توقيت القاهرة المحلي 05:12:40 آخر تحديث
  مصر اليوم -

لبنان الكرامة والشعب العنيد

  مصر اليوم -

لبنان الكرامة والشعب العنيد

بقلم: سيد محمود

عدنا إلى عبودية نشرات الاخبار وصار الجلوس امام الشاشات طوال اكثر من اسبوع إدمانا بعد فترات من التعافى. أجبرتنا الأوضاع فى الجزائر والعراق ولبنان على ذلك، ننفق الساعات الطوال لقراءة عشرات المقالات او الاستماع لتحليلات الخبراء، ولانى اعرف لبنان اكثر من غيره فقد بات من الضرورى توجيه التحية للشعب اللبنانى الذى صمد لأكثر من عشرة ايام وقاوم عشرات التحذيرات ودعاوى الترهيب التى تهدد بقوى الداخل والخارج.
ولا يمكن لمن يعرف هذا البلد ان يُتهم أفراده بخوض مغامرة قد تصل بهم إلى الهاوية كما يروج البعض لهذه الفكرة ويستعمل مآل الثورات وانكسارها فى بلدان عربية اخرى كفزاعة لترهيب الناس هناك.
لم ينتقض اللبنانيون رغبة فى التنزه أو الاستعراض او تغيير (المود) وإنما تعبيرا عّن حاجات حقيقية وأملا فى تغيير الوجوه اللى شاخت فى مقاعدها وهى تحكم باسم الطائفة وليس باسم المواطنة.
وجوه رافقتنا بقدر أعمارنا وصرنا نميز أسماءها فى نشرات الاخبار ونحفظ مواقع تمركزها فى الأحياء والضواحى
وبفضل رغبتها فى الاستمرار صارت طبقة محصنة ولأجلها زيف السياسيون والإعلاميون وعينا بلبنان وأقنعونا بانه مقسم بالفعل
وأعجبتنا اللعبة ولم نخرج من محيط تأويلاتها.
واكبت طفولتنا الحرب الأهلية فحفظنا اسماء مدن واحياء لبنانية كثيرة ارتبطت بالاخبار ولما انتهت الحرب جزئيا باتفاق الطائف روجنا دون وعى لعبارات من نوعية (لبنان ليست بلدا لكنه مجرد اتفاق)، (لبنان مهنة وليست جنسية) عبارات صرنا اليوم اكثر إدراكا لطابعها العنصرى لكنها رغم ذلك كانت تعبيرا مجازيا عّن فكرة (التقسيم) التى كان يتم ترسيخها فى الوعى الجمعى العربى بطريقة لا يهم ان كانت عن وعى او لا وعى، فالمهم انها اقرت واقعا نجحت الثورة فى تعريته وهزيمة الوجوه التى تكلست فى أماكنها وعجز خيالها القديم عّن ادراك بلاغة الواقع الجديد وتجلياته.
واقع مأزوم على الصعيد الاقتصادى كانت تستخدم فيه ورقة المقاومة كفزاعة للترهيب او ضمانة لاستقرار (هش) لا قيمة له على ارض الواقع وهذه حقيقة ادركها اللبنانيون وادركوا معها أهمية التوقف عن تأليه زعامات لا تملك من امرها شيئا وتخوض حروبا بالوكالة تعبيرا عن مصالح بلدان اخرى.
وتختل قدرتها على احتواء الأوضاع بالخطابات الشعبوية التى أنهى الزمن صلاحيتها وأفقد مفعولها إلى الأبد.
فمن المفارقات اللافتة ان يفقد سعد الحريرى قدرته على تمثيل تياره السياسى فى نفس الوقت الذى تتراجع فيه كاريزما حسن نصر الله.
وعلى ما بينهما من الاختلافات يتساويان امام الشاشات وتصبح لأن أزمتهما واحدة هى الخروج من النفق.
وتعطى احداث النبطية إشارة دالة على حجم التغيير الذى تعيشه لبنان فقد كانت هذه المنطقة تدين بولاء مطلق للسيد حسن فيما هى اليوم ناطقة بلسان الثورة مثلها فى ذلك مثل نجوم الغناء والاستعراض الذين يستحقون تحية خاصة لاننا كنّا نظن انهم فى دائرة الأمان الاجتماعى وجاء انحيازهم للناس دليلا اضافيا على تلازم السياسى والاجتماعى فى حزمة واحدة.
وايا كانت النتائج فيكفى ان اللبنانيين فخرا انهم استردوا احساسهم بالعلم الوطنى ففى زيارات متعددة كنت اراهم وبالذات خلال بث مباربات كأس العالم يتصارعون تحت رايات اخرى لا تعنيهم.
وكان العلم اللبنانى متواريا فى خضم حمى التنافس والصراعات التى يشعلها فائض الاعلام الاخرى التى توارت كلها اليوم لصالح علم واحد ووحيد هو علم لبنان الذى أظهرته الثورة خفاقا.
فلا يمكن وصف ما جرى فى ساحات طرابلس وبيروت، الا بالثورة، فالاحتجاج كان يمكن وقفه بحزمة من الإجراءات الاقتصادية العاجلة بينما الثورة لا تتوقف وتبتكر حلولا لمحاولات حصارها لأن عليها ان تتواصل لتنجز مهمتها فى محو الطائفية وبقى عليها ان تنجز مهامها الاخرى الباقية فى إفراز الوجوه التى تكمل مهمة (علمنة لبنان) فهو وحده البلد المؤهل لذلك بتركيبته.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لبنان الكرامة والشعب العنيد لبنان الكرامة والشعب العنيد



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب
  مصر اليوم - النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 09:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام
  مصر اليوم - ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام

GMT 10:25 2021 الأربعاء ,05 أيار / مايو

فساتين أنيقة بتصاميم مختلفة لربيع وصيف 2021

GMT 17:19 2021 الأربعاء ,14 إبريل / نيسان

طقس الأربعاء حار نهارًا ولطيف ليلًا في أسوان

GMT 04:30 2021 الثلاثاء ,30 آذار/ مارس

أفضل وجهات سفر لعشاق المغامرات

GMT 11:54 2021 الأحد ,07 آذار/ مارس

طريقة عمل مكرونة بصدور الدجاج

GMT 10:40 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

محمد شريف يحتفل ببرونزية كأس العالم للأندية

GMT 01:06 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

تلميذات يتخلصن من زميلتهن بالسم بسبب تفوقها الدراسي في مصر

GMT 21:22 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

مرور 17 عام على انضمام أبو تريكة للقلعة الحمراء

GMT 09:42 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

كرات اللحم المشوية

GMT 06:57 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

جماهير أرسنال تختار محمد النني ثاني أفضل لاعب ضد مان يونايتد

GMT 18:47 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تغيير اسم نادي مصر إلى "زد إف سي" بعد استحواذ ساويرس

GMT 07:26 2020 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

سعر الدولار في مصر اليوم الأربعاء 21تشرين أول /أكتوبر 2020
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon