توقيت القاهرة المحلي 21:50:36 آخر تحديث
  مصر اليوم -

صلابة الاقتصاد ومرونة «يورومني»

  مصر اليوم -

صلابة الاقتصاد ومرونة «يورومني»

بقلم : مصباح قطب

اختارت مؤسسة «يورومني» الإنجليزية ذائعة الصيت لمؤتمرها الثاني والعشرين بمصر هذا العام، محورا أساسيا هو: (الاقتصاد المصري بين المرونة والسرعة). ظني أن الاختيار تم على خلفية تشديد الرئيس السيسي المستمر على سرعة إنجاز المشاريع وتحقيق قفزات في الأداء. لو صح ذلك فإن «يورومني» تكاد تقول نعم للسرعة، لكن لابد من المرونة أيضا، تاركة للمتحدثين أن يحددوا هل تكون المرونة في مستويات السرعة؟ أم في اختيار المشاريع التي يتم التوجيه فيها بالتنفيذ سريعا؟ أم في طرق تمويلها؟ أو شكل ملكيتها؟. اختيار المحور يثبت أن المؤسسة تتمتع بالفعل بـ«مرونة» في فهم المتغيرات ليست جديدة عليها. تقيم المؤسسة مؤتمراتها في عدد كبير من الدول شرقا وغربا وشمالا وجنوبا، وتحدث تحولات درامية في سياسات تلك الدول طوال الوقت، ومع ذلك تمكنت «يورومنى» من الحفاظ على استمرارية مؤتمراتها متكيفة مع أي تغيير، وعاملة طوال الوقت على خدمة جمهورها الأساسي وهو المستثمرون الماليون العالميون. كان أشهر مأزق تعرضت له المؤسسة في مصر هو أنها من أطلق على الاقتصاد المصري في أواخر عهد حكومة نظيف «نمر على النيل»، إلى أن جاءت أحداث يناير 2011، وتبين أن الأمر لم يكن صحيحا، لكن «يورومني» عاودت العمل بمصر بعد توقف أقل من عامين.

على الاقتصاد المصري أن يتعلم سرعة التكيف مع المتغيرات والصدمات واستيعابها بالفعل، وله في ذلك سوابق صمد فيها، وأن يستفيد من تجربة «يورومني» ذاتها، لكن ليس ليخدم المستثمرين العالميين فحسب ولكن ليخدم بالأساس الشعب المصري وتطلعاته إلى التقدم الاقتصادي والحضاري والعدالة الاجتماعية والانخراط الفعال في المنظومات العالمية.

اعتقادي أن الاقتصاد المصري «مَرِن» في جوانب منه - طوعا أم كرها - أكثر مما ينبغي، فهو مثلا شبه مجبر على «مرونة» زائدة بشأن أسعار الفائدة والصرف، ليظل محتفظا بنفس معدلات الاستثمار الأجنبي في الأذون والسندات في هذه المرحلة، وقد بات المطلوب منه مزيداً من الصلابة. المرونة كلمة حمّالة أوجه، وطلبها من طرف يتعافى يحتمل أن يعني دعوته لتقديم تنازلات... ألا نسمع كثيرا من أمريكيين وإسرائيليين أن على السلطة الفلسطينية أن تقدم مزيدا من المرونة لمواصلة عملية السلام، فماذا كانت النتيجة؟. الاقتصاد المصري أيضا مازالت به انكشافات تجارية ومالية ونقدية وإنتاجية وتوزيعية وبيئية. المنكشف بطبيعته مرن أو يمكن الضغط عليه ليكون كذلك. الخلاصة: أكثر ما يحتاجه الاقتصاد حاليا هو صلابة البنيان، ومن المفيد أن أستعير فى ذلك قول «كريستين لاجارد» - مدير صندوق النقد الدولى – مؤخرا إن على الاقتصاد العالمي أن يتعلم من المعماري الروماني الذي قال إن المبنى الجيد يجب أن يتسم بالمتانة وأن يحقق منفعة لأصحابه، بالإضافة إلى متعة جمالية (رفاه في حالة الاقتصاد)، وقد ذكرت ذلك في سياق دعت فيه إلى مزيد من الصلابة في الاقتصاد العالمي، أي نمو أكثر استمرارية وأقوى متانة وأكثر قدرة على احتواء الجميع. بحسبها. 

لا أطلب من «يورومني» أن تقوم بذلك فتلك مهمتنا، بيد أن ما يمكن أن نفيد منه من هذه المنصة التنظمية والبحثية والتحليلية المحترفة هو أن نناقش معها بجدية ووعي طوال الوقت أجندة مؤتمراتها لنحقق منها أعلى منفعة، وحتى لا يكون المؤتمر رافعة تزيد يورومني صلابة – من أموال الرعاة ومما تدفعه الحكومة – وتزيد الاقتصاد «مرونة» بالمعنى غير الحسن للكلمة.

غلاف صفحة المؤتمر على موقع يورومني تتصدره صورة رائعة حقا للقاهرة، وفي بؤرة الصورة برج بنك مصر بوسط البلد. إن نهج طلعت حرب مؤسس البنك (وعاشق العمارة الإسلامية) لتصليب عود الاقتصاد المصري، كان تنويع الاقتصاد وتعميقه وربط الصناعة بالاحتياجات الأساسية للناس وبالثقافة والترابط الاجتماعي والعائلي والبعد العربي، ومن عنيف الأسف أن إنجلترا، محتلة مصر وقتها، وبعض الخصوم المصريين ضاقوا ذرعا بتحدي طلعت حرب لمصالحهم، وأجبروه على أن يكون «مرنا» إن أراد لبنك مصر البقاء، وكان المقصود أن يرحل عن إدارة البنك ويقلص توسعاته الصناعية... وقد كان!

نقلا عن المصري اليوم 

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

صلابة الاقتصاد ومرونة «يورومني» صلابة الاقتصاد ومرونة «يورومني»



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:23 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

أزياء ومجوهرات توت عنخ آمون الأيقونية تلهم صناع الموضة
  مصر اليوم - أزياء ومجوهرات توت عنخ آمون الأيقونية تلهم صناع الموضة

GMT 13:51 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

ولي العهد السعودي يُدين الإجراءات التي اتخذتها إسرائيل في غزة
  مصر اليوم - ولي العهد السعودي يُدين الإجراءات التي اتخذتها إسرائيل في غزة

GMT 21:37 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران تؤكد على أهمية تنمية العلاقات مع السعودية
  مصر اليوم - إيران تؤكد على أهمية تنمية العلاقات مع السعودية

GMT 17:01 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

أداة ذكية لفحص ضغط الدم والسكري دون تلامس
  مصر اليوم - أداة ذكية لفحص ضغط الدم والسكري دون تلامس

GMT 11:26 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

هاني سلامة وياسمين رئيس يجتمعان مجددا بعد غياب 12 عاما
  مصر اليوم - هاني سلامة وياسمين رئيس يجتمعان مجددا بعد غياب 12 عاما

GMT 13:37 2024 الجمعة ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

مكون غذائي يساعد في تسريع تعافي العضلات بعد التمرين

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 06:54 2024 الجمعة ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

غوتيريش يؤكد أن الأمم المتحدة مستعدة للعمل مع ترامب

GMT 05:30 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

ميسي يثير الغموض حول مشاركته في كأس العالم 2026

GMT 09:59 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

نجوى كرم بإطلالات استثنائية وتنسيقات مبهرة في "Arabs Got Talent"

GMT 09:00 2021 الأربعاء ,05 أيار / مايو

جرح فلسطين المفتوح

GMT 12:11 2019 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

5 طرق للقضاء على مشكلة الشعر المتقصف بلا رجعة

GMT 04:36 2018 السبت ,01 أيلول / سبتمبر

جهود مكثفة لكشف غموض اختفاء فتاة في أسيوط
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon