توقيت القاهرة المحلي 05:32:36 آخر تحديث
  مصر اليوم -

هل يستغل ترمب وماكرون كلٌّ منهما الآخر؟

  مصر اليوم -

هل يستغل ترمب وماكرون كلٌّ منهما الآخر

بقلم - ديفيد اغناتيوس

خلال لحظات من زيارة الرئيس إيمانويل ماكرون إلى الولايات المتحدة الأسبوع الماضي، ربما بدا أشبه بالتابع الفرنسي للرئيس ترمب. إلا أنه بحلول نهاية الزيارة، اتضح أن هذا الشخص الأليف ظاهرياً يحمل أنياباً.
وقد تناولت صحيفة «لو موند» الفرنسية في مقالها الافتتاحي يوم الخميس الماضي، هذا الوضع الملتبس تحت عنوان «زيارة ذات حدين». وأشارت الصحيفة إلى أنه رغم الإيماءات الدافئة التي حملتها صور لقاء ماكرون وترمب يومي الاثنين والثلاثاء الماضيين، فإن العنصر الأساسي في الزيارة يبقى الخطاب الذي ألقاه ماكرون أمام الكونغرس يوم الأربعاء الماضي، وكان «أقرب للوحشية» في نقده لسياسات ترمب. أما «لو فيغارو»، فتناولت الأمر على نحو ألطف في مقال لها الخميس الماضي بعنوان: «ماكرون يغوي الكونغرس».
وبالفعل، نجد أن ماكرون خرج من زيارته لواشنطن كثقل فرنسي ذكي مقابل لترمب -شخص قادر على الإطراء والتلاعب وإبهار الآخرين. الواضح أن ماكرون شخص يجيد استغلال الفرص السانحة في لحظة تعاني بريطانيا من التراجع وتلتزم ألمانيا الصمت، ما يشكل فرصة لدفع فرنسا إلى مركز الدبلوماسية الأوروبية للمرة الأولى منذ عقود كثيرة.
وخلال تجمع صغير للصحافيين، مساء الأربعاء الماضي، طرح على ماكرون تساؤلاً حول ما إذا كان يعتبر ترمب متقلب المزاج شريكاً جديراً بالثقة؟ أجاب ماكرون: «نعم، أثق به كثيراً لأنني أرغب منه التحرك قدماً» كي يضطلع بدور حامي التعددية والقيم الغربية. بمعنى آخر، يثق ماكرون بترمب لدرجة تجعله يعتقد أن بمقدوره تحريكه في الاتجاه الذي يريده.
من ناحية أخرى، نجد أن حتى بعض أعضاء الحقل الدبلوماسي الفرنسي يتشككون في أن يحظى هذا التقارب الودي بين باريس وواشنطن بنهاية سعيدة. واللافت أن هذه الزيارة شهدت تضاؤلاً في مكانة ماكرون بسبب الألفة الزائدة التي أبداها ترمب في التعامل معه، وفي الوقت ذاته عززت مكانة الرئيس الفرنسي بفضل حضوره الكاريزمي في المناسبات العامة.
وعلى ما يبدو، خسر ماكرون بالفعل معركته لإقناع ترمب بالاستمرار في الاتفاق النووي الإيراني. ويبدو أن «رهانه» اليوم يميل إلى كفة أن ترمب سيعلن 12 مايو (أيار) انسحابه من الاتفاق. وعليه، يركز ماكرون اهتمامه على ما سوف يلي ذلك. وقد أخبرنا أنه أنجز أمرين مع ترمب: حصل على دعمه لاستمرار «المشاركة» الأميركية في إرساء الاستقرار في سوريا، وحثه على «الانفتاح إزاء إبرام اتفاق شامل جديد» بخصوص إيران -أي «اتفاق أكبر»، حسب تعبير ترمب، يحل محل الاتفاق «البشع» الذي وقّعه الرئيس باراك أوباما، ويستمر لفترة أطول، ويتناول اختبارات الصواريخ الباليستية والسلوك الإقليمي لإيران.
ومن الواضح أن ماكرون يحاول اجتذاب ترمب نحو فكرة كبيرة للغاية، ذلك أنه يتحدث عن صفقة كبرى تجذب جميع العناصر الكبرى -روسيا وتركيا وإيران والسعودية والولايات المتحدة- لبناء هيكل أمني إقليمي يبدأ باتفاق لإحياء سوريا. ولا تعد هذه فكرة جديدة، فقد سبق أن درس دبلوماسيون صوراً منها منذ اشتعال الحرب الأهلية السورية عام 2011.
وبصورة ما، يبدو هذا الأمر محتوماً، فعندما تضع الحرب السورية أوزارها، من المؤكد أنه ستظهر مثل هذه الصيغة. إلا أن التساؤل هنا: ما الذي يمكنه الاضطلاع بمثل هذا المشروع الهائل؟ وهنا، يبدو المزيج القائم بين ترمب وماكرون مثيراً للاهتمام. في الواقع، إقرار صفقة كبرى على مستوى الشرق الأوسط يمثل بالفعل نمط «الاتفاق الكبير» الذي يحلم ترمب بتحقيقه. ومع هذا، فإن الوصول إلى هذا الأمر يتطلب منه معاوناً ذكياً حلو اللسان، لكن دون أن يشكل تهديداً له. وهنا يظهر دور ماكرون.
من جانبه، أخبرنا الرئيس الفرنسي أنه ينظر إلى دوره باعتباره «وسيطاً أميناً» يعمل على تيسير الطريق أمام الدبلوماسية الأميركية مع روسيا وتركيا وإيران.
جدير بالذكر، أنه عندما كان بالطائرة في طريقه إلى واشنطن، أجرى ماكرون اتصالاً هاتفياً بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وبعدما غادر، خطّط للاتصال بالرئيس الإيراني حسن روحاني.
وعندما استمعتُ إلى ماكرون وهو يشرح استراتيجيته، تذكرتُ رجلاً آخر ذكياً وقادراً على تحريك من حوله ونجحت دبلوماسيته في إنقاذ قوة أوروبية كانت في حالة انحسار: الكونت مترنيخ النمساوي الذي صاغ كونغرس فيينا (1814 - 1815)، والذي نجح في إرساء الاستقرار على مستوى أوروبا على امتداد قرابة قرن. وقد وصفه هنري كيسنغر في كتابه «عالم جرت استعادته» الذي نشره عام 1957 على النحو التالي: «كانت عبقريته كامنة في استغلال ما لديه، وليس عبقرية إبداعية. لقد برع في التلاعب والتأثير على الآخرين، وليس في البناء». وكان مترنيخ يفضل «المناورات الخفية على الهجوم المباشر». هل يذكركم هذا الوصف بالرجل الذي زار واشنطن هذا الأسبوع؟
لقد أخبرنا ماكرون أنه يعتبر نفسه مثل ترمب، لأن كليهما يضطلع بدور شجاع داخل نظامه. وربما يمكنه إضافة أن كليهما بارع في الاستغلال، وأن كلاً منهما ربما عثر على سبيل نحو استغلال الآخر.

نقلا عن الشرق الاوسط اللندنية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل يستغل ترمب وماكرون كلٌّ منهما الآخر هل يستغل ترمب وماكرون كلٌّ منهما الآخر



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب
  مصر اليوم - النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 09:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام
  مصر اليوم - ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام

GMT 10:25 2021 الأربعاء ,05 أيار / مايو

فساتين أنيقة بتصاميم مختلفة لربيع وصيف 2021

GMT 17:19 2021 الأربعاء ,14 إبريل / نيسان

طقس الأربعاء حار نهارًا ولطيف ليلًا في أسوان

GMT 04:30 2021 الثلاثاء ,30 آذار/ مارس

أفضل وجهات سفر لعشاق المغامرات

GMT 11:54 2021 الأحد ,07 آذار/ مارس

طريقة عمل مكرونة بصدور الدجاج

GMT 10:40 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

محمد شريف يحتفل ببرونزية كأس العالم للأندية

GMT 01:06 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

تلميذات يتخلصن من زميلتهن بالسم بسبب تفوقها الدراسي في مصر

GMT 21:22 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

مرور 17 عام على انضمام أبو تريكة للقلعة الحمراء

GMT 09:42 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

كرات اللحم المشوية

GMT 06:57 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

جماهير أرسنال تختار محمد النني ثاني أفضل لاعب ضد مان يونايتد

GMT 18:47 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تغيير اسم نادي مصر إلى "زد إف سي" بعد استحواذ ساويرس

GMT 07:26 2020 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

سعر الدولار في مصر اليوم الأربعاء 21تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:31 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

لعنة الغيابات تضرب بيراميدز قبل مواجهة الطلائع في الكأس

GMT 07:46 2020 الأحد ,11 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الأسماك في مصر اليوم الأحد 11 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:43 2020 الجمعة ,09 تشرين الأول / أكتوبر

فنانة شابة تنتحر في ظروف غامضة

GMT 21:14 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

مؤشرا البحرين يقفلان التعاملات على ارتفاع
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon