توقيت القاهرة المحلي 05:23:31 آخر تحديث
  مصر اليوم -

فى سوق السياسة الأمريكية

  مصر اليوم -

فى سوق السياسة الأمريكية

بقلم - عاطف الغمري

كلما تابعت تقلبات سياسة أمريكا الخارجية مع عالمنا العربى قفز إلى ذهنى من الذاكرة ما كان قد رواه لى مسؤول أمريكى سابق فى دردشة سبقت بداية الحوار الذى أجريته معه عندما التقيت به.

يومها قال لى: قرار السياسة الخارجية يتخذه الرئيس فى جو أشبه بالسوق.. سوق بلا أسوار وبوابتها مفتوحة. والرئيس جالس كأنه يمسك فى يده بميزان له كفتان، وليقرر بناء على رجحان إحدى الكفتين القرار الذى يكون لصالح طرف من الاثنين. كل من الطرفين يضع فى الكفة التى تخصه ما لديه من ثقل. ثم يتخذ الرئيس قراره منحازا للطرف الذى حشد فى كفته كل ما لديه من قدرات وضغوط.

أضاف محدثى إلى نموذج السوق والميزان إيضاحا لحالنا نحن- العرب- قال لو كان القرار يتعلق بالعرب وإسرائيل، فنجد أن إسرائيل قد حشدت كل ضغوطها بما فى ذلك المروجون لمصالحها (السماسرة)، ليوضع كل ذلك فى كفتها، بينما أنتم- العرب- تجلسون خارج السوق وتنتظرون النتيجة.

ولزيادة إيضاح هذا المثل من واقع تجربة مررت بها فى منتصف الثمانينيات. وقتها كنت أحضر دورة دراسية فى النمسا، فيما يسمى الكلية الأمريكية أو حسب الاسم الذى عرفت به وهو ساليزبرج سيمينار، عنوانها «صناعة قرار السياسة الخارجية الأمريكية».

وكنت أشارك فى برنامج محاكاة لمفاوضات طرفاها رئيس مصر ورئيس أمريكا، يتخذ فيها مستشار سابق للرئيس الأمريكى، موقع رئيس بلاده. بينما أكون أنا نظريًا فى موقع المحاكاة لرئيس مصر.

وسألنى عن مطالب مصر من أمريكا طالما أننا نتفاوض، وبعد أن عرضت وجهة نظرى جاءتنى إجابة الأمريكى المتخيل أنه رئيس أمريكا بجملة محددة هى: وما الذى لديك حتى تجعلنى أستجيب لمطالبك، وأدخل تغييرا على سياستى؟

كانت جملته المختصرة تجسد نفس المعنى الذى قاله لى المسؤول الأمريكى السابق عن الإمكانات والضغوط التى تلقى فى كفة الميزان، وهل هى فى حوزتى، وأن لدى إرادة استخدامها؟.

هنا لا يمكن أن نغفل أن السياسة الخارجية فى أمريكا يحكمها عاملان: المصالح، ثم ميزان القوى، وما يملكه الطرف الآخر (عربيا)، من قدرات على تغيير مؤشر ميزان القوى لصالحه. وحتى تكتسب الصورة ذات الخصوصية الأمريكية أبعادا واقعية، فإننى أضيف إليها قول أستاذ العلوم السياسية بجامعة واشنطن إدوارد كوردن الذى قال: حين نص الدستور الأمريكى على مشاركة مجموعة من القوى فى صناعة قرار السياسة الخارجية، فلم يكن يقصد دعوة للمشاركة بالمعنى الحرفى للكلمة، بل دعوة للصراع بين هذه القوى التى يسعى كل منها بما يملكه من قدرات وإمكانات إلى السيطرة على قرار السياسة الخارجية.

والمعروف أن كلا من هذه القوى يمارس ضغوطا على الرئيس صانع القرار، فى دولة وصفها المختصون فيها بدولة الضغوط. وهذه القوى تضم ما يعرف بقوى الضغط، وجماعات المصالح، والنخبة فى مراكز الفكر السياسى، والإعلام، والرأى العام، بالإضافة إلى الرئيس والكونجرس. هذه هى أمريكا بنظامها ذى الخصوصية الفريدة، مقارنة بأى نظام سياسى فى دولة أخرى، والتى يتخذ فيها الرئيس صانع السياسة الخارجية قراره بنظام السوق مفتوحة الأبواب، وبلا أسوار.

وليست هناك موانع تحول دون دخول من يريد، لكن المشكلة هل كل من له مصلحة فى القرار الذى تمسك به يد الرئيس لديه فعلا إرادة الدخول إلى السوق، أم أنه يفضل كما قال لى المسؤول رفيع المستوى: الجلوس فى مقاعد المتفرجين، وانتظار النتيجة؟!=

نقلا عن المصري اليوم 

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فى سوق السياسة الأمريكية فى سوق السياسة الأمريكية



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب
  مصر اليوم - النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 09:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام
  مصر اليوم - ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام

GMT 10:25 2021 الأربعاء ,05 أيار / مايو

فساتين أنيقة بتصاميم مختلفة لربيع وصيف 2021

GMT 17:19 2021 الأربعاء ,14 إبريل / نيسان

طقس الأربعاء حار نهارًا ولطيف ليلًا في أسوان

GMT 04:30 2021 الثلاثاء ,30 آذار/ مارس

أفضل وجهات سفر لعشاق المغامرات

GMT 11:54 2021 الأحد ,07 آذار/ مارس

طريقة عمل مكرونة بصدور الدجاج

GMT 10:40 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

محمد شريف يحتفل ببرونزية كأس العالم للأندية

GMT 01:06 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

تلميذات يتخلصن من زميلتهن بالسم بسبب تفوقها الدراسي في مصر

GMT 21:22 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

مرور 17 عام على انضمام أبو تريكة للقلعة الحمراء

GMT 09:42 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

كرات اللحم المشوية

GMT 06:57 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

جماهير أرسنال تختار محمد النني ثاني أفضل لاعب ضد مان يونايتد

GMT 18:47 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تغيير اسم نادي مصر إلى "زد إف سي" بعد استحواذ ساويرس

GMT 07:26 2020 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

سعر الدولار في مصر اليوم الأربعاء 21تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:31 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

لعنة الغيابات تضرب بيراميدز قبل مواجهة الطلائع في الكأس

GMT 07:46 2020 الأحد ,11 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الأسماك في مصر اليوم الأحد 11 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:43 2020 الجمعة ,09 تشرين الأول / أكتوبر

فنانة شابة تنتحر في ظروف غامضة

GMT 21:14 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

مؤشرا البحرين يقفلان التعاملات على ارتفاع
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon