بقلم : أشرف البربرى
ما دامت الحكومة لا تخشى محاسبة من برلمان أو إعلام أو حتى قوى مجتمعية يمكن أن تحتج على سياسات يراها الكثيرون غير مجدية، فلن نسمع من رجالها من يتحدث عن ترشيد النفقات وتعظيم استغلال الموارد والاستفادة من الأصول كوسيلة لمواجهة المشكلات المالية بدلا من اللجوء إلى الحل الأسهل بالنسبة لهم والكارثى بالنسبة للمواطن وهو زيادة الأسعار.
ففى عام 2017، كانت تذكرة الخط الكامل لمترو الأنفاق جنيها واحدا، وخرج علينا وزير النقل فى ذلك الوقت المهندس هشام عرفات ليقول إن «تذكرة المترو هنا بتجيب تقريبا بيضة ونص بينما فى فرنسا التذكرة بتجيب 7 بيضات» وقرر زيادة سعر التذكرة من جنيه واحد إلى جنيهن أى بنسبة 100% بمعدل زيادة لا يمكن أن يحدث فى فرنسا «صاحبة السبع بيضات». وقبل أن يمر عام واحد عاد الوزير ليرفع سعر التذكرة بعد تقسيم الرحلة إلى ثلاث مراحل فتصبح 3 جنيهات لعدد 9 محطات و5 جنيهات لعدد 16 محطة و7 جنيهات لأكثر من ذلك، فأصبحت التذكرة تشترى سبع بيضات وربما أكثر، قبل أن تركب أسعار البيض صاروخ فضاء لتحلق فى السماء.
ثم يمر عامان ويعود حديث خسائر المترو وتكلفة التشغيل العالية وضرورة زيادة سعر التذكرة رغم أنها أصبحت تشترى نفس عدد البيض الذى تشتريه فى فرنسا، فأصبحت تبدأ من 5 جنيهات وتصل إلى 10 جنيهات، لتشترى 10 بيضات فى ذلك الوقت «ونصبح أغلى من فرنسا بحساب البيض».
والآن يأتى السيد وزير النقل الحالى ليكرر الحديث عن الخسائر والديون وارتفاع نفقات التشغيل ليبرر زيادة جديدة فى أسعار تذاكر المترو والسكك الحديدية، وكأنه لا توجد أى وسيلة لضبط الأوضاع المالية لمرافق وزارة النقل إلا زيادة التذاكر، دون أن يتوقف مسئولو الحكومة كلها عند مخاطر هذه الزيادات المتتالية التى جعلت من فكرة الخروج من المنزل والذهاب إلى العمل بالنسبة للكثيرين أمر غير مجدٍ من الناحية الاقتصادية، فأصبح البعض يفضل عدم الذهاب إلى العمل وخصم أجر اليوم باعتباره الخيار الأرخص.
فالعامل الذى يحصل على الحد الأدنى للأجور وهو 2700 جنيه أى ما يعادل 90 جنيها يوميا، ويجد نفسه مطالبا بدفع أكثر من 35 جنيها لبند المواصلات فقط، قد يرى أن الأفضل ألا يذهب إلى العمل، فما بالكم بملايين الموظفين والعمال الذين يعملون فى القطاع الخاص ولا يحصلون على الحد الأدنى للأجور.
ما يحدث فى وزارة النقل يتكرر فى كل وزارات الحكومة، التى لا يجد مسئولوها أى حل للتعامل مع المشكلات المالية إلا زيادة العبء على المواطن المغلوب علي أمره. فالسيد وزير الكهرباء يرفع أسعارها ووزير الإسكان يرفع أسعار أراضى البناء ووحدات الإسكان الاجتماعى وبالطبع أسعار وحدات الإسكان دون المتوسط والمتوسط والفاخر، ووزير المالية يرفع الضرائب والرسوم على كل شىء، بدءا من شهادة الميلاد وحتى شهادة الوفاة ومجلس الوزراء يرفع أسعار الوقود.
والمحصلة التى وصلنا إليها على مدى السنوات الثمانى الماضية هى مزيد من تدهور الأوضاع الاقتصادية للبلاد وليس العكس بدليل أن مصر أصبحت ضمن أكثر 5 دولة معرضة لخطر التعثر فى سداد الديون، وقيمة الدين الخارجى تضاعفت أكثر من 5 مرات والدين المحلى أكثر من 4 مرات، رغم مضاعفة الأعباء على كاهل المواطن مرات ومرات.
الحكومة التى لا تملك إلا زيادة الأعباء على المواطنين بمبررات متكررة أو حتى مختلفة يجب أن تستقيل أو تقال.