توقيت القاهرة المحلي 19:07:42 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الرى الحديث لأراضى الوادى والدلتا

  مصر اليوم -

الرى الحديث لأراضى الوادى والدلتا

بقلم - نادر نور الدين محمد

يتفنن الإنسان فى تعظيم الاستفادة من المياه العذبة المتاحة والتى لا تزيد على 0.03% فقط من إجمالى المياه فى العالم سواء مالحة فى المحيطات أو مجمدة فى القطبين أو غائرة فى جوف الأرض أو فيضانات مهدرة أو تتشبع وتبتل بها الأرض.

تطور فكر الإنسان للاستفادة من المياه العذبة القليلة على كوكب الأرض إلى رى النبات فقط بدلا من رى الأرض التى ينمو بها النبات وتشكل الأم الحنون التى يستمد منها غذاءه، ومن هنا كان فكر الرى بالتنقيط سواء أعلى سطح التربة أو أسفلها والذى يمد جذور النباتات فقط ومباشرة بالماء. ورغم الكفاءة العالية لهذه الطرق فى الرى إلا أنه تبين أنه لا توجد مياه رى فى العالم سواء سطحية أو جوفية خالية من الأملاح، فنهر النيل يضيف 3 أطنان من الأملاح للفدان سنويا عند معدلات رى بين خمسة إلى ستة آلاف م3 للفدان سنويا والتى توصى بها منظمة الأمم المتحدة للمياه فى المناطق الجافة الحارة مثل مصر حتى لا تتحول أراضيها إلى التملح والبوار بفعل البخر العالى للمياه وتراكم الأملاح بالتربة. وبالمثل تضيف مياه المصارف الزراعية وأغلب الآبار ما بين 6 إلى 10 أطنان أملاح للفدان سنويا ينبغى غسيلها للحفاظ على التربة خصبة ومنتجة. هذا الأمر لاحظه المزارعون حيث يقوم الرى بالتنقيط بطرد محتوى المياه من الأملاح وأيضا الأملاح التى يذيبها فى التربة إلى آخر منطقة الابتلال التى يحدثها حول النبات وبعيدا عن جذور النباتات بما يؤدى إلى تراكم هذه الأملاح فى المسافات بين النباتات وبين الأشجار والتى لابد من غسيلها فى نهاية كل زرعة. وعلى الرغم من أن هطول الأمطار خير للزراعة إلا أنه عند مزارعى الرى بالتنقيط كارثة لأن الأمطار ستقوم بإذابة الأملاح التى طردها التنقيط بعيدا ويعيدها إلى جذور النباتات فتموت وتحترق ولا وسيلة لهم لوقف هذا الضرر إلا بتشغيل نظام الرى بأقصى طاقته لإعادة دفع هذه الأملاح التى جلبتها الأمطار بعيدا عن جذور النباتات مرة أخرى وبهذا نكون قد أضعنا ما وفرناه من المياه.

أجتهد الإنسان مرة أخرى ليخلق ظروفا أفضل من التنقيط المناسب أكثر للأراضى الرملية لسهولة غسيلها بينما الأمر صعب فى الأراضى الطينية ضيقة المسام وصعبة الغسيل  والتى تحافظ على المياه والأملاح فى مسامها الضيقة ضد الجاذبية الأرضية وبالتالى يصعب غسيلها بماء الرى الذى يتحرك بقوة الجاذبية. خلق الإنسان نظاما يربط بين الرى بالرش والتنقيط وهو الرى المحورى أو البيفوت والذى يحمل رشاشات لرى التربة بالرش مع خراطيم مدلاة أشبه بخراطيم الرى بالتنقيط لرى النباتات وبالتالى جمع بين رى النباتات ورى التربة للحفاظ على خصوبة التربة التى تمثل رأس مال المزارع. المشكلة فى طرق الرى الشحيح من رش وتنقيط هى تكاليفها المرتفعة والتى تتراوح بين 12 إلى 20 ألف جنيه للفدان وينبغى إحلالها كل خمس سنوات بما يعنى زيادة بنحو ثلاثة آلاف جنيه سنويا على تكاليف الزراعة للفلاح تمثل عبئا كبيرا فى ظل محدودية أرباح الزراعة وانخفاضها، وبالتالى فالأمر حائر بين حتمية دعم الدول لهذه الأنظمة توفيرا للمياه، أو ما بين تحمل المزارع تكاليف تطوير شبكات الرى مقابل رفع أسعار بيع منتجاته فيرتفع معها أسعار الغذاء فوق قدرات البعض ونعود إلى معضلة محاربة الجوع والفقر، وأيضا الجوع المستتر الناتج عن ارتفاع أسعار الغذاء وليس عن نقص توافر الغذاء.

فى أراضى الوادى والدلتا الطينية والتى تحتفظ بالمياه وما بها من أملاح على خلاف الأراضى الرملية، والتى تتوزع بنحو 4.5 مليون فدان فى الدلتا وأقل من مليونى فدان فى أراضى الصعيد من الجيزة وحتى أسوان فالأمر يختلف كثيرا، فنهر النيل يعمل فى الصعيد كترعة وصرف معا فجميع مياه الصرف الزراعى لأراضى الصعيد تعود ثانية إلى نهر النيل وتخفف بتيار المياه المتجدد يوميا والقادم من السد العالى، أما أراضى الدلتا فتغطى بشبكة جيدة للصرف للزراعى والتى تستقبل الزائد من مياه الرى بما تحمله من الأملاح الناتجة من رشح المياه المالحة للبحر المتوسط أو نشع المياه الجوفية التى لا يزيد عمقها على متر واحد أو من مياه الرى سواء من النيل أو الآبار أو مياه المصارف الزراعية، وبالتالى فهى تحتاج لغسيل هذه الأملاح دوريا وبانتظام ولذلك فنحن علميا لا نرغب فى رفع كفاءة الرى فى الأراضى الطينية صعبة الغسيل والاستصلاح إلى أكثر من 75% لنغسل منها ما نضيفه إليها أو يأتيها من أملاح حتى تظل منتجة وخصبة، ولنترك طرق الرى الشحيح للأراضى الرملية متسعة المسام سهلة الغسيل  ذات الاحتفاظ القليل بالمياه وما تحمله من أملاح، فالرى الشحيح فى الأراضى الطينية يوفر المياه ولكن يدهور التربة.

الفاقد الفعلى والكبير للمياه ليس بسبب الرى بالغمر كما يتصور البعض ولكنه يتم خلال شبكة الترع المفتوحة غير المبطنة بطول 30 ألف كم والتى تفقدنا 30% من المياه وهو رقم عالمى وليس مصريا ويصل بالفاقد فى مصر إلى 19 مليار م3 سنويا عبر رحلة المياه فى الترع الطويلة من السد العالى وحتى الدلتا بينما إعادة استخدام مياه المصارف فى الرى تعيد المياه عدة مرات للأرض بدون فقد، ولنستفد بتجربة الهند التى بطنت الترع فمنعت الفقد بالرشح العميق من الترع ثم غطتها بشبكة عدسات الطاقة الشمسية فمنعت البخر وأمدت القرى بالكهرباء المتجددة.

نقلا عن المصري اليوم 

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الرى الحديث لأراضى الوادى والدلتا الرى الحديث لأراضى الوادى والدلتا



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 00:02 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

انسجام لافت بين إطلالات الملكة رانيا والأميرة رجوة
  مصر اليوم - انسجام لافت بين إطلالات الملكة رانيا والأميرة رجوة

GMT 11:23 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
  مصر اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 20:28 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

قصف إسرائيلي على مناطق جنوب لبنان بعد هجوم لحزب الله
  مصر اليوم - قصف إسرائيلي على مناطق جنوب لبنان بعد هجوم لحزب الله

GMT 10:20 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

سوسن بدر تخوض تجربة فنية جديدة
  مصر اليوم - سوسن بدر تخوض تجربة فنية جديدة

GMT 11:08 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024
  مصر اليوم - الكشف عن قائمة بي بي سي لأفضل 100 امرأة لعام 2024

GMT 19:42 2019 الثلاثاء ,25 حزيران / يونيو

قلق في "أرامكو" بسبب هجمات الخليج وارتفاع سعر النفط

GMT 02:08 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

مي عمر تكشف عن حقيقة علمها بمقلب "رامز في الشلال"

GMT 07:15 2019 الثلاثاء ,19 شباط / فبراير

كشف غموض وفاة 22 عالمًا بعد فتح مقبرة توت عنخ آمون

GMT 10:06 2019 الجمعة ,25 كانون الثاني / يناير

رسالة حسن الرداد إلى محمد رمضان بعد أغنية "نمبر وان"

GMT 22:21 2019 الإثنين ,21 كانون الثاني / يناير

روبرتو فيرمينو يُجدد شكره لزميله "محمد صلاح"

GMT 06:52 2019 الأحد ,20 كانون الثاني / يناير

"مشاهير حول العالم راحوا ضحية "الالتهاب الرئوي

GMT 11:08 2018 الأحد ,23 كانون الأول / ديسمبر

تعرَّف على أنواع السيارات الأكثر مبيعًا في عام 2018

GMT 15:10 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

علامة "كايلي" و"كاندال" تطلق حقائب زهيدة الثمن

GMT 14:17 2018 السبت ,06 تشرين الأول / أكتوبر

تعرفي على أفكار إضاءة رائعة لحفلة زفافك الخارجية

GMT 10:13 2018 الجمعة ,07 أيلول / سبتمبر

اكتشفي طرق مختلفة لتحضير الفول
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon