توقيت القاهرة المحلي 21:51:56 آخر تحديث
  مصر اليوم -

انتخابات العراق ولبنان ومآلات الصراع في الشرق الأوسط

  مصر اليوم -

انتخابات العراق ولبنان ومآلات الصراع في الشرق الأوسط

بقلم - بوتان تحسين

 ستشهد منطقة الشرق الأوسط في الفترة القليلة المقبلة عمليتي انتخابات مهمتين، يتوقع أن تكون لنتائجهما تأثيرات مباشرة في مجمل مسار الحرب والسلم، ليس في المنطقة وحسب، بل حتى على مستوى العالم. بتعبير آخر، يُتوقع أن تُظهر النتائج، في شكل أوضح، ملامحَ مرحلة جديدة من صراع إقليمي ودولي بين توجهين أو طرفين متصارعين.

من جهة، هناك رغبة إقليمية في الإبقاء على الوضع والخريطة السياسية في الشرق الأوسط على حالها، وألّا تشهد هذه الخريطة ومساراتها أي تغيير أو تعديل يُذكر. وهناك، في المقابل، رغبة أقوى، تسعى إلى إحداث تعديلات وتغييرات في منطقة الشرق الأوسط، وإطارات العملية السياسية والاقتصادية والاجتماعية فيها، من أجل ضمان تدفق البترول والغاز إلى الغرب وتسهيله، وحماية أمن إسرائيل، والقضاء، إلى حد ما، على البذرة الفكرية للتطرف الديني والمذهبي في المنطقة، والتي باتت تشكل مصدر تهديد للعالم أجمع، من حوادث 11 أيلول (سبتمبر) وحتى الآن.

في السادس من أيار (مايو) المقبل ستُجرى الانتخابات اللبنانية، وقد وُضع النظام الانتخابي هذه المرة، بطريقة يمكن أن تقوض أدوات «حزب الله» وإيران ونفوذهما في الحياة السياسية اللبنانية. وستلي هذه الانتخابات أخرى مماثلة في العراق، حيث يُنتظر أن تسفر عن فوز الأطراف الموالية أو المرتبطة بالأجندة الغربية، والتوقعات تسير باتجاه إحراز قائمة رئيس الوزراء الحالي حيدر العبادي، على مستوى العراق، والحزب الديموقراطي الكردستاني، على مستوى إقليم كردستان، المرتبة الأولى. ويتوقّع تراجع القوائم المرتبطة بإيران والمدعومة من الحشد الشعبي، ما يعني سحب البساط من تحت أقدام إيران وتعريتها في شكل ديموقراطي. لذا، بدأت أطراف شيعية عراقية، ومنذ الآن، تثير الشكوك حول نتائج انتخابات 12 أيار، متحججةً بأن مركز السيطرة على الأصوات في الانتخابات موجود في دبي لا في بغداد.

بعد يومين من إجراء الانتخابات العراقية، ستنقل الولايات المتحدة سفارتها إلى القدس. وهذه الخطوة بمثابة صب الزيت على النار، وستسفر عن ردود أفعال واسعة من جانب الدول الإسلامية والعربية. ويمكن أن تكون بداية مرحلة أخرى من الصراع في المنطقة. وهي المرحلة ذاتها التي استخدمها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ذريعة لتقديم موعد الانتخابات التركية. وهو أعلنها صراحة، بأن هناك عملية تغيير سياسية تلوح في الأفق في العراق وسورية، ويستلزم ذلك تطبيقاً سريعاً للنظام الرئاسي في تركيا، وتسريع آليات اتخاذ القرارات المصيرية هناك.

تفيد التوقعات بتحجيم الدور الإيراني في العراق ولبنان عبر صناديق الاقتراع. وهذا المسعى يثير علامات استفهام وتساؤلات كثيرة بخصوص رد فعل طهران، وما إذا كانت سترضخ بسهولة وتقبل بهذه النتائج والمستجدات والتطورات، في حين أن إيران استخدمت خلال السنوات الثماني الماضية جميع الوسائل السياسية والعسكرية والاقتصادية لتقوية موقعها ونفوذها في المنطقة عبر حماية نظام بشار الأسد في سورية.

إن عدم تسليم إيران سيطلق صافرة بدء لعبة أقوى في المنطقة، وبدل الحرب بالوكالة، قد تحدث هذه المرة في شكل مواجهة مباشرة بين الدول أو أطراف اللعبة. ورفض الواقع الجديد سيعيد المنطقة إلى المربع الأول من عنف وعدم استقرار آخر. وستكون كل أطراف المعادلة والصراع القائم في الشرق الأوسط أمام احتمالين: حرب كبيرة، ربما تشعل فتيل حرب عالمية ثالثة، أو البحث عن سلام وحل دائم مشكلات الشرق الأوسط، وفك عقد كل مشكلات القومية والطائفية والمذهبية في المنطقة، ومن ضمنها المشكلة الكردية. وفي كلتا الحالين، سيدخل مستقبل العملية السياسية العراقية في نفق مظلم، لأن أجندة فريق ترامب الجديد لن تسمح بأن تقود إيران العراقَ وفق رغبتها وعلى هواها. وإعلان إدارة ترامب تهديدات بخصوص فسخ الاتفاق المبرم بين واشنطن وطهران بخصوص الملف النووي الإيراني، هو أحد مؤشرات احتمال تفاقم الصراع بين الجانين.

كذلك من المتوقّع ألّا ترضى إيران بترك حصتها من الكعكة العراقية بسهولة، وبذلك ستتعطل العملية السياسية في العراق وتفتح الباب على مصارعها أمام احتمالات عدة وبروز أصوات وألوان أخرى في الميدان. لذلك، فإن المؤشرات تفيد بأن انتخابات أيار في العراق قد تكون آخر عملية انتخابات في هذا البلد كونها ستفتح أبواب المنطقة أمام مشكلات أكبر وأكثر تعقيداً، ويمكن أن تكون مدخلاً لتقسيم البلد، بهدف قطع الطريق على تعقيدات ومشكلات أكبر بكثير تهدد مصالح أميركا وإسرائيل.


نقلا عن الحياة اللندنية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

انتخابات العراق ولبنان ومآلات الصراع في الشرق الأوسط انتخابات العراق ولبنان ومآلات الصراع في الشرق الأوسط



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 19:23 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

خروج مسلسل ظافر العابدين من موسم رمضان 2025 رسمياً
  مصر اليوم - خروج مسلسل ظافر العابدين من موسم رمضان 2025 رسمياً

GMT 04:08 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

أوستن يبحث مع نظيره الإسرائيلي الأحداث في سوريا

GMT 05:32 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

العملة المشفرة بتكوين تسجل مئة ألف دولار للمرة الأولى

GMT 10:04 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا

GMT 11:41 2019 الخميس ,20 حزيران / يونيو

ميتسوبيشي تعلن طرح "إي إس إكس" 2020 أيلول المقبل

GMT 07:09 2019 الثلاثاء ,28 أيار / مايو

معرض بريطاني فوتغرافي للهاربين من نار النازية

GMT 23:36 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

بورصة تونس تقفل على ارتفاع بنسبة 41ر0 %

GMT 03:43 2019 الأربعاء ,27 آذار/ مارس

رنا سماحة تستعد لطرح أحدث أغانيها "مكسورة"

GMT 22:32 2019 الأربعاء ,02 كانون الثاني / يناير

المخرج كريم اسماعيل يوقع عقد إخراج فيلم "الشاطر"

GMT 22:29 2018 الثلاثاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

ابنة هيفا وهبي وحفيدتها يشعلان مواقع التواصل بمقطع فيديو

GMT 20:12 2018 الأربعاء ,05 أيلول / سبتمبر

أجييري يؤكد أن علاقته مع محمد صلاح "استثنائية"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon