غيَّبَ الموتُ، مؤخرًا، وفى فترةٍ زمنيةٍ متقاربة، كاتبيْن كبيريْن مبدعيْن فى مجاليْهما، الأوّل هو الكاتب الروائى الأمريكى الكبير «بول أوستر Paul Auster»، والثانية، هى الكاتبة الكندية الحاصلة على «جائزة نوبل»، «آليس مونرو Alice Munro».
حيث وصلَ الاثنان إلى العالمية، من مَهْدِ المحلية الشديدة!
بول أوستر (2024-1947)، صاحبُ الكتاب الأشهر «اختراعُ العزلة»، روايته الأولى، قرأتُها فى ترجمتِها الفرنسية، وهى شبهُ سيرة ذاتية، وفيها خاصةً، «نوستالجيا»، يُكرِّمُ من خلالِها، دورَ وقيمةَ الأبِ فى الحياةِ، ويكتبُ حُبَّه له:
(فأنتَ لا تكفّ عن الجوعِ لحُبِّ أبيكَ حتى بعد أن تكبرْ!)!.
ولـ«بول أوستر» عشراتُ الكتبِ الأخرى، تُرجمت إلى أكثر من أربعين لغة، غير الفرنسية واللغة العربية، بالتأكيد.
وفضلا عن الروايةِ، كتبَ «بول» الشِّعرَ، ومارسَ الإخراج، - حيث لا يتسِّعُ المجالُ لعرضِ سيرتِه كلِّها. كُتب فى الصحافة، يوم 30 إبريل المُنصرم:
(تُوفى «بول أوستر» هذا المساء، فى منزلِه، مُحاطًا بأحبائه)!.
أما «آليس مونرو» (2024-1931)، فهى الأديبة الكندية المتخصصّة فى كتابةِ القصةِ القصيرة، والحاصلة على «جائزةِ نوبل» فى الآداب فى 2013. سيرتُها الملهمة، تشِّى بأنَّها امرأةٌ استثنائية، عاشتْ صعابًا جمّة فى سبيلِ تحقيقِ حلمِ الكتابةِ، بسببِ ظروفِها والتزاماتها، حيث كانت «تسرقُ» الوقتَ وسط شؤون المنزل، لتكتبْ!
وما أكثرَ الكاتبات فى عالَمِنا العربى، اللواتى يعرفنَ الصعوباتِ نفسَها، ومنهن مِن ذواتِ المواهب الكبيرة، انصرفن عن الكتابة، بسببِ ظروفهِن الاجتماعية التى تحولُ دون استمرارِهن، وأحيانا بسببِ الذهنيةِ المتسلّطة التى تُمارَس عليهن، يتوقفنَ عن الكتابةِ، ويتمُّ وأدُ مواهبِهن!
نعم! يجبُ أن نواجهَ أنفسَنا بشجاعة:
ليس سهلًا أنْ تستمرَ المرأةُ المبدعةُ فى الكتابةِ، فى عالَمِنا العربى!، إنَّه نضالٌ وقوة منها، يجب الوقوفُ بجانبِها من أجلِ ذلك، وهو أيضا شجاعةٌ، تستحقُ عليها كلَّ التقدير!
ويبدو أنَّ التحدياتِ التى تواجهُها المرأةُ المبدعة، متشابهة، فى الغربِ والشرقِ، على حدٍّ سواء!.
«آليس» المتأثرة فى مسيرتها الأدبية بكُتّابٍ كبارٍ، مثل «تولستوى»، «كافكا»، «تشيخوف» وغيرهم؛ صنعتْ لنفسِها مكانةً خاصة، يصعبُ الحصولُ عليها فى عالَمٍ أثبتَ أنَّه ذكورى بامتياز، حتى فى الغربِ الذى كثيرًا ما تشَدَّقَ بحقوقِ المرأة!!
حيث وُصِفَت كتاباتُها بأنَّها أحدثتْ ثورةً فى بنيةِ القصةِ القصيرة، واعتبرتْ لجنةُ منحِ الجائزة أنَّ القصصَ القصيرةَ التى تؤلفها الكاتبة، هى من بينِ الأفضلِ فى العالَم حاليًا، ولهذا السبب وأكثر، استحقتْ صاحبةُ «مسيرةُ الحبّ» و«رقصةُ الظلالِ السعيدة» جائزة نوبل!.
غادرتْنا «آليس» يوم 13 مايو الجارى.
- «بول أوستر» و«آليس مونرو»، لروحيْكما السلام.