توقيت القاهرة المحلي 00:03:06 آخر تحديث
  مصر اليوم -

هل نستعد لهذا اليوم: تخفيض حصة الزراعة من المياه؟

  مصر اليوم -

هل نستعد لهذا اليوم تخفيض حصة الزراعة من المياه

بقلم - نادر نور الدين محمد

مع العجز المائى الكبير، البالغ 42 مليار م3 سنوياً، والذى أجبرنا على إعادة استخدام مياه الصرف الزراعى والصحى والصناعى، على حساب صحة التربة الزراعية وسلامة الغذاء والصحة العامة، ومع تغيرات المناخ وارتفاع حرارة منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أربع درجات مئوية خلال الخمسين عاماً الماضية «مقارنة بدرجة ونصف الدرجة فى العالم»، بما يعنى انخفاض الموارد المائية فى المنطقة بنسبة 6%، وتراجع إنتاجية الغذاء بنسبة 12- 20%، وزيادة تملُّح الأراضى الزراعية وتراجع إنتاجيتها، فإن الأمر يتطلب أن نعيد النظر فى سياسات اقتصاديات استخدامات المياه فى مصر.

وعلى قدر تضرر دول المناخ الحار والجاف من أمثالنا من تغير المناخ، إلا أن دول المناخ البارد فى شمال أوروبا وكندا وروسيا قد تستفيد من ارتفاع حرارة كوكب الأرض، حيث سينتهى زمن تكوُّن الجليد شتاء والانخفاض الكبير فى درجة الحرارة فى الشتاء إلى ما دون الصفر بثلاثين وأربعين درجة، وتنعم هذه الدول الآن بجو أكثر دفئاً شتاء، ولا تنخفض الحرارة إلى ما دون الصفر إلا نادراً، مع زيادة مواردها المائية بسبب زيادة الأمطار. هذا الأمر سيُمكِّن هذه الدول من زراعة ما تحتاجه من خضروات وفاكهة فى فصل الشتاء، وبعد أن أصبح ذلك الآن ممكناً، وبعد نجاح أول رحلة بحرية بين آسيا وشمال أوروبا وصولاً إلى كندا عبر المحيط المتجمد الشمالى، الذى أصبح غير متجمد. هذا الأمر سيؤثر كثيراً على صادراتنا إلى دول أوروبا وروسيا وغيرها، خاصة من الخضروات الطازجة مثل البطاطس والبصل والثوم والموالح والفراولة والطماطم ونحو 47 نوعاً من الخضروات بسبب نجاح زراعتها هناك وبدون الصوبات الزراعية كاملة التكييف.

لم يقتصر أمر الأضرار فى مصر على الاحترار العالمى فقط، ولكن تزيد من تأثيره الزيادة السكانية، التى تضغط على الموارد المتاحة والمحدودة، بما يعمق من الإحساس بنقص المياه مستقبلاً ونسب توزيعها بين القطاعات الإنتاجية والخدمية، حيث تستهلك الزراعة 85% من إجمالى مواردنا المائية الكلية «وليس من مياه النيل فقط»، بينما تستهلك الصناعة والاستهلاك المنزلى والمحليات «مستشفيات ومدارس وجامعات..».

والحفاظ على البيئة نحو 15% فقط. ويشير الواقع الذى ينبغى أن نفكر فيه وبعمق بخصوص مستقبل واقتصاديات وواقع استخدامات المياه فى مصر إلى حاجة مصر إلى التوسع فى بناء المساكن لاستيعاب الزيادة السكانية، ومعها المدارس والجامعات والمستشفيات والمراكز الخدمية.

وبالتالى فلا يمكن لنا السحب من مخصصات المياه لهذا القطاع، حيث مازال يعانى الكثيرون نقصاً واضحاً فى توافر مياه الشرب سواء فى المدن الكبرى أو المحافظات، بل إن الحاجة ماسّة لزيادتها لملاحقة زيادة الطلب عليها فى هذا القطاع.

وتطبيقاً لمبدأ الحق فى المياه، والذى أقرته الأمم المتحدة. ولا يمكننا أيضاً السحب من مياه قطاع الصناعة لأنها قليلة أصلاً، ولا تتجاوز 2.5 مليار م3 سنوياً، وعائدها المالى كبير يسهم بنحو 17.1% من إجمالى الناتج المحلى المصرى، بينما تسهم الزراعة بنحو 11.7% فقط.

والبلد فى حاجة ماسّة إلى التوسع فى الصناعة عالية العائد وعالية استيعاب العمالة والأعلى فى الدخول للعمالة.

من هذا المنطلق، فإن القطاع الزراعى، الذى يستهلك معظم مياه مصر، هو المرشح الوحيد للسحب منه لملاحقة متطلبات المنازل والتوسع الصناعى.

وعلينا أن نستعد ونجهز هذا القطاع من الآن عبر سياسات ترشيد استخدامات المياه ورفع كفاءة الرى ورفع كفاءة نقل المياه عبر الترع المفتوحة، ثم عبر رفع كفاءة النباتات فى استخدام المياه عبر تقليل موسم نموّها إلى أربعة أشهر بدلاً من ستة فى أغلب الحاصلات الاستراتيجية.

وأيضاً استنباط الأصناف الجديدة الأكثر تحملاً للعطش وارتفاع درجات الحرارة والأعلى محصولاً، مع العمل الجاد على رفع إنتاجية الأراضى الحالية ومضاعفتها عبر زراعة التقاوى عالية الإنتاجية وتوفير الأسمدة ومستلزمات الإنتاج وقت احتياجها، مع تحديث الزراعة وإدخال الآلة فى جميع مراحل الإنتاج والحصاد توفيراً للعمالة الكبيرة، التى تستنزف غالبية نفقات وتكاليف الزراعة، والتى تجعل زراعة بعض المحاصيل فى مصر غير اقتصادية، ويصبح استيرادها أرخص من زراعتها مثل الذرة الصفراء.

فى السنوات العشرين السابقة، أقر البنك الدولى حق بيع المياه، وحوّلها إلى سلعة بدلاً من كونها خدمة مجانية.

كما أرسى مبدأ تسعير المياه للمزارعين أسوة بمياه الشرب ومياه المصانع، ولو بعنا المياه للمزارعين لطالبتنا دول المنابع بثمن المياه التى تصل إلينا.

وسبق لبرلمان أوغندا أن طالب بذلك!، بل قدّر البنك الدولى سعر بيعها بأن يتساوى مع أسعار تحلية مياه البحر السائدة، أى فى حدود ما بين 12 و15 جنيهاًَ للمتر المكعب، «60- 80 سنتاً أمريكياً».

والأمر يعنى ألا يقل عائد استخدامات المياه فى أى قطاع إنتاجى مستقبلاً سواء زراعة أو صناعة عن ضعف هذا الرقم، أى ما بين 25 و30 جنيهاً، بينما العائد فى قطاع تربية الدواجن حالياً لا يزيد على 6 جنيهات، وفى قطاع المواشى أربعة جنيهات.

وفى قطاع الزراعات الاستراتيجية والخضروات ما بين 5 و10 جنيهات، والقمح 4 جنيهات، والأرز 10 جنيهات!، والأمر يستلزم التحول إلى زراعات الصوبات الاقتصادية المخطط لها جيداً، بالإضافة إلى ترشيد الاستخدامات وتنمية الموارد ورفع كفاءة الاستخدام، مع سرعة التحول إلى الصناعة على المياه الجوفية المكتشفة حديثاً، والتى تحقق عائداً لا يقل عن 50 جنيهاً فى استخدام المتر المكعب من المياه، وتعطى ثلاثين ضعفاً من عائد الزراعة، مع الاهتمام بمضاعفة إنتاجية الأراضى القديمة، والتى تُعتبر استصلاح أراضٍ رأسياً، أى أن محصول 8.5 مليون فدان يصبح وكأنه محصول 11 مليون فدان.

والبُعد عن التفكير فى زراعة الصحراء أو تحلية مياه البحر المكلفة، والتى يقتصر إنتاجها على الدول الغنية والبترولية فقط بفلسفة الحفاظ على حياه البشر وليس إحداث تنمية.

نقلا عن المصري اليوم

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل نستعد لهذا اليوم تخفيض حصة الزراعة من المياه هل نستعد لهذا اليوم تخفيض حصة الزراعة من المياه



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

نجوى كرم بإطلالات استثنائية وتنسيقات مبهرة في "Arabs Got Talent"

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 10:38 2024 الجمعة ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

وصول قوات سعودية للمشاركة بتمرين "السهم الثاقب 2024" في مصر
  مصر اليوم - وصول قوات سعودية للمشاركة بتمرين السهم الثاقب 2024 في مصر

GMT 13:37 2024 الجمعة ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

مكون غذائي يساعد في تسريع تعافي العضلات بعد التمرين
  مصر اليوم - مكون غذائي يساعد في تسريع تعافي العضلات بعد التمرين

GMT 00:02 2024 السبت ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

هيفاء وهبي تعود بعد 7 سنوات بمية دهب
  مصر اليوم - هيفاء وهبي تعود بعد 7 سنوات بمية دهب

GMT 06:54 2024 الجمعة ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

غوتيريش يؤكد أن الأمم المتحدة مستعدة للعمل مع ترامب
  مصر اليوم - غوتيريش يؤكد أن الأمم المتحدة مستعدة للعمل مع ترامب

GMT 15:58 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين الجسمي يحتفي بيوم العلم الإماراتي

GMT 09:04 2024 الأحد ,27 تشرين الأول / أكتوبر

فولكس واغن تعيد إحياء علامة الأوف رود الأميركية "سكاوت"

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:47 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 08:11 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

هيفاء وهبي بإطلالات متنوعة ومبدعة تخطف الأنظار

GMT 10:40 2024 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

هيدي كرم تتحدث عن صعوبة تربية الأبناء

GMT 04:30 2024 الثلاثاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

قائمة الفائزين بـ"جوائز الكرة الذهبية" 2024

GMT 07:31 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

نوريس يفوز بجائزة ميامي لسباقات فورمولا 1
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon