توقيت القاهرة المحلي 22:02:40 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مدن القباب الزرقاء

  مصر اليوم -

مدن القباب الزرقاء

بقلم : مصباح قطب

أمضيت نحو اسبوع فى زيارة الوادى الجديد بواحاته الكبرى الفرافرة والداخلة والخارجة ، ضمن برنامج تنظمه وزارة الشباب للتعريف ببلادنا . فكرة جيدة وتنظيم معقول وتكاليف منخفضة ومن الناحية العملية يصعب ان ينظم فرد لنفسه رحلة كتلك يتم فيها قطع نحو الفى كيلومترفى السفر والتنقل ، كما يصعب على الغالبية العظمى الاشتراك فى رحلة ينظمها القطاع الخاص لارتفاع مصاريفها ، اضافة الى ان القطاع الخاص لم يعد ينظم من الاصل لان السياحة الى الوادى الجديد ماتت اكلينيكا منذ يناير 2011 . كانت هناك هنات فى الاقامة والتنظيم وقد اجرينا حوارا حولها خلال العودة بترحيب من المشرف ممثل الوزارة و يمكن ببساطة تجاوزها مستقبلا وكنا قد تجاوزناها واقعيا فى الرحلة بالفعل فالانشغال الرئيس للاربعين شابا وشابة – وثلاثة صحفيين - ظل هوكيفية تحقيق اعلى منفعة عقلية وروحية وترفيهية من رحلة كتلك.

شواغلى العامة خلال الرحلة كانت كالتالى:

- ان المصرى القديم ربما كان اكثر جراة واقتحاما من الاجيال الحالية والدليل على ذلك هذا الوجود المبكر فى الواحات والذى اعقبه طمع الرومان والبطالمة والاتراك فى المنطقة لاحقا . وبالمناسبة فان المغامرة الفرعونية فى اكتشاف الصحراء – الغربية او الشرقية – ترافقت مع مغامرة فى البحر لاكتشاف المجهول جنوبا او شمالا ، وتبقى القاعدة انه كلما فتحت مصر صدرها للبحر والاستكشاف كلما تجلت قوتها وكلما انكفات كلما انطفا بريقها وضاعت هيبتها وضعف انتاجها الحضارى والاقتصادى والاجتماعى.

- تذكرت واتذكر دائما مقولة عميد الجيولوجيين فى العالم رشدى سعيد ان الصحراء التى نتصورها قوية صارمة هى بيئة هشة للغاية – لذلك كان يرفض دوما تعبير غزو الصحراء – ويقول انه يكفى للتاكد من ذلك ان تبعثر عدة مخلفات من الورق والبلاستيك فى منطقة صحراوية لتلمس حجم التشويه والقبح المضاعف فى المكان ، ولذلك ينبغى ان نعلم شبابنا بصقفة مستمرة كيفية الحفاظ على نقاء البيئة الصحراوية والتعامل معها برفق .

- يلمس اى زائر الجهد  الضخم والتضحيات والشهداء التى قدمها الجيش وقدمتها الشرطة المصرية للحفاظ على امن البلاد وصد مجموعات الارهاب الماجور الاتية من ليبيا. طبعا لايمكن ان اقول ان التاريخ يعيد نفسه حيث كثيرا ما هاجم بلطجية من ناحية الغرب مصر وسكان الواحات منذ ما قبل الميلاد بهدف فرض الاتاوات ونهب خيرات الواحات من قمح وزيتون ونخيل فقد كان البلطجية الاوائل اولاد مكانهم لكن ارهابيي اليوم هم لاملة ولا بلد لهم فهم ماجورن غالبا لكن العامل المهم هو انه بعد كل هذا الجهد  والنجاح فى مكافحة الارهاب واتخاذ اجراءات وقائية مثل منع اى توغل فى الصحراء الا بعد شروط امنية معقدة – ومع وجود مخاطر بالفعل – ما ادى الى توقف السياحة ، ان الاوان لان يدور حوار وطنى واسع حول : كيف نحافظ على استمرار الامن وننعش السياحة مرة اخرى وبصفة خاصة السياحة الى الصحراء البيضاء التى فتنت وتفتن مئات الالاف من المصريين وغير المصريين لما تقدمه من تجربة تامل روحية غنية للغاية فى السماء التى تتجلى بطريقة لاتوجد فى اى مكان اخر بالعالم لقد خطر ببالى – مثلا مثلا - انه يمكن الاستعانة بشركة انجليزية لتنظيم الرحلات الى الصحراء البيضاء مع شركاء مصريين وبما ان بريطانيا تعرف افاعى الارهاب فظنى ان ذلك سيفيد فى منع ضررهم .

- حافظ مجتمع الوادى على تقاليده الاخلاقية والاجتماعية بحيث ان الوادى الجديد على اتساعه ( 42 % من مساحة مصر و245 الف نسمة فقط ) هو اقل المحافظات فى معدلات الجرائم واكثر المحافظات تضامنا وتعاضدا ورغم وفود الكثيرين من الدلتا والصعيد لاكل العيش والاقامة فلم يتبدل الموقف كثيرا حيث استوعبت البيئة الواحاتية القادمين الجدد وطبعتهم بطابعها لكن المؤسف ان احدا لم يهتم بوضع بصمة عمرانية لهذه المحافظة ولذلك كثرت المبانى الجديدة التى لا طعم لها ، وفى ظنى انه لايزال ممكنا تدارك ذلك واعطاء الوادى ومدنه طابعا خاصا يعرف به عالميا كأن يكون هو مدن القباب الزرقاء اى المبانى التى لاتزيد عن اربع طوابق وتنتهى بقباب عالية زرقاء اللون – مثلا – وادخال الحداثة العمرانية الى هناك بشكل محسوب وبناء سلاسل فنادق ثلاثة نجوم عصرية الطابع ومنخفضة التكلفة ويجب على وزارة السياحة بدلا من الانشغال بالتفتيش والعقاب ان توفد مبعوثين لتثقيف اصحاب الفنادق وتوعيتهم بمبادىء الادارة وكيفية كسب رضا العملاء. ومن المهم تطوير الخدمة الصحية التى يعد مستواها الاقل بين محافظات مصر ولابد من وقف فورى لاى مبان تزيد عن اربعة ادوار من الان وما زاد يكون فى مناطق معينة وبترخيص خاص ومن الغريب فى محافظة بهذا الامتداد ان نرى مدارس ابتدائى واعدادى وثانوى ارتفاعها خمس طوابق ...طيب ليه النكد ده ؟ .

- هناك طاقات فنية ورياضية واعدة تنتظر تقديم المساندة لها وقد شهدنا وعشنا مع فرقة هواة للرقص الشعبى وعزف الناى والمزمار والطبل البلدى تكونت منذ عام واحد فقط ومع ذلك كان مستواها رفيعا بحق وقدمت فنا منعشا منتميا الى البيئة بطريقة منضبطة ومن العيب ان تظل المدينة بلا مسارح ولا سينما ولا مراسم ولا منتديات للكتابة والرسم والموسيقى. قد يكون منةالمفيد تكشكيل مجلس استشارى للمحافظة يضم اساتذة فن وموسيقى وادب وتراث وتاريخ وعمارة تكون مهمته التخطيط للمدن والقرى ومراجعة اى خطط حالية واقرار اى مشاريع جديدة .

ملاحظة جانبية: خلال العودة عبر طريق الخارجة اسيوط ثم الى القاهرة عبر الطريق الدائرى الجديد وجدنا كافتيريا وحيدة انشاها الجيش وقام بتاجيرها وتمثل احتكارا بالمعنى الحرفى فلا منافس لها وبالتالى فانه يجب تقييد ورقابة اسعارها ومستوى خدماتها مقابل تلك الميزة ، ومن العيب كل العيب ان تستخدم كافتيريا مثل تلك طريقة الاكشاك الصغيرة الى نقابلها فى بعض الطرق النائية والتى تتقاصى مقابلا عن التبول او دخول الحمام !! .

نقلا عن المصري اليوم 

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مدن القباب الزرقاء مدن القباب الزرقاء



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:23 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

أزياء ومجوهرات توت عنخ آمون الأيقونية تلهم صناع الموضة
  مصر اليوم - أزياء ومجوهرات توت عنخ آمون الأيقونية تلهم صناع الموضة

GMT 13:51 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

ولي العهد السعودي يُدين الإجراءات التي اتخذتها إسرائيل في غزة
  مصر اليوم - ولي العهد السعودي يُدين الإجراءات التي اتخذتها إسرائيل في غزة

GMT 21:37 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران تؤكد على أهمية تنمية العلاقات مع السعودية
  مصر اليوم - إيران تؤكد على أهمية تنمية العلاقات مع السعودية

GMT 17:01 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

أداة ذكية لفحص ضغط الدم والسكري دون تلامس
  مصر اليوم - أداة ذكية لفحص ضغط الدم والسكري دون تلامس

GMT 22:02 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

إحالة عمرو دياب إلى المحاكمة في واقعة صفع شاب
  مصر اليوم - إحالة عمرو دياب إلى المحاكمة في واقعة صفع شاب

GMT 13:37 2024 الجمعة ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

مكون غذائي يساعد في تسريع تعافي العضلات بعد التمرين

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 06:54 2024 الجمعة ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

غوتيريش يؤكد أن الأمم المتحدة مستعدة للعمل مع ترامب

GMT 05:30 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

ميسي يثير الغموض حول مشاركته في كأس العالم 2026

GMT 09:59 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

نجوى كرم بإطلالات استثنائية وتنسيقات مبهرة في "Arabs Got Talent"

GMT 09:00 2021 الأربعاء ,05 أيار / مايو

جرح فلسطين المفتوح

GMT 12:11 2019 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

5 طرق للقضاء على مشكلة الشعر المتقصف بلا رجعة

GMT 04:36 2018 السبت ,01 أيلول / سبتمبر

جهود مكثفة لكشف غموض اختفاء فتاة في أسيوط
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon