توقيت القاهرة المحلي 05:51:42 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«الأهرام» كان شاهدا على مؤامرة «قطر»

  مصر اليوم -

«الأهرام» كان شاهدا على مؤامرة «قطر»

بقلم - عاطف الغمري

جاءنى اتصال تليفونى من إسرائيل. كان ذلك فى بدايات عام 1994، المتحدثة هى أميرة حسن مراسلة الأهرام فى القدس، والأرض المحتلة. أرادت إبلاغى أنها كانت تجلس فى بهو فندق فاخر مع زميلة لها اسرائيلية وهما تتكلمان بالعبرية. وعلى مقاعد قريبة منهما يجلس ثلاثة شيوخ من قطر، يتحدثون مع بعضهم بلغتهم العربية، استوعبت أميرة حسن الهدف من مجئ القطريين إلى اسرائيل، وهو الترتيب مع الاسرائيليين، لإحداث انقلاب فى الدوحة.

تلقيت من أميرة تفاصيل المؤامرة القطرية مع تل أبيب، كما سجلتها كشاهد عيان، وفى الحال أبلغتها إلى رئيس التحرير الأستاذ إبراهيم نافع، الذى فضل أن نتريث فى النشر.بعدها بوقت قصير وصلنا خبر مقتل أميرة حسن فى 29 أبريل 1994 فى حادث سيارة قرب حيفا ومعها طفلها وعمره عامان،

شروط أمريكا التى قبلها الشيخ حمد

خلال الفترة القصيرة منذ إبلاغ أميرة حسن لنا بالخطوط الأولى للمؤامرة، وحتى يوم تنفيذها، كانت الاتصالات والترتيبات تجرى بشكل متصل بين عناصر قطرية، وبين اسرائيل، وأيضا الولايات المتحدة. وتم اختيارهم ساعة الصفر، فى يوم كان فيه أمير قطر الشرعى الشيخ خليفة فى رحلة إلى أوروبا، ثم وقع انقلاب القصر فى شهر يونيو 1995، وكان أول رد فعل للشيخ خليفة ظهوره فى حديث تليفزيونى قال فيه بالنص إن الاسرائيليين هم من نفذوا الانقلاب، وجاءوا بإبنه حمد حاكما لقطر.

كان أول قرار للأمير الجديد حمد، تعيين حمد بن جاسم وزيرا للخارجية، مكافأة له على دوره فى الترتيب مع الاسرائيليين للانقلاب، والذى اتسع دوره فى توجيه برامج قناة الجزيرة،

ثم أخذت تداعيات الانقلاب تتوالى، على الجانبين الأمريكى والإسرائيلى. لكن سبق ذلك ومن قبل تنفيذ خطة الانقلاب، التجهيز مع أمريكا واسرائيل لتغيير نظام الحكم فى قطر، فقبل أن أتلقى رسالة أميرة حسن بوقت قصير، كان حمد بن خليفة وقت أن كان وليا للعهد، قد أوفد اثنين من الوزراء المقربين منه، أحدهما حمد بن جاسم إلى واشنطن، ليبحث هناك مسألة إزاحة والده عن الحكم، وتلقى مطالب الولايات المتحدة مقابل دعم هدفه، ومن ناحيتها قدمت له أمريكا شروطها، ومن بينها فتح مكتب اسرائيلى للتمثيل التجارى فى الدوحة، يكون فى حقيقته بمثابة سفارة لإسرائيل، وهو ما تم بالفعل، ورأسه سفير من وزارة الخارجية الاسرائيلية.

ووافق حمد على الشروط، وهو ما فتح أبواب قطر لوجود اسرائيلى متسع، شمل زيارات لأبرز رموزها منهم شيمون بيريز، وتسيبى ليفنى، وتوغلا سياسيا وإعلاميا اسرائيليا فى قناة الجزيرة،

قطر الوكيل المحلى للفوضى الخلاقة والإرهاب

وتوالت خطوات تسديد حمد بن خليفة الفواتير المستحقة، لمن أعطوه الضوء الأخضر لانقلابه على أبيه، منها المانشيت الذى نشرته صحيفة «هيرالد تربيون» والذى يحمل تصريحا للأمير الجديد، يبيح فيه لأمريكا استخدام قاعدة العيديد العسكرية فى الدوحة لأى مهام تريدها فى المنطقة وخارجها.

وأيضا ما تسرب من تسجيلات للشيخ حمد يتحدث فيها عن رغبته فى العمل على إنهاء ما وصفه بوضع السعودية، باعتبارها الشقيقة الكبرى لدول الخليج.

وبدأنا نشهد تمددا لأدوار قطرية تتجاوز حدود قدراتها كدولة، فى إطار تكليفها بدور الوكيل المحلى، فى تنفيذ خطط أمريكية سبق أن نشرت تفاصيلها على ألسنة خبراء ومسئولين أمريكيين، مثل إطلاق الفوضى الخلاقة فى الدول العربية، ودعم وتمويل وتسليح جماعات إرهابية ومتطرفة، تعمل على نشر الفوضى.

ولم يكن هناك فصل بين دور قطر فى إشاعة الفوضى، ومشروع إسقاط الأنظمة، الذى تكشف مضمونه منذ عام 2001، حين تم تكليف مايكل لادين المقرب من البيت الأبيض، بوضع خطة مدتها عشر سنوات لتغيير الدول العربية من داخلها.

ولادين هو صاحب الخطة التى عرفت بـ «الفوضى الخلاقة، والتى نسبت خطأ إلى كوندوليزا رايس، بسبب نطقها لهذا الاسم، ولادين هو الذى قال تحديدا إن العنف أى الإرهاب هو وسيلة وضع الخطة موضع التنفيذ، ويشرح لادين فى كتابه Freedam Betrayed مسار خطته، بقوله إن التغيير العنيف هو جوهر التاريخ الانسانى. وأن على أمريكا أن تتصرف على هذا النحو.

ويقول أيضا فى كتابه Total war (الحرب الشاملة)، إن الحرب الشاملة هى التى تجعل مجتمعات العدو تصل إلى نقطة تقرر عندها قبول تغيير توجهاتها قسرا، طبقا لإرادة شعب آخر، وهى الخطة التى صارت فيها قطر وكيلا محليا لتنفيذها.

وثائق تمويل قطر لمنظمات تهاجم مصر

ودور الوكيل المحلى كان قد إتسع فى السنوات الأخيرة فى منطقتنا، بعد أن جرت مناقشته فى مؤتمرات سياسية فى الولايات المتحدة، وبريطانيا، تحت تعبير Auxiliany Forces، بحيث ينفذ الوكلاء المحليون أعمالا، نيابة عن قوى كبرى، تظل متوارية، وخارج الإطار المرئى للأحداث الجارية. وهو ما تكشف من خلال نشاطات المنظمات الإرهابية بما فيها داعش، فى سوريا، وليبيا، وسيناء، وبما أغدق عليها من تمويل بلا حدود، وتسليح حديث ومتطور.

ولم يتوقف دور الوكيل القطرى عند الحدود الإقليمية فى المنطقة، بل تجاوزها فى القيام بعمليات تمويل لحملات إعلامية القصد منها تشويه الدول المستهدفة، وعلى رأسها مصر، عن طريق تلقى منظمات حقوق الانسان، التمويل القطرى بلا حساب.وإذا كنا نلاحظ ما دأبت عليه منظمتان على وجه التحديد، من استهداف منظم ومستمر لمصر، وهما هيومان رايتس ووتش فى أمريكا، والعفو الدولية فى بريطانيا، فإننا نستشهد هنا بما ذكره جهاز المعلومات بوزارة الخزانة الأمريكية، عن تمويل قطر للمنظمتين، بالاضافة إلى ما ظهر من أن التقارير التى تكتب عن مصر، تتولاها فى كل من المنظمتين، امرأة اخوانية، باعتراف المنظمتين نفسيهما، ويتصل ذلك بدور الوكيل القطرى، كأداة فى خدمة أهداف خارجية. وهو الدور الذى يتم تطويع أدائه ضمن مسار الحروب الحديثة التى تعرف بحرب الجيل الرابع.

إمارة بلا انتماء وطني

فى قلب هذا الإطار المتسع، يتجاوز ما تفعله قطر، حدوث الانتماء الوطنى، فى خروج حتى على سلامة شعبها وأمنه واستقراره، بما سلكته فى نمط علاقاتها وتحالفاتها، وبما أقدمت عليه من قطيعة مع جيرانها الذين ينتمى شعبها إليهم، والدخول فى تحالفات مشبوهة مع قوى خارجية، لا تخفى أطماعها فى الدول العربية، مثل إيران، وتركيا، واسرائيل، مما أحال إمارة قطر إلى كيان مسلوب الإرادة الوطنية، تتحرك بتوجيه من قوى خارجية.

هذه الأسباب كلها تفسر التناقضات فى الموقف الأمريكى، من اتهام صريح على أعلى مستوى لقطر، بتمويلها للإرهاب، والترويج للكراهية، ثم يعقب ذلك تراخ فى الموقف الأمريكى من قطر.

والمعروف أن المخابرات المركزية تلعب دورا أساسيا فى إدارة مهام الوكيل القطرى، خاصة ما يتعلق بالجانب الخاص بالتورط مع المنظمات الارهابية، ضمن مخطط الفوضى الهدامة، وهو شيء ليس خافيا فى أمريكا ذاتها، فالمخابرات المركزية شريك فى إدارة السياسة الخارجية، من بابها الخلفى. وحيث تشغل وزارة الخارجية الباب الأمامى، وواجهة التعامل الدبلوماسى مع دول العالم.

ويكفى أن نستشهد بالتقرير الصادر عن واحد من أكثر مراكز الفكر السياسى فى أمريكا احتراما ومصداقية، وهو معهد جيمس بيكر للسياسات العامة، والذى سجل فى تقريره أن قطر طورت علاقات وثيقة مع كبار قادة الميليشيات التكفيرية الرئيسية فى ليبيا، وعلى سبيل المثال فإن على الصلابى شقيق قائد واحدة من كبرى الجماعات الارهابية فى شرق ليبيا، هو من المقربين لتميم أمير قطر، وكذلك ما قاله جوناثان سكانزر الخبير السابق فى شئون تمويل الارهاب بوزارة الدفاع الأمريكية من أن قطر ترسل كميات هائلة من الأسلحة والأموال للإرهابيين المعادين للحكومة فى ليبيا.

قطر إذن لم تعد دولة بالمعنى المفهوم والقانونى. فهى كيان منزوع الإرادة الوطنية، معزول عن الانتماء القومى، بعد أن ارتضت لنفسها، أن تكون جزءا من منظومة الوكلاء، التى تديرها قوى خارجية، تتصدرها أجهزة مخابرات أجنبية.

تلك تفاصيل موثقة ومتشعبة، لكنها حلقات فى سلسلة واحدة متصلة ببعضها، للوكيل المحلى للمؤامرة على شعوب المنطقة، بإدارة عجلة الإرهاب، وتمويلها، وتسليحها، واحتضان رموزها من القتلة دعاة الفوضى والتدمير، من أعداء بلادهم وشعوبهم، القصة التى كان أول طرف فى خيوطها التى حبكت مبكرا، فى الزيارة المشبوهة التى نبهت اليها مبكرا «أميرة حسن» قبل مقتلها، وهى تؤدى عملها الصحفى مراسلة «للأهرام«

 

نقلا عن الاهرام القاهرية

 

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«الأهرام» كان شاهدا على مؤامرة «قطر» «الأهرام» كان شاهدا على مؤامرة «قطر»



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب
  مصر اليوم - النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 09:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام
  مصر اليوم - ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام

GMT 10:25 2021 الأربعاء ,05 أيار / مايو

فساتين أنيقة بتصاميم مختلفة لربيع وصيف 2021

GMT 17:19 2021 الأربعاء ,14 إبريل / نيسان

طقس الأربعاء حار نهارًا ولطيف ليلًا في أسوان

GMT 04:30 2021 الثلاثاء ,30 آذار/ مارس

أفضل وجهات سفر لعشاق المغامرات

GMT 11:54 2021 الأحد ,07 آذار/ مارس

طريقة عمل مكرونة بصدور الدجاج

GMT 10:40 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

محمد شريف يحتفل ببرونزية كأس العالم للأندية

GMT 01:06 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

تلميذات يتخلصن من زميلتهن بالسم بسبب تفوقها الدراسي في مصر

GMT 21:22 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

مرور 17 عام على انضمام أبو تريكة للقلعة الحمراء

GMT 09:42 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

كرات اللحم المشوية

GMT 06:57 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

جماهير أرسنال تختار محمد النني ثاني أفضل لاعب ضد مان يونايتد

GMT 18:47 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تغيير اسم نادي مصر إلى "زد إف سي" بعد استحواذ ساويرس

GMT 07:26 2020 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

سعر الدولار في مصر اليوم الأربعاء 21تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:31 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

لعنة الغيابات تضرب بيراميدز قبل مواجهة الطلائع في الكأس

GMT 07:46 2020 الأحد ,11 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الأسماك في مصر اليوم الأحد 11 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:43 2020 الجمعة ,09 تشرين الأول / أكتوبر

فنانة شابة تنتحر في ظروف غامضة

GMT 21:14 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

مؤشرا البحرين يقفلان التعاملات على ارتفاع
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon