توقيت القاهرة المحلي 13:28:44 آخر تحديث
  مصر اليوم -

فلسطين وإيران والـ «بوليساريو»

  مصر اليوم -

فلسطين وإيران والـ «بوليساريو»

بقلم - عبدالله ناصر العتيبي

 يقول حزب الله رداً على قرار المغرب قطع علاقاته الديبلوماسية بإيران، إنه كان على الخارجية المغربية أن تبحث عن حجة أكثر إقناعاً لقيامها بهذا الإجراء.

قد تبدو هذه الجملة شوهاء ورديئة ومستفزة ومتصادمة مع منطق العلاقات بين الدول، لكن خضوعاً لواقع المنطقة في الوقت الراهن، فإننا قد نمرر لحزب الله هذا «التجديف الكلامي»، ونعتبره إفرازاً طبيعياً لعجز بعض الحكومات العربية عن الفصل بين المصالح الوطنية الخالصة والمكاسب السياسية الرخيصة لفئة حزبية دون أخرى.

حزب الله وإيران في هذه الأجواء الموبوءة يعتقدان أن التوغل الاستخباراتي والتدخل السياسي في الشؤون الداخلية لأي بلد عربي، تحت غطاءات مدنية ودينية مزيفة، هو حق مكتسب لهما بحكم سيطرتهما الجزئية على بعض المفاتيح المتجردة من عروبتها هنا أو هناك، ويظنان أنه لا ينبغي أن يُواجه هذا التدخل بإجراءات تصعيدية من أي نوع.

هذا أمر مفهوم، وخبرناه ولمسناه على أرض الواقع خلال السنوات الماضية. الأمر غير المفهوم، والذي لا يمكن أن يمر مرور الكرام في بيان حزب الله الأخير هو ربط «طهرانية وبراءة» إيران بالقدس! وذلك من خلال الإشارة إلى أنه كان من الحكمة ألّا يتخذ المغرب هذا الموقف ضد «إيران، التي تدعم وتقف إلى جانب القضية الفلسطينية وتساندها بكل قوة» كما جاء نصاً في البيان!

والسؤال المهمان الملحان هنا هما، ما الذي حشر القضية الفلسطينية هنا بين المغرب وإيران وحزب الله وجبهة البوليساريو في أقصى غرب القارة الأفريقية؟ وهل فعلاً تقف إيران وتدعم القضية الفلسطينية مثلما يقول بيان حزب الله؟

أراد حزب الله من إدخال «القدس والفلسطينيين» في هذه القضية، التشويش على الموقف المغربي الأخير من خلال افتعال حالة مواجهة بين «رئاسة المغرب الدائمة والتاريخية للجنة القدس» و «الدعم الإيراني المزعوم للقضية الفلسطينية»، لصناعة منصة متوهمة تحمل حقيقة متوهمة تنص على أن الاتفاق في القضية الأعلى يمنع عدم الاتفاق في القضية الأدنى والأقل أهمية.

يعرف الكثير منا أن بيان حزب الله ليس موجهاً لحكومة المغرب ولا لأي من الحكومات العربية الأخرى، وإنما هو موجه في الأساس للشعوب العربية التي يحلم الحزب وإيران بتجنيد أفرادها مستقبلاً في مشروعهما الإقليمي، لذلك جاءت القضية الفلسطينية هنا بكامل حلتها الحروفية للتلبيس على المواطن العربي من جهة، والتشكيك من جهة مقابلة في حقيقة الموقف المغربي، الذي يقول عنه البيان إنه جاء بدفع من ثلاث حكومات هي الأميركية والإسرائيلية والسعودية. واستخدم الحزب في بيانه هذه الدول الثلاث تحديداً لأن كل واحدة منها تصنع له فضاء كاذباً يستطيع به أن يخدع بعض الناس لبعض الوقت. فأميركا تمثل «شراً» في مقابل القومية العربية، وإسرائيل هي المسؤول الأول عن الشقاء الفلسطيني الذي تقابله إيران بالرعاية. أما السعودية، فلأن مرجعيات الحزب في الأساس تقوم على معاداتها والوقوف ضدها، إذ لا حزب ولا عمائم في لبنان إن لم يكن هناك عداء للسعودية!

وإجابة على السؤال الثاني، فإن الكثير يعرف أن إيران لا تدعم القضية الفلسطينية، وإنما تدعم فصائل فلسطينية معينة لشق عصا الموقف الفلسطيني العروبي، وإبقائه ضعيفاً غير قادر على حمل قضية العرب الأولى إلى الأمام. تفعل إيران ذلك لتحقيق ثلاث غايات رئيسية: صنع حالة امتداد جنوبية لحزب الله، وإضعاف التيارات القومية العربية الفلسطينية المناوئة لإيران من خلال خلق حالة شقاق داخلي دائم، واستخدام أتباعها في الأرض المحتلة لمناكفة ومشاكسة الدول العربية التي تقف بحزم ضد التدخلات الإيرانية في المنطقة.

بدأت إيران بحزب الله في لبنان، ثم ذهبت إلى البحرين بجمعية الوفاق، ودخلت اليمن تحت غطاء الحوثي، وتغلغلت في العراق باسم الحشد الشعبي، وها هي تحط الرحال أخيراً وليس آخراً في المغرب العربي تحت عباءة البوليساريو! تبحث عن التنظيمات خارج الدولة لتتبناها من أجل تقسيم وتجزيء هذه الخريطة المقسمة المجزأة. لا تضع يدها في يد الحكومات الشرعية هروباً من الندية والتكافؤ وما يحملان من واجبات وحقوق، وإنما تعقد الصفقات مع التنظيمات المسلحة وترعاها لضمان ارتهانها في المستقبل للقرار «الفارسي» في حال استطاعت هذه التنظيمات القفز على السلطة واختطافها. تفعل إيران هذه الخروقات المستمرة ثم يأتي حزب الله ويقول: ليت المغرب بحث عن حجة أكثر إقناعاً من حجة دعم البوليساريو!! بل ليت اللبنانيين يقطعون العلاقات الديبلوماسية مع حزب الله حتى وإن تطلب الأمر اعتبار الضاحية الجنوبية لبيروت والجنوب اللبناني تحت الاحتلال الإيراني.

نقلا عن الحياة اللندنية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فلسطين وإيران والـ «بوليساريو» فلسطين وإيران والـ «بوليساريو»



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 15:05 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي
  مصر اليوم - شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 08:11 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:32 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

والدة الفنان المصري عمر كمال تكشف موقفها من عمله

GMT 09:42 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على قائمة الإجازات الرسمية 2021 في مصر

GMT 02:51 2020 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة لاعب الأهلي المصري محمد أشرف بكورونا

GMT 20:23 2020 الأربعاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

طوارئ في قرية في محافظة قنا بسبب كورونا

GMT 18:31 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

مورينيو يوضح إصابة سون هي الأولى فقط المزيد قادم

GMT 09:49 2020 الإثنين ,27 تموز / يوليو

جيونبك يعزز موقعه في وصافة الدوري الكوري
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon