهلية فى إطارها.

من ثم يشكل هذا الغياب البحثى أحد أهم العوائق إزاء أى محاولات بحثية لدراسة كيفية تجديد أو إصلاح الخطاب الديني، أو مواجهة مصادر إنتاج التطرف والتطرف العنيف والإرهاب، أو دراسة نظم الإفتاء ومرجعياتها والأحرى استراتيجيات الإفتاء.

من هنا تثور عديد الأسئلة حول مفهوم إصلاح الخطاب الدينى المتطرف، والإصلاح أو التجديد فى الفكر أو الخطاب الدينى فى إطار أى نمط تأويلى وتفسيري! وفى ظل أى سياسة دينية مرغوبة؟

نقلا عن الاهرام القاهريه

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الإرهاب والتطرف العنيف وأزمة البحث الاجتماعى الإرهاب والتطرف العنيف وأزمة البحث الاجتماعى



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب
  مصر اليوم - النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 09:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام
  مصر اليوم - ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام

GMT 10:25 2021 الأربعاء ,05 أيار / مايو

فساتين أنيقة بتصاميم مختلفة لربيع وصيف 2021

GMT 17:19 2021 الأربعاء ,14 إبريل / نيسان

طقس الأربعاء حار نهارًا ولطيف ليلًا في أسوان

GMT 04:30 2021 الثلاثاء ,30 آذار/ مارس

أفضل وجهات سفر لعشاق المغامرات

GMT 11:54 2021 الأحد ,07 آذار/ مارس

طريقة عمل مكرونة بصدور الدجاج

GMT 10:40 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

محمد شريف يحتفل ببرونزية كأس العالم للأندية

GMT 01:06 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

تلميذات يتخلصن من زميلتهن بالسم بسبب تفوقها الدراسي في مصر

GMT 21:22 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

مرور 17 عام على انضمام أبو تريكة للقلعة الحمراء

GMT 09:42 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

كرات اللحم المشوية

GMT 06:57 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

جماهير أرسنال تختار محمد النني ثاني أفضل لاعب ضد مان يونايتد

GMT 18:47 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تغيير اسم نادي مصر إلى "زد إف سي" بعد استحواذ ساويرس

GMT 07:26 2020 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

سعر الدولار في مصر اليوم الأربعاء 21تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:31 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

لعنة الغيابات تضرب بيراميدز قبل مواجهة الطلائع في الكأس

GMT 07:46 2020 الأحد ,11 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الأسماك في مصر اليوم الأحد 11 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:43 2020 الجمعة ,09 تشرين الأول / أكتوبر

فنانة شابة تنتحر في ظروف غامضة

GMT 21:14 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

مؤشرا البحرين يقفلان التعاملات على ارتفاع
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon