توقيت القاهرة المحلي 16:08:40 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الاغتراب داخل الوطن ومستقبل البيزنس العائلى فى مصر

  مصر اليوم -

الاغتراب داخل الوطن ومستقبل البيزنس العائلى فى مصر

بقلم - محمد أبو الغار

يمثل البيزنس العائلى فى مصر أكثر من 80% من القطاع الخاص، وهناك خطورة من ضياع هذا البيزنس فى ظرف جيل واحد، وهو ركن أساسى من الاقتصاد المصرى ويوظف عمالة هائلة. الموضوع له علاقة بالتعليم والتربية لفئة محدودة من المصريين وهم الذين يعتبرون من الطبقة العليا اقتصادياً فى المجتمع. إذا عدنا إلى الوراء قبل عام 1952 كانت الطبقة العليا من المصريين يحرصون على تعليم أولادهم فى المدارس والجامعات المصرية ويمكن أن يرسلوهم للخارج لعمل دراسات عليا بعد أن يكونوا قد تمرسوا بالحياة فى مصر وعاشروا زملاء لهم من كافة الطبقات والأفكار ويكون الشاب قد عرف كيف يتصرف مع زملائه وأصدقائه والسايس والبواب والبقال وغيرهم، وأصبح يفهم اللغة الدارجة ويفهم أنواع الشتائم وأنواع المديح والنكت. هذا الشاب الذى قد يحصل على الدكتوراه من كمبردج أو هارفارد حين يعود إلى مصر لن يكون خواجة فى الوطن وإنما هو مصرى حتى النخاع، ولكنه استطاع أن يجيد لغة أجنبية بلكنة سليمة وأصبح يستطيع التفاهم والتحادث مع الأجانب، بحيث يكون على نفس المستوى العقلى والفهمى واستطاع أن يحصل على علم حديث متقدم. هذا هو الجيل الثانى الذى استطاع أن ينقل بيزنس العائلة نقلة للأمام تتمشى مع الحداثة والتكنولوجيا فكبرت الأعمال وتوسعت. ولكن فى السنوات الأخيرة من حكم مبارك بدأت ظاهرة إرسال الجيل الثالث من أولاد كبار رجال الأعمال إلى مدارس أجنبية باهظة التكاليف. هذه المدارس تعلم لغة أجنبية أو أكثر ويدخلون فى النهاية امتحاناً أمريكياً أو أوروبياً يؤهلهم للتعلم فى الجامعات فى الخارج.

فى فترة التكوين فى مصر يعيش الشاب أو الشابة داخل قوقعة صغيرة مغلقة من شباب فى نفس الطبقة معزولين عن المجتمع لم يذهب أحدهم إلى حارة أو حى شعبى ولم يتكلم مع سائق توك توك ولا بقال ولا مكوجى. لم يقرأ فى حياته صحيفة مصرية، قراءته على النت لبعض الصحف العالمية إن كان مهتماً. خروجه داخل مصر منحصر فى نادى يقابل فيه فقط من يماثله، يتكلمون مع بعض بلغة هجين معظمها إنجليزية ومعظمهم لا يعرفون شيئاً عن تاريخ مصر وتطورها وليس عندهم اهتمام بمعرفة ذلك. وهم لا يتمتعون أو يسعدون بسماع الموسيقى والغناء المصرى وليس لهم معرفة بالسينما والمسرح المصرى أو حتى شعر العامية المصرى، فلهم أغانيهم وممثلوهم الأجانب ولهم سهراتهم الخاصة فى الساحل الشمالى. وفى نفس الوقت هم ليسوا من هواة الموسيقى الراقية أو الفن التشكيلى الغربى العظيم أو الأفلام العالمية الهائلة.

شاركت الأسرة والمدرسة والمجتمع المغلق فى هذا النوع من التربية والتى تجعل هذا الشاب خارج هذا المجتمع وغير قادر على التأقلم على الحياة خارجه. يخرج الشاب إلى أوروبا أو أمريكا للجامعة حيث الدراسة الحديثة والعلم المتقدم ويعود فى الإجازات الصيفية لنفس حياته داخل القوقعة الصغيرة، بعد أن يتخرج الشاب ويعود إلى مصر تكون الأسرة سعيدة بهذا الابن خريج كبرى الجامعات العالمية. يعود الشاب ليتولى إدارة العمل الخاص فى الزراعة أو الصناعة أو التجارة أو ما يشابهها وهى قد تكونت ثروتها داخل مصر أساساً من السوق المصرية. وتعتقد الأسرة أن الجيل الثالث سوف يقوم بتحديث وتطوير العمل الذى بدأه الجد أو الأب فتحدث المفاجأة الكبرى غير المتوقعة بأن هذا الشاب غير قادر على إدارة العمل بسبب جهله وعدم تعوده على التعامل مع المصريين داخل وخارج شركات عائلته، ويريد أن يدير الشركة وكأنه فى أمريكا متناسياً أن هذا مستحيل فى مصر. وعلى الجانب الآخر فإن الشاب يعلن صراحة لأهله وللمجتمع أن بلدهم متخلف وأنه لا يمكنه العيش فى هذه الفوضى المرورية ولا التلوث البيئى ولا التعامل مع هؤلاء البشر وحكومتهم التعيسة التى تغير القوانين والنظم بدون حساب. وتصبح محاولات الأسرة فى استمرار الابن فى دائرة أعمالها من المستحيل، وفى النهاية يغادر الشاب إلى حيث كان إلى البيئة والمجتمع الذى ينتمى إليه والذى تربى على أفكاره. انتماؤه الوطنى يكون محدوداً وأصبح مؤمناً بانتمائه العالمى.

وتحزن الأسرة على مستقبل شركاتها وأعمالها والمجهود الذى بذله عدة أجيال، وينتهى الأمر بعد سنوات بتصفية أو بيع الشركات وتحويل الأموال إلى حيث يعيش الأولاد فى البيزنس خارج مصر وتعيش الأسرة مشتتة بين مصر والخارج حتى يأتى وقت تنقطع صلتها بالوطن وتصبح العائلة تاريخاً فى مصر. هذه رسالة لكل أصحاب الأعمال فى مصر بكافة أنواعها: من فضلكم احذروا لأنكم سوف تخسرون تاريخ عائلتكم وسوف تخسرون مصر.

قوم يا مصرى.. مصر دايماً بتناديك

نقلا عن المصري اليوم

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الاغتراب داخل الوطن ومستقبل البيزنس العائلى فى مصر الاغتراب داخل الوطن ومستقبل البيزنس العائلى فى مصر



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 08:11 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:32 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

والدة الفنان المصري عمر كمال تكشف موقفها من عمله

GMT 09:42 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على قائمة الإجازات الرسمية 2021 في مصر

GMT 02:51 2020 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة لاعب الأهلي المصري محمد أشرف بكورونا

GMT 20:23 2020 الأربعاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

طوارئ في قرية في محافظة قنا بسبب كورونا

GMT 18:31 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

مورينيو يوضح إصابة سون هي الأولى فقط المزيد قادم
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon