توقيت القاهرة المحلي 20:47:56 آخر تحديث
  مصر اليوم -

جنسية لا تباع ولا تشترى

  مصر اليوم -

جنسية لا تباع ولا تشترى

بقلم - أشرف البربرى

بعيدا عن الرفض المبدئى من جانب البعض لفكرة «بيع الجنسية» المصرية مقابل أى مبلغ من المال، بدعوى أن هذا امتهان لجنسيتنا العظيمة، وأنه يفتح الباب أمام اندساس عناصر يمكن أن تمثل تهديدا لأمننا القومى فى المستقبل، يظل السؤال المهم وهو هل لدى حكومتنا أى دراسات بشأن جدوى التعديل التشريعى الذى فتح الباب أمام منح الجنسية المصرية للأجنبى مقابل 7 ملايين جنيه، من الناحية الاقتصادية؟ وهل لدى الحكومة أرقام عن أعداد الراغبين فى الحصول على الجنسية مقابل هذا المبلغ المالى والذين لم يكن يحول بينهم وبين هذه الخطوة سوى غياب التشريع؟ وهل ناقش البرلمان ونوابه الموقرون هذه الجوانب قبل الموافقة على القانون الذى أثار ردود فعل سلبية لدى البعض فى الشارع المصرى؟

تجاربنا السابقة تقول إن حكوماتنا لا تهتم بمثل هذه «الأمور الهامشية» من نوعية دراسة الجدوى أو حتى دراسة التجارب السابقة للدول والشعوب الأخرى، لذلك لا ينتظر عاقل إجابات على مثل هذه الأسئلة.

بالطبع فالتشريع الجديد بشأن الجنسية ليس بدعة، ولا فريدا من نوعه، فالعديد من دول العالم المتقدمة لديها نظم مشابهة، بحيث تمنح جنسيتها لمن يقيم على أراضيها إقامة مشروعة لفترة من الزمن ولمن يمتلك عقارا بقيمة معينة وغير ذلك. يحدث هذا فى بريطانيا وفى قبرص ومالطا، وإسبانيا وأستراليا، بل والولايات المتحدة أيضا. 

لذلك فهل الجنسية المصرية قادرة على المنافسة فى هذه السوق؟. فالأجنبى الذى يحصل على جنسية قبرص مثلا مقابل استثمار نحو 3 ملايين يورو سواء بشكل مباشر أو بوضعها وديعة بنكية لفترة محددة، تعطى صاحبها جواز سفر يتيح له دخول 120 دولة بدون تأشيرة بما فى ذلك كل دول الاتحاد الأوروبى. والأجنبى الذى يحصل على الجنسية البريطانية، مقابل استثمار نحو 200 ألف جنيه إسترلينى يضمن لنفسه وأبنائه رعاية صحية واجتماعية على أعلى مستوى، ويضمن حمل جواز سفر يضمن له دخول كل دول أوروبا وأمريكا بدون تأشيرة وغير ذلك. 

معنى ذلك أن الجنسية المصرية ذات السبعة ملايين جنيه لن تستطيع المنافسة فى السوق، مادام المواطن المصرى الأصيل لا يتمتع بأى شىء مما يتمتع به أصحاب جنسيات الدول المنافسة. والخوف ألا نجد إلا «النطيحة والمتردية وما أكل السبع» هم الذين يسعون للحصول على جنسية بلد لا يوفر رعاية صحية حقيقية ولا نظاما تعليميا فعالا بل ولا حتى الحماية فى الخارج لمن يحمل جواز سفره أو جنسيته.

المشكلة أن القانون بالطريقة التى صدر بها، أثار حالة من السخرية وربما الإحباط والتشكيك لدى الكثيرين الذين تصوروا أن الأزمة الاقتصادية التى تمر بها البلاد دفعتها إلى عرض جنسيتها للبيع وهو أمر غير صحيح تماما، فى حين أن العائد من هذا القانون فى ضوء ما ذكرناه قد لا يغطى تداعيات هذه الحالة، وكان الأولى بالحكومة ومن ورائها البرلمان تأجيل مثل هذه الخطوة حتى تتوافر الظروف التى تجعل من الجنسية المصرية «سلعة جاذبة للزبائن فى سوق شديدة التنافسية».والحقيقة أن هذا القانون مثل غيره من القوانين والقرارات التى تتخذها الحكومة بلا دراسة للواقع ولا تحديد لما يمكن أن يتحقق منها على أرض الواقع، تماما مثل الإجراءات والقوانين التى تستهدف جذب الاستثمار الأجنبى فى حين أن المستثمر المصرى نفسه يعانى الأمرين فى بلده، ومثل الإعلان عن السعى لاستضافة كأس العالم لكرة القدم بعد 12 سنة من الآن، مع أننا مازلنا نلعب مبارياتنا بدون جمهور، بل ومازلنا عاجزين عن وضع جدول واضح لمباريات الدورى العام كما تفعل كل الدول المحترمة.
للأسف الشديد المنطق الذى يحكم الكثير من القرارات والقوانين ليس له صلة بالواقع، لذلك قلما يكون لهذه القرارات أو القوانين نتيجة ملموسة على الأرض، رغم كل ما يحيط بها من ضجيج.

نقلًا عن الشروق القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

جنسية لا تباع ولا تشترى جنسية لا تباع ولا تشترى



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:11 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة
  مصر اليوم - إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة

GMT 11:23 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
  مصر اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 20:23 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

مصر تؤكد على دعم سوريا وأهمية حماية المدنيين
  مصر اليوم - مصر تؤكد على دعم سوريا وأهمية حماية المدنيين

GMT 16:48 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

إياد نصار يُشوق متابعيه لفيلمه الجديد ويُعلِّق
  مصر اليوم - إياد نصار يُشوق متابعيه لفيلمه الجديد ويُعلِّق

GMT 11:08 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024
  مصر اليوم - الكشف عن قائمة بي بي سي لأفضل 100 امرأة لعام 2024

GMT 18:47 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

"فيفا" يكشف أسباب ترشيح ميسي لجائزة "الأفضل"

GMT 11:01 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

مصر تتفاوض مع شركات أجنبية بشأن صفقة غاز مسال طويلة الأجل

GMT 13:21 2018 السبت ,06 تشرين الأول / أكتوبر

الأهلي يتعاقد مع "فلافيو" كوم حمادة 5 سنوات

GMT 15:07 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 07:34 2018 الأربعاء ,18 تموز / يوليو

شيخ الأزهر يستقبل توني بلير ويعرب عن دعمه لمصر

GMT 06:35 2021 الثلاثاء ,15 حزيران / يونيو

خروج فتحي وسامي عن قائمة بيراميدز أمام سموحة

GMT 00:26 2021 الأحد ,23 أيار / مايو

عمرو جمال يقترب من الانضمام لـ«بيراميدز»

GMT 11:47 2020 الخميس ,24 كانون الأول / ديسمبر

شوبير يهاجم الكاف بسبب ملعب مباراة الأهلي وسونيديب

GMT 10:53 2020 الأحد ,13 كانون الأول / ديسمبر

الكاف يبحث مقترحا جديدا بشأن مباراتي الزمالك وبطل تشاد

GMT 04:30 2020 الإثنين ,02 آذار/ مارس

الزمالك يدرس بيع فرجاني ساسي ومحمود علاء

GMT 18:16 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

رينيه فايلر يرفض إراحة لاعبي الأهلي عقب لقاء المقاصة

GMT 04:01 2018 الثلاثاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

Brabus تستعرض أسرع سيارات مرسيدس من الفئة "G"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon