توقيت القاهرة المحلي 12:48:29 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«إنّا هنا باقون، فلتشربوا البحرا»

  مصر اليوم -

«إنّا هنا باقون، فلتشربوا البحرا»

بقلم - موسى برهومة

تحقق المقاطعة الثقافية والأكاديمية لإسرائيل نجاحات متتالية تبعث على الإيمان بأنّ قوة الخير في هذا العالم المضطرب ما زالت نابضة، وأنّ شجرة الحق تضرب جذورها في الأرض، مهما عصفت الرياح.

الحاجة إلى تعزيز قيم العدل تغدو في هذه اللحظات أمراً ضرورياً، بعدما اقترب اليأس من هدم آخر معاقل الأمل، وبعدما عربدت القوة بكل صلف؛ فلم تكتف بالقتل والتشريد وسرقة الأراضي والبيوت وأشجار الزيتون، بل أيضاً سلب التاريخ والذكريات، وتأثيث المستقبل بالأكاذيب.

المقاومة المدنية لمشروع الاحتلال جزء أصيل من نضال الشعوب الحية ضد سائر أشكال الاستعمار والعبودية وتدمير السيادات الوطنية. فعل الأمر في الزمن المعاصر غاندي، وعلى دربه سار مانديلا، وعلى خطاهما تنهض دروب مقاومة مدنية تعمل بوتيرة حضارية من أجل تعرية الظلم والاستبداد، والحيلولة دون تكريم القتلة ومكافأتهم على جرائمهم. بهذه اللغة، خاطبت الحملة الفلسطينية للمقاطعة الأكاديمية والثقافية لإسرائيل، المغنية الأميركية لانا دل راي التي أعلنت، مطلع الشهر الجاري، إلغاء حفلها الغنائي المقرر، ضمن مهرجان «Meteor» للموسيقى في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ 1948 بالجليل الأعلى.

واستطاعت حركة مقاطعة إسرائيل (BDS) تحقيق نجاحات لافتة، لأنها اعتمدت طرائق إبداعية مبتكرة في مخاطبة الوجدان العالمي، استناداً إلى الوثائق والحقائق ومنظومة حقوق الإنسان، وحق الفلسطيني أن يعيش بحرية وكرامة في وطنه التاريخي. وترمي الحركة، كما يقول موقعها الإلكتروني، إلى «مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها»، حيث نجحت الحركة في «بداية عزل النظام الإسرائيلي أكاديمياً وثقافياً وسياسياً، وإلى درجة ما اقتصادياً كذلك، حتى بات هذا النظام يعتبر الحركة اليوم من أكبر (الأخطار الاستراتيجية) المحدقة به». ومنذ أن صدر في 9 تموز (يوليو) 2005، النداء الفلسطيني لمقاطعة إسرائيل، والحركة تنمو وتتطور وتؤرق الكيان الإسرائيلي وتعرّي مزاعمه باعتباره «واحة الديموقراطية» في المنطقة العربية.

الحركة حققت منذ انطلاقتها نجاحات تحيي العزائم، كان من أحدثها انسحاب شركة اتصالات فرنسية ضخمة من السوق الإسرائيلي، وفعلت الأمر ذاته كنائس أميركية كبرى، واتخذ الاتحاد الأوروبي تدابير ضد المستعمرات الإسرائيلية، بحيث يمتنع عن تمويل الشركات والجهات الإسرائيلية المقامة في المستعمرات غير الشرعية في الأراضي المحتلة عام 1967. أضف إلى ذلك قيام جامعة جوهانسبورغ عام 2011، بقطع علاقاتها مع جامعة بن غوريون الإسرائيلية استجابة لدعوات من 400 أكاديمي جنوب أفريقي.

وفي عام 2013، قرر العالم البريطاني الشهير الراحل ستيفن هوكينغ الانسحاب من مؤتمر نظّم برعاية الرئيس الإسرائيلي، آنذاك، شيمون بيريز.

وقاطع الكيان الإسرائيلي في هذا السياق آلافُ الفنانين والكتّاب من سائر أنحاء العالم، من بينهم روجر ووترز وأليس ووكر. وقام نجوم مشهورون مثل لورين هيل وإلفيس كوستيلو وفانيسا باراديس بإلغاء عروض لهم كانت مقررة في تل أبيب.

وفي عام 2014، علقت الحكومة التشيلية المحادثات في شأن اتفاقية التجارة الحرة مع إسرائيل خلال الهجوم الإسرائيلي على غزة، بعد حملات من برلمانيين وفلسطينيين مقيمين في التشيلي. كما قطعت بوليفيا وفنزويلا علاقاتهما الديبلوماسية مع إسرائيل، ورفضت البرازيل تعيين أحد قادة المستعمرات كسفير إسرائيلي في البلاد.

الإنجازات كبيرة، ويصعب حصرها في مقالة صحافية. ولعل ما يعانيه الفلسطينيون في هذا اللحظة الصعبة من تراكم مشروعات التسوية وتجفيف منابع الدعم للأونروا، ووضع سيناريوات لحل الصراع مع إسرائيل لا تتسم بالعدالة والمنطقية، يستدعي أن تنشط حركة المقاطعة وحركة المقاومة المدنية لفضح تلك المخططات التي تتعامل مع مصائر البشر والأوطان باعتبارها صفقة تجارية بين شركات. ومن الضروري أن يستلهم الفلسطينيون ويتمثلوا الحكمة العظيمة «إنّا هنا باقون، فلتشربوا البحرا»!

نقلا عن الحياة اللندنية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«إنّا هنا باقون، فلتشربوا البحرا» «إنّا هنا باقون، فلتشربوا البحرا»



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 15:05 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي
  مصر اليوم - شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 08:11 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:32 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

والدة الفنان المصري عمر كمال تكشف موقفها من عمله

GMT 09:42 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على قائمة الإجازات الرسمية 2021 في مصر

GMT 02:51 2020 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة لاعب الأهلي المصري محمد أشرف بكورونا

GMT 20:23 2020 الأربعاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

طوارئ في قرية في محافظة قنا بسبب كورونا

GMT 18:31 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

مورينيو يوضح إصابة سون هي الأولى فقط المزيد قادم

GMT 09:49 2020 الإثنين ,27 تموز / يوليو

جيونبك يعزز موقعه في وصافة الدوري الكوري
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon