توقيت القاهرة المحلي 11:36:35 آخر تحديث
  مصر اليوم -

كلام فى البطاطس

  مصر اليوم -

كلام فى البطاطس

بقلم - أشرف البربرى

بعيدا عن الكلام من نوعية «استغلال المستغلين، واحتكار المحتكرين»، فإن أزمة البطاطس وأسعارها ليست إلا نتيجة من نتائج فشل السياسات الزراعية للحكومة. فالتجار موجودون طوال الوقت، وثلاجات تخزين البطاطس مملوءة بالبطاطس فى كل حين، ولكن الأزمة وكما قال السيد وزير الزراعة شخصيا سببها انصراف المزارعين عن زراعتها فى الموسم الحالى بعد الخسائر التى تكبدوها فى العام الماضى نتيجة انخفاض أسعارها، وعدم تدخل الحكومة لتعويضهم عن هذه الخسائر كما تفعل أى حكومة رشيدة فى العالم.
ففى فبراير 2018 أى قبل أكثر من 10 أشهر قال أحمد العباسى عضو بالنقابة العامة للفلاحين، إن سعر طن البطاطس انخفض إلى 900 جنيه للطن أى 90 قرشا للكيلو وهو ما يكبد الفلاح خسائر وصلت إلى 7500 جنيه لكل فدان، دون أى تحرك من جانب الحكومة التى رفعت أسعار السولار مع ارتفاع أسعار الأسمدة والتقاوى والمبيدات، فكان من الطبيعى تراجع الإنتاج فى الموسم الحالى.
كان لدى مصر حتى مطلع تسعينيات القرن الماضى منظومة دعم زراعى جيدة، تضمن حصول الفلاحين على الأسمدة والتقاوى والمبيدات وعلف الماشية بأسعار مخفضة، بما يضمن استقرار الإنتاج الزراعى والحيوانى بغض النظر عن تقلبات الأسعار، ولكن الحكومة تخلت عن هذه المنظومة تدريجيا استجابة لتعليمات صندوق النقد الدولى، فأصبح الفلاح وزراعته ومعهما المواطن المصرى وطعامه فى مهب الريح.
ليس هذا فحسب بل إن الحكومة التى رفعت شعار بيع خدماتها وفقا لأسعار السوق العالمية، والتى تقول إن لكل خدمة ثمنا على المواطن دفعه، هى التى تداهم مخازن التجار وثلاجات التخزين لتصادر ما فيها دون أى تحقيق أو دليل على ممارسة هذا التاجر أو هذه الشركة للاحتكار لتصبح حيازة البطاطس فى ثلاجة بطاطس جريمة مثل حيازة المخدرات.
للاحتكار وممارسته تعريف قانونى وإجراءات لإثباته، أمام ما تمارسه الحكومة الآن فليس سوى محاولة لتشتيت الانتباه بعيدا عن فشل سياساتها أو عن نتائج «سياساتها الإصلاحية التى يجنى المواطن ثمارها الآن». 
فالمفترض وفقا للاقتصاد الحر الذى تصدع الحكومة رءوسنا بالحديث عنه أن يكون جهاز حماية المنافسة هو المسئول عن إثبات ممارسة أى تاجر أو شركة للاحتكار ثم معاقبته، أم مداهمة المخازن والثلاجات ومصادرة ما فيها من منتجات بدعوى الاحتكار والاستغلال فهذا عبث شديد.
والحقيقة أن أسعار البطاطس ليست سوى حلقة واحدة فى مسلسل ارتفاعات غير مسبوقة لأسعار المنتجات الزراعية، وإن كانت الناس «تخجل» من الشكوى منها باعتبارها من الكماليات.
هذه الأسعار المرتفعة ليست إلا نتيجة مباشرة لسياسات زراعية أقل ما توصف بها أنها غير رشيدة. فمنظومة الدعم الزراعى التى ظلت تعمل بانضباط ملحوظ حتى مطلع التسعينيات تم التخلى عنها، وعمليات صيانة الترع والمصارف تراجعت بشدة، فتدهورت كفاءة الأراضى الزراعية وتراجع الإنتاج لترتفع الأسعار إلى مستويات غير مسبوقة. 
لا حل لأسعار المواد الغذائية ما لم تعيد الحكومة النظر فى سياساتها الزراعية وتعيد الحياة إلى منظومة دعم زراعى حقيقى وجاد يعيد للفلاح الرغبة فى استغلال الأرض بدلا من تبويرها ويشجع الاستثمار الزراعى على نطاق كبير. فدون مثل هذا الدعم يصبح النشاط الزراعى غير جاذب للمستثمرين.

نقلًا عن الشروق القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كلام فى البطاطس كلام فى البطاطس



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد

GMT 16:48 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

المقاصة يسعى لاستعادة الانتصارات أمام الانتاج

GMT 14:39 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

"ثقافة أبوقرقاص" تنظم فعاليات في قرية الكرم وقصر الإبداع

GMT 01:22 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

العسيلي والليثي يطرحان أغنيتهما الجديدة "خاينة"

GMT 19:11 2015 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

مركز "محمود مختار" يستضيف معرض الفنان وليد ياسين

GMT 03:33 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

دار VIDA للمجوهرات تطرح مجموعة جديدة لامرأة الأحلام
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon