بقلم : سيد محمود
قبل عشر سنوات كان عدد الدارسين للغة العربية والأدب العربى فى قسم اللغات الشرقية بجامعة يريفان الأرمينية يزيد عن ٧٠ طالبا سنويا لكن هذا الرقم تراجع رغم أن سوق العمل يشير إلى زيادة أعداد السائحين العرب الوافدين إلى أرمينيا وأغلبهم من دول الخليج خاصة سلطنة عمان والإمارات العربية المتحدة والكويت بنسبة أقل وتحظى الإمارات بصورة متميزة بفضل وجود مستثمرين إماراتيين يعملون فى قطاع الزراعة أو بناء المراكز التجارية الكبرى التى بدأت تغير شكل المدينة القديمة لكنها فى المقابل ترضى طموح الشباب الأرمنى الراغب فى خلق صورة جديدة لبلادهم الناهضة.
وعبر السنوات الاخيرة ضاعف الأرمن من اهتمامهم السياسى بالعالم العربى لكن هذا الاهتمام لم يقابل باهتمام مماثل من بلداننا الغارقة فى أزماتها الداخلية.
وباستثناء مبادرات كريمة من الشيخ سلطان القاسمى حاكم الشارقة لترميم بعض الكنائس والمبانى التاريخية لا يتذكر الأرمن أكثر من التاريخ المشترك فى الإشارة لطبيعة العلاقات بينهم وبين العالم العربى، ولا تزال الجامعات فى ارمينيا تفتقر لحضور جيد للثقافة العربية
الدكتورة أراكس باشايان التى تعمل خبيرة فى معهد الاستشراق قالت لى إن سعيهم لا يتوقف لبناء علاقة شراكة مع المراكز البحثية الشبيهة وعلى رأسها مركز الاهرام للدراسات السياسية، لكن خطوات التنفيذ تعانى من بعض التعثر بسبب صعوبة تمويل المشروعات المشتركة.
ومن اللافت أن حضور الادب العربى فى أرمينيا شبه منعدم حيث لا تزال الدراسات معطلة عند محطة الادب الحديث فالأدب المعاصر شبه مجهول رغم عمق الصلات بين الأرمن وعالمنا العربى رغم تزايد الروايات العربية التى تبرز دور الأرمن فى نسيج الحياة العربية، سيما الادب اللبنانى المعاصر.
وفِى نقاش مع الدكتورة صونة تونيكيان التى تعد أبرز متخصصة فى الشئون العربية قالت لى:
(نجيب محفوظ بجلالة قدره لم يترجم له إلى الأرمينية أكثر من عملين وأن طلابها ربما لا يعرفون غيره هو وجبران خليل جبران، لأن الترجمة الأدبية عمل مجهد ويحتاج لتفرغ لكنه لا يجلب عوائد مالية كبيرة لذلك يفضّل الباحثون العمل فى مجالات أخرى ورغم كل شىء وجدت الترجمة التى صدرت قبل ٣ سنوات لرواية رادوبيس لنجيب محفوظ نجاحا كبيرا قد يشجع على استكمال مهمة ترجمته أو ترجمة نصوص معاصرة ونجحت صونة فى إقناع طالبة معها لدراسة رواية (مولانا) لإبراهيم عيسى لمعرفة الصورة التى تقدمها لتحولات المجتمع المصرى وصورة الاسلام السياسى فيه.
لا تتوقف صونة عن تقديم صور الدعم لكل القادمين من بلاد العرب وتنظر لنفسها ولطلابها كرعاة للثقافة العربية وسفراء لثقافتهم التى تعرف نفوذها الروحى فى بلادنا وتعد نفسها من الآن لزيارة علمية تأخذها إلى القاهرة فى نوفمبر المقبل.
تريد صونة من طلابها الانخراط أكثر فى اكتشاف عالمنا العربى ولا تتوقف عن إدماجهم فى منح دراسية لمراكز تعليم اللغة العربية فى مصر وتنقل لى معاناة بعضهم مع اللهجات المحلية العربية المتحدة وهى مسألة تزيد من الفجوة مع ثقافتنا فالدارس يتعلم اللغة الفصحى لكنه يواجه باللهجات العامية فى الحياة اليومية وهو أمر يصنع (بلوك) أو صدمة لدى بعضهم
وأهم ما قالته لى صونة يتعلق بالقرآن الكريم حيث لا توجد ترجمة كاملة ودقيقة وأمينة للقرآن وما يتوافر فى المسجد الوحيد الذى تعرفه العاصمة يريفان نسخ أقرب لملخصات تعريفية وتقول صونة إن تفرغ فريق من المترجمين الاكفاء لإنجاز ترجمة جديدة للقرآن الكريم تتسم بالدقة والأمانة لن يكلف أكثر من ١٥٠ ألف دولار وهى مهمة تنتظر من يتبناها برعاية كريمة من الأزهر الشريف وشيخه الجليل.