توقيت القاهرة المحلي 10:31:44 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مدن القباب الزرقاء

  مصر اليوم -

مدن القباب الزرقاء

بقلم : مصباح قطب

أمضيت نحو اسبوع فى زيارة الوادى الجديد بواحاته الكبرى الفرافرة والداخلة والخارجة ، ضمن برنامج تنظمه وزارة الشباب للتعريف ببلادنا . فكرة جيدة وتنظيم معقول وتكاليف منخفضة ومن الناحية العملية يصعب ان ينظم فرد لنفسه رحلة كتلك يتم فيها قطع نحو الفى كيلومترفى السفر والتنقل ، كما يصعب على الغالبية العظمى الاشتراك فى رحلة ينظمها القطاع الخاص لارتفاع مصاريفها ، اضافة الى ان القطاع الخاص لم يعد ينظم من الاصل لان السياحة الى الوادى الجديد ماتت اكلينيكا منذ يناير 2011 . كانت هناك هنات فى الاقامة والتنظيم وقد اجرينا حوارا حولها خلال العودة بترحيب من المشرف ممثل الوزارة و يمكن ببساطة تجاوزها مستقبلا وكنا قد تجاوزناها واقعيا فى الرحلة بالفعل فالانشغال الرئيس للاربعين شابا وشابة – وثلاثة صحفيين - ظل هوكيفية تحقيق اعلى منفعة عقلية وروحية وترفيهية من رحلة كتلك.

شواغلى العامة خلال الرحلة كانت كالتالى:

- ان المصرى القديم ربما كان اكثر جراة واقتحاما من الاجيال الحالية والدليل على ذلك هذا الوجود المبكر فى الواحات والذى اعقبه طمع الرومان والبطالمة والاتراك فى المنطقة لاحقا . وبالمناسبة فان المغامرة الفرعونية فى اكتشاف الصحراء – الغربية او الشرقية – ترافقت مع مغامرة فى البحر لاكتشاف المجهول جنوبا او شمالا ، وتبقى القاعدة انه كلما فتحت مصر صدرها للبحر والاستكشاف كلما تجلت قوتها وكلما انكفات كلما انطفا بريقها وضاعت هيبتها وضعف انتاجها الحضارى والاقتصادى والاجتماعى.

- تذكرت واتذكر دائما مقولة عميد الجيولوجيين فى العالم رشدى سعيد ان الصحراء التى نتصورها قوية صارمة هى بيئة هشة للغاية – لذلك كان يرفض دوما تعبير غزو الصحراء – ويقول انه يكفى للتاكد من ذلك ان تبعثر عدة مخلفات من الورق والبلاستيك فى منطقة صحراوية لتلمس حجم التشويه والقبح المضاعف فى المكان ، ولذلك ينبغى ان نعلم شبابنا بصقفة مستمرة كيفية الحفاظ على نقاء البيئة الصحراوية والتعامل معها برفق .

- يلمس اى زائر الجهد  الضخم والتضحيات والشهداء التى قدمها الجيش وقدمتها الشرطة المصرية للحفاظ على امن البلاد وصد مجموعات الارهاب الماجور الاتية من ليبيا. طبعا لايمكن ان اقول ان التاريخ يعيد نفسه حيث كثيرا ما هاجم بلطجية من ناحية الغرب مصر وسكان الواحات منذ ما قبل الميلاد بهدف فرض الاتاوات ونهب خيرات الواحات من قمح وزيتون ونخيل فقد كان البلطجية الاوائل اولاد مكانهم لكن ارهابيي اليوم هم لاملة ولا بلد لهم فهم ماجورن غالبا لكن العامل المهم هو انه بعد كل هذا الجهد  والنجاح فى مكافحة الارهاب واتخاذ اجراءات وقائية مثل منع اى توغل فى الصحراء الا بعد شروط امنية معقدة – ومع وجود مخاطر بالفعل – ما ادى الى توقف السياحة ، ان الاوان لان يدور حوار وطنى واسع حول : كيف نحافظ على استمرار الامن وننعش السياحة مرة اخرى وبصفة خاصة السياحة الى الصحراء البيضاء التى فتنت وتفتن مئات الالاف من المصريين وغير المصريين لما تقدمه من تجربة تامل روحية غنية للغاية فى السماء التى تتجلى بطريقة لاتوجد فى اى مكان اخر بالعالم لقد خطر ببالى – مثلا مثلا - انه يمكن الاستعانة بشركة انجليزية لتنظيم الرحلات الى الصحراء البيضاء مع شركاء مصريين وبما ان بريطانيا تعرف افاعى الارهاب فظنى ان ذلك سيفيد فى منع ضررهم .

- حافظ مجتمع الوادى على تقاليده الاخلاقية والاجتماعية بحيث ان الوادى الجديد على اتساعه ( 42 % من مساحة مصر و245 الف نسمة فقط ) هو اقل المحافظات فى معدلات الجرائم واكثر المحافظات تضامنا وتعاضدا ورغم وفود الكثيرين من الدلتا والصعيد لاكل العيش والاقامة فلم يتبدل الموقف كثيرا حيث استوعبت البيئة الواحاتية القادمين الجدد وطبعتهم بطابعها لكن المؤسف ان احدا لم يهتم بوضع بصمة عمرانية لهذه المحافظة ولذلك كثرت المبانى الجديدة التى لا طعم لها ، وفى ظنى انه لايزال ممكنا تدارك ذلك واعطاء الوادى ومدنه طابعا خاصا يعرف به عالميا كأن يكون هو مدن القباب الزرقاء اى المبانى التى لاتزيد عن اربع طوابق وتنتهى بقباب عالية زرقاء اللون – مثلا – وادخال الحداثة العمرانية الى هناك بشكل محسوب وبناء سلاسل فنادق ثلاثة نجوم عصرية الطابع ومنخفضة التكلفة ويجب على وزارة السياحة بدلا من الانشغال بالتفتيش والعقاب ان توفد مبعوثين لتثقيف اصحاب الفنادق وتوعيتهم بمبادىء الادارة وكيفية كسب رضا العملاء. ومن المهم تطوير الخدمة الصحية التى يعد مستواها الاقل بين محافظات مصر ولابد من وقف فورى لاى مبان تزيد عن اربعة ادوار من الان وما زاد يكون فى مناطق معينة وبترخيص خاص ومن الغريب فى محافظة بهذا الامتداد ان نرى مدارس ابتدائى واعدادى وثانوى ارتفاعها خمس طوابق ...طيب ليه النكد ده ؟ .

- هناك طاقات فنية ورياضية واعدة تنتظر تقديم المساندة لها وقد شهدنا وعشنا مع فرقة هواة للرقص الشعبى وعزف الناى والمزمار والطبل البلدى تكونت منذ عام واحد فقط ومع ذلك كان مستواها رفيعا بحق وقدمت فنا منعشا منتميا الى البيئة بطريقة منضبطة ومن العيب ان تظل المدينة بلا مسارح ولا سينما ولا مراسم ولا منتديات للكتابة والرسم والموسيقى. قد يكون منةالمفيد تكشكيل مجلس استشارى للمحافظة يضم اساتذة فن وموسيقى وادب وتراث وتاريخ وعمارة تكون مهمته التخطيط للمدن والقرى ومراجعة اى خطط حالية واقرار اى مشاريع جديدة .

ملاحظة جانبية: خلال العودة عبر طريق الخارجة اسيوط ثم الى القاهرة عبر الطريق الدائرى الجديد وجدنا كافتيريا وحيدة انشاها الجيش وقام بتاجيرها وتمثل احتكارا بالمعنى الحرفى فلا منافس لها وبالتالى فانه يجب تقييد ورقابة اسعارها ومستوى خدماتها مقابل تلك الميزة ، ومن العيب كل العيب ان تستخدم كافتيريا مثل تلك طريقة الاكشاك الصغيرة الى نقابلها فى بعض الطرق النائية والتى تتقاصى مقابلا عن التبول او دخول الحمام !! .

نقلا عن المصري اليوم 

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مدن القباب الزرقاء مدن القباب الزرقاء



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 09:18 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يفتح آفاقا جديدة في علاج سرطان البنكرياس
  مصر اليوم - فيتامين سي يفتح آفاقا جديدة في علاج سرطان البنكرياس

GMT 15:05 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي
  مصر اليوم - شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 08:11 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:32 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

والدة الفنان المصري عمر كمال تكشف موقفها من عمله

GMT 09:42 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على قائمة الإجازات الرسمية 2021 في مصر

GMT 02:51 2020 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة لاعب الأهلي المصري محمد أشرف بكورونا

GMT 20:23 2020 الأربعاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

طوارئ في قرية في محافظة قنا بسبب كورونا

GMT 18:31 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

مورينيو يوضح إصابة سون هي الأولى فقط المزيد قادم

GMT 09:49 2020 الإثنين ,27 تموز / يوليو

جيونبك يعزز موقعه في وصافة الدوري الكوري
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon