بقلم - محمد أبو الغار
مما لا شك فيه أن الوطن الغالى معرض لمخاطر عديدة أهمها المخاطر الاقتصادية، ثم مشكلة الإرهاب الداخلى والإرهاب على الحدود فى سيناء وأيضاً على الحدود الليبية. عندما تكون الأمة فى هذا الوضع، عليها أن تدافع عن نفسها بتحفيز كل القوى والأفكار والجبهات الوطنية الممكنة.
أكتب ذلك بعد أن أنهيت بصفة نهائية، منذ ثلاثة أعوام، مشاركتى فى أى نشاط سياسى بطرق مباشرة أو غير مباشرة، واكتفيت بكتابة رأيى لما أرى أن فيه صالح الوطن ومستقبله. أعتقد أن هناك قطاعين مهمين فى مصر عندهما غضب دفين ويلزم الحوار معهما بقلب مفتوح تليه مصالحة. القطاع الأول هو القوى المدنية المصرية بكافة أطيافها. فالغالبية العظمى منها، وهم نخب المثقفين والمفكرين ورجال الأعمال، حريصة على مستقبل الوطن ولا تريد فوضى، وجزء كبير منها ليس منظماً فى أحزاب أو هيئات وهى قوة هامة ومؤثرة. هذه القوى ليس لها علاقة بالتطرف ولا الإرهاب من قريب أو من بعيد، وهذه القوى هى التى قادت 30 يونيو بعد أن فشل الإخوان فى إدارة الوطن. وهى تتكون من مجموعات ليبرالية ومجموعات ديمقراطية اجتماعية وأخرى من جميع أطياف اليسار، وهناك تيار كبير ليس له توجه أيديولوجى واضح ولكنه وطنى وعنده وعى ويريد أن يعبر عن رأيه فى مستقبل الوطن.
المجموعة الثانية هى الأعداد الرهيبة من الشباب المصرى (60% من الشعب) الذى يشاهد الفضائيات طوال الوقت ومعظمها ليست مصرية لأسباب معروفة وتتعلق بضآلة حجم الحرية فى القنوات المصرية والتشابه فى محتواها. هذه القنوات الخارجية لها تأثير بالغ على الشباب ومستقبل الوطن. ثم وسائل التواصل الاجتماعى التى أصبحت بسبب الشبكة العنكبوتية هى التى يتلقى منها هذا الشباب معلوماته اليومية بعضها أخبار صحيحة وهامة ولكنها محجوبة عن وسائل الإعلام المصرية، وبعضها أخبار مكذوبة ومواد تحريضية.
محاولة إغلاق الفضائيات ووسائل التواصل الاجتماعى لم تأت سوى بنتائج عكسية ويخترقها الشباب بالتكنولوجيا الحديثة، وهى تسىء إلى وضع مصر عالمياً فى ظروف اقتصادية صعبة ونحن فى أمسّ الحاجة لتحسين صورة النظام وجذب السياح وإعطائهم الطمأنينة.
هناك أعداد من القوى المدنية وراء القضبان الآن فى قضايا معظمها لم تقدم للمحاكمة، والبعض قد تم الحكم عليه. وجود هؤلاء فى السجون الآن يسبب غضباً كبيراً، ومن المفروض أن يجذب النظام هذه المجموعات إلى صفه. وأعتقد أن هذه السياسة لم تحقق المطلوب منها فعدد الغاضبين يزيد والكثيرون يشعرون أن معظم القوى الوطنية السجينة مظلومة وهم لم يكونوا ولن يكونوا أبداً إرهابيين، وقد سجنوا فقط بسبب إبداء الرأى.
أما المجموعة الثانية من ملايين الشباب فتعانى أيضاً من مشاكل اقتصادية رهيبة بسبب الظروف العامة، وفى نفس الوقت معظمهم عنده قدر من التعليم وحب المعرفة، ولذا فهم يشاهدون الآن مظاهر بذخ رهيب موجودة فى الإعلانات وعلى الإنترنت ويشعرون بإحباط شديد بسبب هذه الفجوة الكبيرة فى الدخول بينما الكثير منهم تحت خط الفقر. والأمر الآخر هو رغبتهم فى الاشتراك ولو بالرأى فى مستقبل الوطن، وأصبحت كلمة الديمقراطية، وحرية الرأى، أمرا يستمعون إليه ويقرأون عنه بصفة مستمرة. أما المؤتمرات الشبابية التى يقيمها الرئيس فهى لا تمثل غالبية الشباب.
أكتب هذه المقالة لأننى أعرف الصعوبات والمخاطر الخارجية والداخلية فى الاقتصاد والإرهاب. الظروف العالمية كلها فى علم الغيب ونحن نعرف من التاريخ أن الظروف الشرق أوسطية والعربية يحدث فيها تغييرات سريعة لا نعلم مدى تأثيرها إيجاباً أو سلباً علينا. نحن نريد أن تقوى الجبهة الداخلية بجميع القوى المدنية التى هى قوى وطنية ومن أهم أجنحتها الأقباط المصريون وخاصة الفقراء منهم فى الصعيد الذين يجب أن يشعروا بالطمأنينة والاستقرار، ويجب أن ينفذ القانون بصرامة لمنع الاعتداء عليهم وعلى كنائسهم، وهى أمور أعتقد أنه يمكن وضع حد لها إذا أخذت الأمور بجدية على أنها السياسة العليا للدولة.
لا أحد يريد الفوضى ولا التخريب. القوى المدنية تريد بناء مصر وتريد أن تشارك إيجابياً وعملياً وأن تعطى لها الفرصة فى ذلك. التاريخ علمنا أنه فى وقت الأزمات يجب أن نجمع معنا كل القوى التى يمكن التفاهم معها. وأعتقد أن هذه الخطوة أصبحت ضرورة، ويجب تشجيع النظام الحاكم على اتخاذها وتبدأ بالإفراج عنهم جميعاً والعفو عن المحكوم عليهم؛ لأن هذه الخطوة هى التى سوف تثبت أقدام النظام وتساعده على حل المشاكل وتمنع أى قلاقل وتجعل الناس أكثر تقبلاً للمصاعب الاقتصادية وتمنع أى ضغوط خارجية على مصر.
قوم يا مصرى.. مصر دايماً بتناديك
نقلا عن المصري اليوم
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع