بقلم - حبيبة محمدي
نقرأ «تشومسكى» وأمثالَه من المفكرين والمثقفين، لأنَّهم ذوو مواقف!
أتصوّر أنَّ المثقفَ الحقيقى، هو الملتزم بحملِ رسالةِ الإنسانية، حيث يكونُ له موقفٌ من الأحداثِ فى مجتمعِه، وفى العالَمِ كلِّه، هو الذى يحاولُ التعبيرَ عن قضايا الإنسانِ، همومِه، آلامِه وأحلامِه؛ وهذا ما كان يفعله المفكرُ الأمريكى «تشومسكى» منتصرا للإنسانية، ومتجاوزا حدود المكان والزمان.
ويُعدُّ «نعوم تشومسكى» «Chomsky» أكثرَ مثقفى اليسارِ شهرةً، فهو شخصيةٌ ذات حيثيات كثيرة. (وُلد فى 7 ديسمبر العام 1928 بالولايات المتحدة الأمريكية.)، هو مفكر وفيلسوف وناقد وناشط سياسى، عمل أستاذًا فخريًا فى قسم اللسانيات والفلسفة فى معهد «ماساتشوستس» للتكنولوجيا لأكثر من 50 سنة، لُقب بأبِ علمِ اللسانيات الحديثة وأيضا يُعدُّ الشخصية الرئيسية فى الفلسفة التحليلية؛ وهو الأستاذ الجامعى النموذجى.
إنَّ موضوعَ المثقفِ وعلاقتَه بالمجتمع، فى سياقاتِه المختلفة وتحوّلاتها، يطرحُ إشكالياتٍ جمَّةً. لكنّنا لا يمكن تجاوزَ اسمِ، «تشومسكى»، النموذج الحيوى للمثقفِ الواقف دائما فى صفوفِ المواجهةِ، وقولِ الحق، هو الذى التصقَ بقضايا الحرية والإنسان فى كلِّ العالَم، وانتصرَ لقضيةِ الشعب الفلسطينى العربى الشقيق ضد الصهيونية وضد الغطرسة الإسرائيلية، وقد كان داعما لكلِّ قضايا التحرّر العادلة فى العالَم، لانتمائِه إلى تيارٍ فكرى تحرّرى، منذ شبابه. وقد تحمَّلَ مسؤوليتَه كاملةً كمثقف، وهو المحسوب على الغرب!! ولم يأْبَه لذلك أو يخاف من ردودِ الفعلِ ضده!.
كان منتصرًا لقضايا الحق، العدل والمساواة، مناضلاً ضد الظلمِ والطغيان، ناشدًا للحرية.
إنَّ كلَّ الأحرارِ فى العالَم يعرفون أهميةَ «تشومسكى» وأمثالِه، لذلك ندعو إلى قراءتِه، والاطّلاع على إنتاجِه الفكرى والثقافى، مثل مساهماتِه فى مجال اللسانيات واللغويات والنقد والفلسفة، وأيضا التعرف على مواقفِه الإنسانية والسياسية، فهو كان وسيظل نموذجا للمثقفِ والمفكر المناضل من أجلِ قضايا الإنسانِ فى العالَم والدفاع عن حقوقِه وعن القيّمِ الإنسانيةِ قاطبة، كالحقِ والعدلِ وغيرهما... وما أحوجنا إلى مثلِ هذه النماذج فى حياتِنا اليوم!!
فى مقالتِه الأشهر «مسؤوليةُ المثقفين» كتبَ:
(إنَّ مفهومَ «المثقفون» فضولى بما يكفى، فمَنْ هُم الذين يُمكن اعتبارُهم كذلك؟ ).
وفى مقالتِه البارزة تلك، المناهضة للحرب، يضيف: «تتمثلُ مسؤوليةُ المثقفين فى قولِ الحقيقة وتعريةِ الأكاذيب»!.
أسبابٌ كثيرة وهامة، تجعلنا نقرأ «تشومسكى» ونتعلّم منه، «تشومسكى» الذى لا يكفى مقالٌ واحدٌ لسردِ سيرتِه ومسيرتِه.
وأختمُ بمّا قاله عن لغتِنا العربية الجميلة: «لقد فاتنى خيرٌ كثيرٌ حين لم أتعلّمْ اللغةَ العربيةَ»!.
هذا هو «نعوم تشومسكى» فيلسوفًا، مثقفا، مناضلا، ومنتصرًا للإنسانِ