توقيت القاهرة المحلي 16:08:40 آخر تحديث
  مصر اليوم -

حال الأحزاب فى مصر

  مصر اليوم -

حال الأحزاب فى مصر

بقلم - عاطف الغمري

كنت قد تلقيت فى عام 2006، دعوة من الدكتور سعيد النجار- رحمه الله- النائب السابق لرئيس البنك الدولى، للتحدث فى ندوة لجمعية النداء الجديد التى أسسها ويدير نشاطها. واخترنا موضوع الندوة عن حال الأحزاب فى مصر.

فى ذلك اليوم- أى قبل 12 عاما- طرحت فكرة أن تقوم الأحزاب، فى ظروف تلك الفترة، بدور المحامى عن الناس، وأن تنوب عنهم فى مواجهة من يقفون وراء مشكلات يومية، لا يستطيعون هم مواجهتها، وكثير منها مخالف للقانون والقيم، بهذه الطريقة قد تستطيع الأحزاب سد الفجوة المتسعة للتواصل بينها وبين الجماهير. وتصدق أن هناك أحزابا موجودة فى الشارع.

اليوم لم تعد فكرة المحامى صالحة لهذه الفترة، فالعالم، ومصر من ضمنه، قد مر بتحولات مجتمعية، والتأثر بطبيعة العصر، الذى جعل العالم يعرف أنه قرية كونية حسب المصطلح الذى ساد.

فمصر الآن تعيش حالة تشرذم حزبى، يتوزع على ساحتها أكثر من 100 حزب، الكثير منها يتشابه مع بعضه، والغالبية الساحقة بلا قاعدة جماهيرية، والمواطنون فى معظمهم لا يعرفون شيئا عنها أو عن قياداتها.

صحيح أننا بدأنا نشهد تحركات تحاول إخراج النظام الحزبى من محنته، منها نشاط سياسى إيجابى داخل الوفد، ربما يسفر عن اندماج أحزاب مع بعضها، وتناقص الأعداد التى تكاثرت بلا معنى.

.. توجد قاعدة تاريخية تقول إنه لا ديمقراطية بدون أحزاب تتنافس من موقع الندية، فأين الأحزاب الآن فى مصر من هذه القاعدة؟.

والمتابع للأنظمة الحزبية فى الدول الأخرى، يجدها تشهد عملية إعادة نظر فى برامجها، ورؤيتها، بل ولفلسفتها التاريخية، ارتباطا بما هو معروف من أن لكل عصر مفاتيحه وفلسفته.

فالأحزاب منذ وجدت، ومع بداياتها الأولى فى بريطانيا، والتى رسخت وجودها بدءا من القرن السابع عشر، ثم تطور النظام الحزبى حتى نهاية القرن التاسع عشر، فإن التجربة الفريدة للنظام الحزبى البريطانى، جعلت منها مرآة ترى فيها دول أخرى واقع تجربتها الحزبية. من هذه الزاوية يظهر التغيير فى مفاهيم ورؤى وفلسفات الأحزاب التقليدية، لكى لا تنعزل عن عالم لم يعد هو نفس العالم الذى نشأت فيه.

وعلى سبيل المثال فإن حزب المحافظين، كان قد شهد فى مؤتمره السنوى عام 2010، أول تحول أيديولوجى يأخذ بمبدأ التوازن الاجتماعى، وضبط السوق، وهو الحارس الأمين تاريخيا على الرأسمالية بقيمها وفلسفتها. ثم ما جرى فى مايو 2018 من تحركات فى حزب المحافظين لمراعاة التوازن فى الثروة، وضرورات إصلاح سياسة السوق الحرة، وعدم تجاهل ما أدخله عصر التكنولوجيا الحديثة ومؤتمراتها على الفكر الاقتصادى التقليدى. وهذه مجرد نماذج لما يجرى من تغيرات، وبالطبع فهى ترتبط باحتياجات الدولة وظروفها وخصوصياتها. إن الأحزاب كانت فى سنوات سابقة فى حالة تواصل وتفاعل مع العصر، لكونها نشأت استجابة لاحتياج جماهيرى، وجد الحزب نفسه فى البداية يتبنى نفس أفكار هذا الاحتياج، اليوم انعكست تأثيرات عصر التكنولوجيا الحديثة على الأفكار التقليدية للأحزاب، وما تبثه من أفكار تصل بسهولة إلى الجماهير، خارج دائرة الارتباط القديم بين قيادات الحزب وجماهيره. وهو ما نبهت إليه مراكز البحوث فى الغرب، من أن معظم ما يصل إلى مستخدمى وسائل التواصل الاجتماعى عبارة عن أخبار غير حقيقية.

وهذا يعنى إضافة مسؤولية جديدة على الأحزاب- خاصة فى مصر- والتى صارت مطالبة بمضاعفة نشاطها وتواجدها وسط الناس، وتكثيف التحامها بالقاعدة الجماهيرية، وتمديد النشاط الحزبى فى أرجاء البلاد وليس الاقتصار على العاصمة وحدها. بالإضافة إلى تعويض حالة انعدام التواصل، والتشكك فى جدية ومصداقية الأحزاب المصابة بداء التشرذم العددى.

ثم إن الوصول المباشر للناس أصبح قضية حزبية أساسية، لتثقيف الكوادر بالمعلومات التى تقيهم شرور تدفق الأخبار الملفقة عليهم، وإعلامهم بما تغير فى مفاهيم السياسة والاقتصاد، وفى مفهوم الأمن القومى ذاته، وغير ذلك.

وإذا كنت قد شاركت فى ندوة جمعية النداء الجديد قبل 12 عاما بطرح فكرة قيام الأحزاب بدور المحامى عن الناس، فإن تلك الفكرة كانت بنت وقتها والظروف التى لم تعد قائمة حاليا.

ثم إن هناك الآن وضعا لا تصلح له أحزاب بتواجدها القائم على قرارات فوقية، فإن شهادة شرعية الحزب أنه يتواجد وسط حالة من الاحتياج الجماهيرى، والتى تجعل من القيادات والقاعدة الجماهيرية شركاء معا، فى ولاء مشترك لقضية جمعتهم معا، وفى رغبة جماعية تأتى من تحت وليس من فوق.

نقلا عن المصري اليوم 

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حال الأحزاب فى مصر حال الأحزاب فى مصر



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 08:11 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:32 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

والدة الفنان المصري عمر كمال تكشف موقفها من عمله

GMT 09:42 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على قائمة الإجازات الرسمية 2021 في مصر

GMT 02:51 2020 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة لاعب الأهلي المصري محمد أشرف بكورونا

GMT 20:23 2020 الأربعاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

طوارئ في قرية في محافظة قنا بسبب كورونا

GMT 18:31 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

مورينيو يوضح إصابة سون هي الأولى فقط المزيد قادم

GMT 09:49 2020 الإثنين ,27 تموز / يوليو

جيونبك يعزز موقعه في وصافة الدوري الكوري
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon