بقلم - مصباح قطب
وصل التزام دول منظمة أوبك وبعض الدول من خارجها، وعلى رأسها روسيا، باتفاق خفض إنتاج النفط السارى منذ يناير 2017 إلى مستوى 149% فى مارس الفائت، وبمتوسط 113% منذ بداية التطبيق.
وارتفع سعر خام برنت بواقع 33% فى 2017، ثم بنسبة 25% منذ بداية 2018 كنتيجة لهذا الاتفاق بالأساس ولبعض العوامل الأخرى. تتطلع السعودية إلى 100 دولار للبرميل لأسباب تخص علاج عجز موازنتها وطموحات ولى عهدها، كما تتطلع الإمارات وغيرها إلى اتفاق ممتد للخفض، أى لا ينتهى بنهاية الاتفاق الحالى المقررة 2018، والكل يتوقع بلوغ سعر 80 دولاراً للبرميل فى وقت قصير. الأسئلة كثيرة والإجابات غائمة. تحولت السعودية من سياسة خفض السعر بكل السبل بالاتفاق مع الولايات المتحدة لإرهاق روسيا وإيران مالياً لموقفهما فى سوريا، حتى إنه انخفض إلى نحو 28.5 دولار فى بداية 2014، إلى تعاون وثيق مع روسيا، رغم كل خلافاتهما فى السياسة لرفع السعر. درس للتأمل. أيضاً الرفع الحالى تستفيد منه دول تعاديها أمريكا مثل إيران وفنزويلا، لكن لماذا استهجن الرئيس ترامب، أمس الأول، هذا الارتفاع، ووصفه بـ«المصطنع»، مع أن الشركات الأمريكية بين أكبر المستفيدين منه؟!. وما موقف الدول غير النفطية، التى يرهق موازناتها رفع السعر، إلى حد أن كل دولار زيادة فى البرميل يكلف موازنة مصر- مثالاً- نحو 3.5 مليار جنيه إضافية؟.
كان سعر خام برنت قد بلغ ذروة غريبة فى منتصف 2008، وهى 147 دولاراً، وقبيل أيام- ليس من الأزمة المالية العالمية، بل من الكشف عنها- فقد كانت نيرانها تطقطق فى عظام الاقتصاد الأمريكى والأوروبى من بدرى.. بلغ السعر الذروة، فى أجواء تأزم، وبعيداً عن أى منطق ذى صلة بالعرض والطلب والمخزونات والاستثمارات. كان العامل الأكثر تأثيراً على ارتفاع السعر هو المضاربات التى قادها الماليون من أبناء وول ستريت (حى المال بنيويورك) وحلفائهم، برضا رسمى أمريكى، ولهذا، فإن ترامب فى تقدير البعض يعترض على اتفاق الخفض ليس كراهية فى ارتفاع الأسعار بقدر رغبته فى ألا يمسك زمام زيادة أو خفض السعر لاعبون آخرون بعيداً عن أمريكا، التى هى «أولاً» عند السيد ترامب، ومضاربيها ثم إن اتباع نهج خفض إنتاج النفط- أو إمداداته- يشكل عقدة أمريكية وغربية منذ 1973، كما أن إمساك أمريكا بمقود الرفع والخفض سواء باستخدام المضاربات أو عبر خفض ورفع سعر الدولار يجعلها هى مَن يحدد مَن يستفيد ومَن يخسر من تلك اللعبة.
أن المعضلة التى يجب على العالم أن يواجهها هى: كيف نضمن عدم تكرار ذلك فى أسعار ونمط عرض منتجات أو موارد طبيعية أخرى مثل بعض المعادن الأساسية، بل بعض المحاصيل الزراعية؟.
(أوبك + من أوبك وخارجها) قالت إنها لا تستهدف سعراً محدداً للبرميل، بل خلق استقرار دائم فى الأسواق. نتمنى أن تتوقف اللعبة عند ذلك، والأهم أن نتفق على ما معنى الاستقرار الدائم؟.
نقلا عن المصري اليوم القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع