توقيت القاهرة المحلي 13:28:44 آخر تحديث
  مصر اليوم -

شكرا ماجي مرجان

  مصر اليوم -

شكرا ماجي مرجان

بقلم : سيد محمود

أتاحت منصة نت فيلكس اخيرا مجموعة رائعة من الأفلام السينمائية التى صنعتها سينمائيات عربيات وكان للسينما المصرية فيها نصيب وافر يلائم تاريخها وحجم تأثيرها الكبير.
وقد لاحظت كما لاحظ غيرى الطفرة التى تعيشها هذه السينما فى بلدان مثل السعودية ولبنان والسودان وقد حقق سينمائيو هذا البلد الأخير قفزات نوعية مدهشة خلال الخمس سنوات ونال امجد ابو العلاء وصهيب عبدالبارى جوائز فى مهرجانات عالمية مهمة وضعت السينما السودانية فى مكانة فريدة وكشفت عن قفزة نوعية تحققت فى بلد عانى طويلا وافتقد أهله للفرص الإنتاجية وفضاءات العرض التى اتيحت لمبدعى البلدان الأخرى.
ويكفى للتأكيد على تميز السينما السودانية فى العام الأخير تأمل اللغة البصرية المبدعة فى فيلم (الست) لسوزانا ميرغنى وهو من بين الأفلام التى اتاحتها نت فيلكس أخيرا، ويصعب على المشاهد تفادى السحر فى الصورة وبقية عناصره.
وضمن هذه الباقة المتميزة من الأفلام نالت السينما المصرية نصيبا وافرا بالحصول على افلام متميزة منها (من القاهرة) لهالة جلال و(حمام ساخن) لمنال خالد و(هرج ومرج) لنادين خان و(احكى لى) لسارة الشاذلى وكلها افلام جميلة إلا أن الفيلم الذى جذبنى وأمتعنى بشكل خاص هو فيلم (من وإلى مير) للمخرجة ماجى مرجان.
وأعد هذا الفيلم أحد أجمل الأفلام التى شاهدتها خلال السنوات الأخيرة بفضل حساسيته الفائقة التى مس بها إحدى أكثر القضايا تعقيدا فى مصر المعاصرة وهى قضية الفقر والتنمية.
وميزة فيلم ماجى جاءت من الانتقال الناعم من السردية الخاصة إلى السردية العامة التى نعيشها فى واقعنا المحبط
الذى ينعكس على حالة أهالى قرية مير الواقعة فى محافظة أسيوط والتى تحظى بأغلبية سكانية من الأقباط الذين يعيشون فى البؤس ذاته الذى يعانى منه بقية الأهالى من المسلمين.
وبدافع تتبع الهاجس الشخصى فى حكايات الجدة بدأت المخرجة استعراض ملامح ذاكرة تفيض بالنوستالجيا عن صعيد مؤطر بذكريات تقارب عوالم السحر والأساطير وانتقلت بنا إلى واقعنا المعاصر حيث لم يعد هناك وجود لهذا العالم الساحر فى ظل الفقر الذى يدفع بالاغنياء والفقراء للقفز خارجه وللهجرة باختلاف الدوافع.
وجاءت الصورة التى صنعها زكى عارف بجمال نادر لتعزز معانى الذكرى وتؤطر المشاهد التى نراها بفيض من الشجن والحنين فالجانب الشخصى أضفى حميمية واضحة زاد من تأثيرها على الشاشة الحيوية والخفة التى تعاطت بها المخرجة مع ما تراه وترصده بشىء من التعاطف، فهى لا تنظر من الخارج تماما وبالتالى فالعين ليست أسيرة النظرة الاستشراقية التقليدية، لكن صاحبتها تحتفظ بمسافة فى التعامل مع الموضوع لتحافظ على إيقاع فريد يوازن بين ما هو وثائقى وما هو روائى وتكشف عن قدرات كبيرة فى تضفير حكايتها مع حكاية عائلة لوزة التى كانت ولا تزال واحدة من كبريات العائلات فى الصعيد وخرج من بين أفرادها أطباء مهرة أسسوا مستشفى بهمان للطب النفسى فى حلوان.
وتماثل عائلة لوزة غيرها من عائلات الصعيد مثل (مكرم عبيد وفخرى عبدالنور وحزين وأبوستيت) فى لعب دور تنموى كبير انطلاقا من أدوار أفرادها الذين نالوا حظهم من التعليم داخل وخارج مصر.
خرجت ماجى مرجان بفيلمها خارج إطار العائلة ووضعت قصتها فى الخلفية وانطلقت نحو شريحة أوسع من المواطنين الذين يعانون قسوة العيش ويتحايلون على شروطه القاسية وهكذا رأينا نموذج سمير القمص الذى يؤرخ لكل الوقائع التى تعيشها القرية وتابعنا أيضا رحلة العامل عبدالتواب وأفراد عائلته الساعين وراء فرص العيش أملا فى النجاة.
وعندما يصل المشاهد إلى مشهد النهاية سيجد نفسه أمام بيانو حكت عنه الجدة كثيرا وقت أن كان فى بيت لوزة وانتهى إلى أن أصبح قطعة موبيليا مهملة فى الكنيسة لكن المشاهد سيمتلك جدارية مدهشة لواقع الحياة فى قرية صعيدية تمزج الامل بالالم دون أن تفقد كل أسباب الجمال.
وأتحدى أن يمر الفيلم أمام أى مشاهد مهما بلغت ثقافته دون أن يفكر فى معايشة أبطاله الذين رافقتهم ماجى مرجان لنحو ١٣ عاما وعاشت معهم رحلة سقوط الأحلام وموت رومانى ابن عبدالتواب الذى يترك الشاشة وتبقى ابتسامته شاهدا حيا على قسوة الامل وهى وشم باقٍ لن تبدده أطياف الذكرى.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

شكرا ماجي مرجان شكرا ماجي مرجان



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 15:05 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي
  مصر اليوم - شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 08:11 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:32 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

والدة الفنان المصري عمر كمال تكشف موقفها من عمله

GMT 09:42 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على قائمة الإجازات الرسمية 2021 في مصر

GMT 02:51 2020 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة لاعب الأهلي المصري محمد أشرف بكورونا

GMT 20:23 2020 الأربعاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

طوارئ في قرية في محافظة قنا بسبب كورونا

GMT 18:31 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

مورينيو يوضح إصابة سون هي الأولى فقط المزيد قادم

GMT 09:49 2020 الإثنين ,27 تموز / يوليو

جيونبك يعزز موقعه في وصافة الدوري الكوري
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon